سكان بريف حلب الشمالي: صفقات تبادل الأسرى خيانة غيبت مصير معتقلينا
الباب – نورث برس
أثارت عملية تبادل أسرى جرت بين فصائل مسلحة موالية لتركيا والقوات الحكومية قبل عدة أيام بريف حلب، انتقاداً وجدلاً في الأوساط المحلية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي وذلك بعد تداول أنباء أن المفرجين عنهم “ليسوا معتقلي الحرب”.
وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي وبعض وسائل إعلام المعارضة أنباء ومقاطع فيديو للأسرى المفرجين عنهم من قبل حكومة دمشق وهم يشيرون إلى أنهم اعتقلوا قبل عدة أشهر أثناء توجههم إلى مناطق الحكومة وكان من بينهم سائقين.
ووصف سكان محليون عملية التبادل بـ “خيانة لمعتقلي الحرب ضد حكومة دمشق” وخاصة أن التبادل لم يشمل معتقلين سياسيين وعسكريين من المعارضة اعتقلوا منذ بداية “الثورة السوية” بل ضم أشخاصاً اعتقلوا مؤخراً وأفرج بالمقابل عنهم ضباط حكوميين وأسرى معارك.
والخميس الماضي، أجريت عملية تبادل أسرى بين الطرفين في معبر أبو الزندين بريف مدينة الباب شرق حلب.
وقال مصدر خاص، لنورث برس حينها، إن “عملية التبادل تمت بين فصائل الجيش الوطني الموالي لتركيا وحكومة دمشق بحضور ضباط روس وأتراك”.
وأشار المصدر إلى أنه تم تبادل خمسة أسرى من طرف الجيش الوطني واستلام خمسة أسرى من حكومة دمشق بحضور الهلال الأحمر السوري الذي أجرى عملية التبادل بين الطرفين.
وفي الثاني تموز/ يوليو الفائت، شهدت منطقة الباب في ريف حلب الشرقي، عملية تبادل للأسرى بين الجيش الوطني وقوات حكومة دمشق برعاية تركية – روسية وبإشراف الأمم المتحدة والصليب الأحمر الدوليين.
وحينها، أفرج عن خمسة أسرى لدى الجيش الوطني مقابل خمسة آخرين من طرف حكومة دمشق.
“التفاوض بضعف”
وكتب فراس احمد الثلجي على صفحته في الفيس بوك: “فشل تفاوضي بإمتياز لمن نسق ما سمي عملية تبادل الأسرى(مجازاً)، أولاً: سميت تبادل أسرى ووضعت الثورة في كفة الميزان الثانية مقابل النظام، ثانياً: المفرج عنهم من قبل النظام مدنيين(ليسوا أسرى)، ثالثاً: المفرج عنهم من قبل الفصائل هم ضباط للنظام وأسرى معارك، رابعاً: تبديل مدنيين معتقلين منذ أشهر قريبة جداً بضباط مقاتلين مأسورين منذ مدة طويلة”.
فيما علق مصطفى حسيناتو بالقول على صفحته في الفيس بوك: “عملية تبادل الأسرى تم من خلالها خروج الشبيحة من معتقلات النظام باعترافهم تم سجنهم لمدة أشهر وهم يعملون داخل مناطق النظام”.
وقال ماهر الأحمد (41 عاماً) وهو اسم مستعار لمعلم في مدينة الباب بريف حلب الشرقي لنورث برس إن “النظام” يحقق المكسب الأكبر في كل عملية التبادل.
وأضاف، “النظام يُخرج من يريد ونحن نخرج من كان يقبع عنده راضياً بحكمه ومؤيداً له”، في إشارة منه إلى أن المعتقلين المفرج عنهم اعتقلوا بينما كانوا يتوجهون برغبتهم إلى مناطق الحكومة.
وأشار المعلم إلى أن آلاف المعتقلين الذين اعتقلوا أثناء الحرب “وضحوا بكل شيء في سبيل العيش بحرية وكرامة، لا يزال مصيرهم مجهولاً حتى اللحظة دون أخذ أوضاعهم بعين الاعتبار”.
وتساءل “الأحمد” عن المعايير والأسس التي يتم البناء عليها أثناء عملية التبادل، “هل يا ترى من يدفع أكثر؟ أم هناك عملاء وخائنين في صفنا ويفاوضون باسمنا؟
لكن عنصر في الشرطة العسكرية بمدينة أعزاز فضل عدم نشر اسمه قال لنورث برس إن “المسؤولين عن ملف التفاوض يتفاوضون مع النظام بضعف دون إبراز القوة أثناء التفاوض”.
وتعود أسباب ذلك الضعف وفق قوله إلى عدم وجود “حنكة عسكرية وسياسية في جهة المعارضة للضغط على النظام”.
“أوامر تركية”
ووفقاً لما ذكره العنصر في الشرطة العسكرية لنورث برس أن هناك من يعملون على إبعاد ذوي الحنكة السياسية عن عمليات التفاوض لغايات شخصية، كما أن هناك أوامر وضغوط تركية باستلام الملف أشخاص محددين لا يتم تغييرهم.
ورأى العنصر أن “النظام” يلعب على وتر القوة في جميع عمليات التفاوض، فهو يجبر المعارضة على القبول بالأسماء التي سيتم إخراجها من طرفه بالإضافة لعددهم وإلا ستفشل العملية”.
وفي اليوم الذي جرت عملية التبادل، أصدرت وزارة الخارجية التركية بياناً قالت فيه إن العملية جاءت “في إطار المشروع السادس الذي أُعدّ تحت إشراف فريق العمل المعني بالإفراج عن الأشخاص المحتجزين- المختطفين قسراً وتبادل الجنازات وتحديد مصير الأشخاص المفقودين”.
وأشار البيان إلى أن فريق العمل الذي أُنشئ بمشاركة تركيا والاتحاد الروسي وإيران وكذلك الأمم المتحدة في نطاق عملية أستانة سيواصل أنشطته في الفترة المقبلة أيضاً.
ورأى محمد الشيخ وهو اسم مستعار لنازح من ريف إدلب ويسكن في مدينة الباب هو الآخر أنه كان من المفترض التفاوض على معتقلين سياسيين وعسكريين في المعارضة أو نساء معتقلات والتدقيق على أسماء معينة “دون التفاوض بعشوائية”.
لكنه شدد على ضرورة العمل على إخراج كافة المعتقلين من سجون الحكومة، “فالمعتقل من مدة قصيرة يستحق التعاطف معه حاله كحال المعتقل من عشرة أعوام”.