زينة الميلاد تفوق طاقة جيوب الدمشقيين ومسؤول للكهرباء يعلن ألا استثناء للتقنين
دمشق- نورث برس
تُنزل “أم طوني” (32 عاماً)، وهي سيدة من سكان بلدة جديدة عرطوز بريف دمشق، شجرة ميلاد اشترتها العام الماضي والزينة الخاصة بها من العلية، إذ تنشغل منذ مطلع هذا الشهر في التفكير بمستلزمات طقوس عيد الميلاد.
تقول بينما تلف حبل إضاءة حول الشجرة إنها لن تشتري أي مستلزمات جديدة من الأسواق هذا العام رغم مطالبة طفلها الصغير بزينة مختلفة.
وعملت السيدة التي اكتفت بالتعريف عن نفسها بـ”أم طوني” على حياكة زينة من الصوف بيديها حتى تجدد مظهر الشجرة القديمة في محاولة منها لإرضاء طفلها.
وأشارت إلى أن قطعة الزينة التي كانت تباع بـ 500 ليرة سورية العام الماضي أصبح سعرها خمسة آلاف ليرة وفي حال اشترت 20 قطعة فسيكلف ذلك 100 ألف ليرة سورية، “وهذا يفوق قدرتي”.
وهذا العام، ارتفعت أسعار أشجار عيد الميلاد والزينة أضعاف ما كانت عليه العام الماضي، حتى أن ثمن غالبيتها يكون وفق سعر الصرف ويختلف سعرها تبعاً لحجمها وارتفاعها.
وتجاوزت أسعار بعض الأشجار والتي كانت تباع العام الماضي بـ 150 ألف ليرة، حاجز 600 ألف ليرة سورية هذا العام.
لا كهرباء للإضاءة
وفي هذه الأثناء، لجأ البعض للاستعانة بما استخدموه العام الماضي، بينما حاول آخرون عبر ادخار مبلغ من المال شراء شجرة جديدة حتى إن كانت بحجم صغير.
وادخر علي أحمد (40 عاماً)، وهو من سكان عشوائيات المزة 86 في دمشق، 150 ألف ليرة سورية على مدار العام واشترى شجرة جديدة كان قد وعد أطفاله بها.
وفي إحدى الزوايا بمنزله وضع الرجل الأربعيني الشجرة بعدما وضع عليها القليل من الزينة.
وأشار “أحمد” إلى أنه أخبر أطفاله أنه يجب على كل واحد منهم أن يعلق أشياء يحبها حتى تكون سنته الجديدة حلوة وجميلة، فامتلأت الشجرة بزينة من صنع الأطفال وأغراضهم وألعابهم الشخصية القديمة.
ويعلم “أحمد” كما أم طوني أنه لن يستطيع إضاءة الشجرة في عيد الميلاد، “فمن أين تأتي الكهرباء؟ ستكون شجرة على العتمة”.
وفي السابع من الشهر الجاري، قال مدير التخطيط في وزارة الكهرباء السورية، أدهم بلان، إن الشهرين الحالي والمقبل هما الأصعب كهربائياً في هذا الشتاء.
ونقلت صحيفة “الوطن” شبه الرسمية عن “بلان” قوله إنه ليس هناك برامج تقنين ثابتة “لأن الكميات المتاحة من الطاقة الكهربائية هي التي تحدد برامج وساعات التقنين”.
وقبل يومين، نقلت “الوطن” عن مدير في وزارة الكهرباء أنه لن يكون هناك إعفاء من التقنين في ليلة رأس السنة الميلادية المقبلة “لعدم القدرة على تلبية الطلب وضعف المتاح من الطاقة الكهربائية”.
وأضاف المدير، الذي لم تكشف الصحيفة اسمه، أن حجم الطلب ارتفع خلال الأيام الأخيرة بمعدل 100 بالمئة حيث تجاوز الطلب على الطاقة 7500 ميغا واط في حين كان الطلب الطبيعي قبل موجة البرد بحدود أربعة آلاف ميغا واط متوقعاً أن تصل ذروة الطلب على الكهرباء في هذا الشتاء لحدود تسعة آلاف ميغا واط في حين المتاح حالياً لا يتجاوز ألفي ميغا واط.
“الكل تعبان”
ويبدو الحال في الأرياف أسهل قليلاً، فبدائل الشجر حاضرة بشجر طبيعي ويتحكم المحتفل بطول وعرض وارتفاع الشجرة مجاناً وتبقى الزينة فقط التي ربما تكلف قليلاً.
وقطع جرجس طلال (60 عاماً)، وهو اسم مستعار لأحد سكان منطقة وادي النضارة بريف حمص الغربي، نصف شجرة سرو من حديقة منزله واشترى القليل من القطن ليرشه على الشجرة لتدل على الثلج وعملت زوجته على حياكة زينة خاصة من الصوف.
وقال الرجل الستيني إنه لا يملك ثمن شراء شجرة وخصص كل نفقات العيد للحلويات التي خفف من كميتها هذا العام أيضاً واقتصر على الضروريات فقط من كعك العيد والبريش (صنف من الحلويات).
وأشار إلى أن الكثير من العائلات لن تضع شجرة الميلاد، “ما حدا عتبان، الكل تعبان”.
وتصدرت سوريا قائمة الدول الأكثر فقرا ًبالعالم، بنسبة بلغت 82.5%، بحسب بيانات موقع “World By Map” العالمي، التي وردت في تقرير له في شباط/ فبراير الماضي.
“كل شي غالي”
وفي مدخل سوق العصرونية وسط دمشق، ينفض أبو عمر (60 عاماً) الغبار عن الشجرة التي عرضها للبيع وزينها بالصنوبر وشريطة حمراء.
ويبلغ ثمن تلك الشجرة التي يبلغ طولها مترين 700 ألف ليرة سورية ومع زينتها يصل سعرها لـ 850 ألف ليرة.
ويجد البائع السعر “منطقياً جداً لأن كل شيء أصبح غالياً جداً”، فهو يقارن أنه يشتري الرز والسكر بسعر مرتفع وهو سيبيع بدوره بسعر مرتفع حتى يستطيع أن يشتري حاجات منزله الأساسية، على حد قوله.
وأشار أبو عمر إلى أن الإقبال على الشراء انخفض بنسبة 60 بالمائة عن العام الماضي وذلك لأن الأسعار ارتفعت خمسة أضعاف.
ويرى أن الإقبال على الشراء ورغم انخفاض نسبة المبيعات، “جيداً، إذا هناك سكان يشترون مهما ارتفع السعر”.
لكن خالد السيد (33 عاماً)، وهو اسم مستعار لتاجر مختص ببيع زينة وأشجار الميلاد في سوق العصرونية، قال لنورث برس إن الإقبال الأكبر على الشراء هو لأصحاب المطاعم والمقاهي والمتاجر والمنشآت والشركات التي تشتري أشجاراً لتزين بها مراكزها.
وذكر أن السكان بشكل عام يفضلون شراء زينة رخيصة وخاصة ما يناسب الأطفال، “فهناك زينة تباع بـ 15 ألف ليرة سورية وهناك بـ250 ألف ليرة”.
ويبلغ سعر أغلى شجرة لدى “السيد” 600 ألف ليرة سورية “وقابلة للتفاوض”.
ويعلل ارتفاع سعرها بأنهم لا يعملون ” إلا هذا الشهر وتبقى البضائع لدينا للعام المقبل ونبيعها وفق السعر الجديد أيضاً”.