عائدون إلى خان شيخون بريف إدلب: لا شيء يبشر بالخير هنا
حلب- نورث برس
لا ينوي أحمد اليوسف (60 عاماً)، العائد لتفقد منزله في مدينة خان شيخون الخاضع لسيطرة القوات الحكومية بريف إدلب الجنوبي، دعوة أي من أولاده للعودة لمنازلهم بعد أن شاهد ما نالها من دمار وتخريب و نهب.
يقول إن عودته بعد عامين من النزوح كانت بهدف الإعداد لجمع شمل أبنائه وأسرهم، “لكن لم يتبقّ شيء لا منازل ولا أدوات ولا حتى أبواب والشتاء قد بدأ”.
وتتبع خان شيخون الواقعة على الطريق الدولي حلب- دمشق لمنطقة معرة النعمان، وتبعد مسافة 37 كيلومتراً عن حماة و110 كيلومترات عن حلب و 70 كيلومتراً عن إدلب.
وفي الثالث والعشرين من آب/ أغسطس عام 2019، استعادت قوات الحكومة السورية السيطرة على خان شيخون، لتتبعها أعمال نهب واسعة من عناصر “قوات النمر” التي يقودها الضابط سهيل الحسن.
ونقلت الحكومة مقر مجلس محافظة إدلب إلى خان شيخون لإدارة شؤون أجزاء من ريف إدلب سيطرت عليه الحكومة بعد عمليات عسكرية خلال العامين 2019 و2020.
لكن العائدين إلى المدينة مؤخراً يقولون إنها ما زالت منطقة تماس عسكري ولا تصلح للاستقرار بسبب سلطة القوات العسكرية وانعدام الخدمات.
منطقة عسكرية بلا خدمات
يتذكر الرجل الستيني أنه خرج وزوجته حين كانت الطائرات تقصف المنطقة والمدفعية تزلزل الأرض، “كان خبر انتشار مسلحي النمر ينشر الرعب في المنطقة”.
ويضيف: “اتجهنا إلى سلقين في ريف إدلب، وكانت أعداد النازحين كبيرة، نمنا في الأراضي الزراعية، وكان ذلك على كل حال أفضل من التعرض للقصف والموت تحت الأنقاض”.
لكن ورغم مرور عامين، يستمر عناصر الفرقة الرابعة وقوات النمر في انتزاع الأبواب والنوافذ من المنازل بعد أت أفرغوها من الأثاث.
يقول “اليوسف”: “أكبر مع مزيد من القهر على بيتي وبيوت أولادي التي باتت الجرذان تلعب بها”.
وفي الحادي عشر من تموز/ يوليو الماضي، افتتحت الحكومة مركزاً صحياً في خان شيخون، لكن ذوي مرضى يقولون إنه بلا طبيب ولا أدوية.
وتقتصر الخدمة فيه على ممرض وحيد يقيس ضغط الدم لكبار السن أو يقوم بإسعافات أولية بسيطة.
ويقول قصي سبوه (35 عاماً) ، وهو مريض بالسكري الشبابي، إنه يحصل على حقن الأنسولين عن طريق أشخاص في حماة أو حلب بسبب عدم توفر مشاف أو مراكز قريبة.
ويدفع المريض 50 ألف ليرة سورية كل 20 يوماً ثمناً لإبر الأنسولين التي توزع في المراكز الصحية الحكومية مجاناً، لكنها لا تتوفر في خان شيخون.
وكان “سبوه” يحصل في سلقين الخاضعة لسيطرة هيئة تحرير الشام على أدويته من المنظمات الدولية.
يقول إن “الوضع هنا لا يبشر بالخير”.
وتمنع اللجنة الأمنية المنظمات الإغاثية من الدخول إلى المدينة، بحسب مصدر محلي مطلع.
جماعات مسلحة لمتنفذين
وتعتبر اللجنة الأمنية في خان شيخون صاحبة السلطة المطلقة للتحكم في شؤون ما تسميه “خط الدفاع الثالث ضمن منطقة خفض التصعيد”، وذلك بالتشارك مع فرع حزب البعث مجموعات أخرى لمسلحين موالين للحكومة.
ولم تدخل الوحدات الشرطية إلى المنطقة بسبب استمرار اعتبارها منطقة عمليات عسكرية لمواجهة مسلحي المعارضة غرباً من جهة إدلب.
ويقول صدام عبيدو (55عاماً)، وهو من سكان خان شيخون، إن مسلحين موالين للقوات الحكومية استولوا على ممتلكاته، واعتقلوه بسبب مطالبته بممتلكاته.
ويضيف لنورث برس: “وضع مسلحو جماعة (الطبل) يدهم على بيتي وأرضي المزروعة بأشجار الفستق الحلبي، كنت آمل حصاد الموسم هذا العام، لكنني بلا منزل ولا أرض هنا”.
و”الطبل” هو لقب لفؤاد عنداني، وعضو في مجلس الشعب بدمشق عن محافظة إدلب، ويقود مجموعة مسلحين يعرفون بلقبه.
ويقول سكان في خان شيخون إن هذه المجموعات تحكم سيطرتها على مختلف مفاصل الحياة من تجارة وممتلكات للسكان وإنتاج زراعي كان آخره محصول الزيتون.
وتقدم المزارع بشكوى للجنة الأمنية وفرع حزب البعث في المدينة، لكن مسؤولي الجهتين رفضوا استقباله والاستماع له، على حد قوله.
وفي السادس عشر من هذا الشهر، أعفت قيادة حزب البعث أمين فرع إدلب وأعضاء فيه من مهامهم.
وقالت صحيفة “الوطن” شبه الرسمية إن سبب الإعفاء كان تقرير للجنة رقابية رصد “مخالفات وتجاوزات”.
وحين عاد الرجل للدفاع عن أرضه ومنع بيع محصوله وجد نفسه ملقى في السجن طيلة أسبوع.
يصف “عبيدو” ما حدث معه بـ” تشارك الجهات الحكومية في سلب ممتلكات السكان في زمن ضاعت فيه الحقوق”.