حوادث سرقة ورشاوى علنية في مطار دمشق الدولي

دمشق- نورث برس

 يصف وليد عاصم (35 عاماً)، وهو اسم مستعار لأحد سكان منطقة أبو رمانة وسط دمشق سافر مطلع هذا الشهر للإمارات، ما تعرض له في مطار دمشق بالإهانة، إذ أجبر على دفع رشاوى وتعرض لابتزاز تحقيق وتفتيش أمتعته.

وقال الرجل الثلاثيني إن “الرشوة” طلبها منه موظف في المطار بشكل علني أثناء قطعه لتذكرة السفر.

وأشار إلى أنه راجع أمن المطار وقدم شكوى بالحادثة، “إلا أنني لم أستفد شيئاً ولم يتخذوا أي إجراء بحق الموظف وكأن شيئاً لم يكن”.

وأضاف “كان الموقف مخزياً، عدا فوضى المواعيد وانعدام النظافة وتعقيد إجراءات التفتيش، فإن موظفي المطار يعاملونك بسوء إن لم توزع عليهم الرشاوى”.

ومنذ ستة أعوام، يعمل “عاصم” في تجارة المواد التجميلية بين دمشق ودبي، “ولكن كل هذا الوقت لم يكفني لأعتاد وأتقبل الفساد والإهانات والرشاوى في مطار بلدي”.

ويقول مسافرون عبر مطار دمشق الدولي إن “الرشاوى” باتت تطلب منهم بشكل علني في المطار، إلى جانب استمرار عمليات سرقة محتويات الحقائب.

ويشير آخرون إلى أن السفر عبر المطار يعرضهم “لابتزاز” من موظفين وعساكر وعاملين فيه وأنهم يقعون بين خيارين، إما أن يدفعوا رشاوى أو أن يتم عرقلة خروجهم عبر استمرار التفتيش وتأخير خروج الحقائب.

ويعتبر مطار دمشق الدولي هو أكبر مطار دولي في سوريا ويقع 25 كم شرق دمشق وتم إنشاؤه عام 1970.

“السرقة ظاهرة قديمة”

ووفقاً لما ذكره “عاصم”، لنورث برس، فإنه تعرض “للإهانة” أثناء عملية تفتيش أمتعته، وسُئل بشكل مباغت عن وجهته ومهنته والهدف من زيارته.

يتساءل الآن: “هل هذا مطار أم ثكنة عسكرية؟ واجهة البلد الحضارية والسياحية هي المطار، لكنه جعلت من القادم أو المغادر يدرك إلى أي مدى من الانحطاط وصل إليه حال البلد”، على حد تعبيره.

واحتلت سوريا المرتبة الثانية عربياً والثالثة عالمياً للعام 2021، من بين الدول الأكثر فساداً في العالم، بحسب منظمة الشفافية الدولية الذي شمل تصنيفها 180 دولة.

والعام الماضي، تعرض رضوان الأحمد (50 عاماً)، وهو من سكان حي المهاجرين شمال دمشق، لسرقة بعض الأمتعة من حقيبته في مطار دمشق عندما كان عائداً من الكويت.

وقال الرجل الخمسيني، بينما كان ينتظر إقلاع طائرته إلى لبنان، إن “سرقة الأمتعة من حقائب المسافرين من قبل العمال والحمالين ظاهرة قديمة”.

وفي العاشر من أيلول/ سبتمبر الفائت، تداولت صفحات محلية حادثة تعرض المسافرين الذين وصلوا عبر رحلتين قادمتين من الإمارات إلى مطار دمشق لسرقة بينما كانوا يقومون باستكمال إجراءات مغادرة المطار، قبل أن يلاحظوا انخفاض أوزان حقائبهم عقب استلامها.

وبعد أسبوع من الحادثة، أصدرت وزارة النقل السورية بياناً حول الحادثة عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، نفت فيه تعرض المسافرين العائدين من الإمارات لسرقة.

 واعتبرت ما نُشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي هو سلسلة من “حملات ممنهجة، تهدف إلى التشهير بالمطار وبمؤسسات الحكومة السورية”.

لكن “الأحمد” أضاف بتهكم أن “انعدام الخدمة في المطار والفوضى مع طلب الرشاوى والابتزاز، أمور ليست بالجديدة على السوريين”.

ورأى أن الإجراءات الأمنية يجب أن تكون أكثر تشديداً على العمال المكلفين بنقل الحقائب وترتيبها.

“عوجة والطابق مكشوف”

ويصنف مطار دمشق الدولي بمستوى نجمتين من أصل خمس نجمات وفق سكايتراكس، وهي شركة متخصصة بتصنيف خطوط الطيران من حيث مستوى المرافق والراحة والنظافة والتسوق والطعام والمشروبات وخدمة الموظفين والأمن.

وتقول سكايتراك  إن مطار دمشق “مبنى قديم ذو معايير مخيبة للآمال. المرافق محدودة للغاية، كما أن اختيار المتاجر وخيارات الأطعمة والمشروبات رديء للغاية”.

وبالرغم من كثرة السياح قبل عام 2011، لم تتم أي عملية تطوير أو تجميل للمطار، إذ ما يزال المطار كما هو منذ افتتاحه، بحسب تصريح سابق لموظف إداري في المطار لنورث برس.

 واعتادت نادية المصري (62 عاماً)، وهي من سكان حي كفر سوسة جنوب دمشق وتقيم منذ عامين في الإمارات، أن تزور أبناءها الثلاثة وأحفادها في سوريا مرتين سنوياً.

وبعد انتظار طويل، أنهت السيدة الإجراءات الأمنية والروتينية الخاصة بالعائدين من الخارج.

تقول بتهكم: “أعوذ بالله من مطار دمشق ومن موظفيه، بكل سفرة أعمل حسابي وأضع أغراضي بحقيبة قديمة حتى لا ينتبهون لها، ففي كل سفرة تفرغ الحقيبة من محتوياتها”.

وأضافت: “كل هذا الاعوجاج وعلى مرأى من الجميع ولا أحد يتحرك.. فعلاً عوجة والطابق مكشوف”.

و”عوجة والطابق مكشوف” هو شارة المسلسل السوري “يوميات مدير عام” الذي تناول عمليات الفساد والاحتيال في الدوائر الحكومية بأسلوب فكاهي.

ورأت السيدة الستينية أن إصلاح المطار يحتاج إلى “صيانة أخلاقية وليس صيانة في الأثاث، فالوضع هنا لا يطاق مع كل هذا الفساد”.

إعداد: ياسمين علي – تحرير: سوزدار محمد