ارتفاع إيجارات المحال التجارية في سوق بالرقة وغياب آليات ضبطها

الرقةــ نورث برس

يبحث جمعة الخالد (33 عاماً) عن محل في سوق شارع تل ابيض في مدينته الرقة، شمالي سوريا، ليستأجره ويطور تجارته من بسطة في الشارع إلى محل، وتجنباً لأمطار الشتاء، لكن ارتفاع سعر أجرتها السنوية المطلوبة، جعلته يعيد حساباته.  

يقول لنورث برس إنه كان يريد تطوير عمله في بيع الإكسسوارات والأقمشة والابتعاد عن ضجيج السكان والسيارات في الشارع المزدحم.

ويرى أصحاب بسطات منتشرة في سوق شارع تل أبيض أن ارتفاع إيجارات المحال يتسبب باحتكار “التجار الكبار” للسوق، وأن ذلك عامل لارتفاع أسعار السلع.

ووصلت أجرة بعض المحال التجارية في سوق شارع تل أبيض وسط مدينة الرقة إلى ثمانية آلاف دولار أميركي للعام الواحد، بحسب تجار في المدينة.

يشير البائع إلى أن أسعار البضائع على البسطات تقل بنسبة نحو 25 بالمائة عن المحال التجارية التي تدفع إيجارات ورسوماً.

ويضيف: “لكن للعمل على البسطات مشاقها من نقل يومي للبضاعة وتحمل برد الشتاء، إلى جانب ما يعانيه أصحابها لإيجاد مكان لوضع البسطة في الشارع”، بحسب “الخالد”.

 وغالبية بضائع سوق شارع تل أبيض الذي يتوسط المدينة من القماش والأحذية الإكسسوارات والذهب والأثاث المنزلي ومنتجات أخرى.

حركة بيع نشطة

ورغم أن الأسعار قد تكون أعلى بكثير تبعاً لموقع المحل ومساحته، إلا أن الأجرة السنوية للمحال التجارية الموجودة في الصف الشرقي من شارع تل أبيض تبلغ وسطياً خمسة آلاف دولار أميركي، بينما تكون الأجرة في الجانب الغربي للشارع نحو 2.500 دولار.

ويعود تفاوت الإيجارات بين جانبي الشارع إلى حركة البيع النشطة في الطرف الشرقي، وضعفها في الغربي حيث تكثر البسطات وتتمركز مواقف السيارات جانبه، بحسب تجار في السوق.

ويرى “الخالد” أن سبب زيادة الطلب على المحال في شارع تل أبيض وارتفاع إيجاراتها يعود لتمركز عيادات الاطباء في الطوابق العلوية للمحال، ما يجعل الموقع مقصداً لسكان المدينة وريفها.

وفي وقت سابق استأجر البائع محلاً في سوق شارع القوتلي الذي تتراوح إيجارات المحال فيه بين 50 دولار و100 دولار أميركي شهرياً، لكن قلة مبيعاته دفعته للعودة إلى بسطته في سوق شارع تل أبيض.

ويُعرف سوق شارع القوتلي، الذي يقع شرق دوار الساعة في الرقة، باقتصاره على بيع المواد الغذائية والأدوات الزراعية والخردوات.

 وهو من أقدم الأسواق في مدينة الرقة، وسمي أيضاً بالسوق الشرقي لتمركزه في الجزء الشرقي للمدينة ولكثرة ارتياده من سكان القرى الشرقية الذين يبيعون مشتقات الاغنام والخضار ويشترون مستلزمات للحياة الريفية.

 انتقال أصحاب محال

 ومنذ بداية العام الجاري، اضطر أحمد المحمود (40 عاماً)، وهو نازح من دير الزور يعيش في الرقة، لترك محل استأجره في شارع تل أبيض، ليصبح عاطلاً عن العمل بعد أن طلب منه المالك ضعف سعر الأجرة للعام الجديد.

وقال إن مالك المحل طلب منه 4.500 دولار أميركي لعقد جديد هذا العام، رغم أن العقد السابق ينص على دفعه 1200 دولار.

ويضيف أن “المبلغ الجديد يفوق طاقتي”.

ويرى “المحمود” أن اختصاص سوق تل أبيض ببيع منتوجات محددة شجع مالكي المحال على رفع الايجارات.

وتعتبر مهنة بيع القطع الفضية في مدينة الرقة قليلة الربح وضعيفة التسوق، بحسب البائع الذي يقول إن “ارباحها لا تتناسب مع الأجرة المطلوبة”.

ويتحول مالكو المحال التجارية في شارع تل أبيض إلى مهن تختص بها السوق كبيع الأقمشة، بينما يقوم آخرون بتأجير محالهم ونقل أعمالهم لأسواق أخرى تناسبها.

ويعتقد “المحمود” أن ارتفاع أجرة المحل تنعكس سلباً على المستهلك بالدرجة الأولى، وتؤثر بشكل كبير على كمية البيع، كما تقلل نسبة الربح للبائع.

ويرى أن وضع سلطة رقابية على الإيجارات والأسعار عموماً ووضع قانون يحمي السكان من الغلاء سيخدم الجميع.

لا حلول مرتقبة

وحاولت نورث برس التواصل مع بلدية الشعب في الرقة للاستفسار عن وضع أسعار إيجارات المحال التجارية في المدينة، إلا أنها لم تُدلِ بأي معلومات عن الموضوع.

كما لم تعلق هيئة الاقتصاد في مجلس الرقة المدني عن الموضوع، واكتفت بأنه لا توجد قوانين أو نظام يحدد إيجارات المحال التجارية في الأسواق  المختلفة.

وأشار المكتب الإعلامي للجنة الاقتصادية في مجلس الرقة المدني إلى أن استكمال تأسيس مكتب التجارة في مدينة الرقة سيعطي الدور الأول له بخصوص تحديد الأسعار وهامش الربح.

وفي شهر تموز/يوليو استحدث مكتب التموين وهو تابع إدارياً لهيئة الاقتصاد في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، وتتضمن طبيعة عمله ضبط الأسعار وحماية المستهلك.

إعداد: حسن العلي ـ تحرير: عمر علوش