سكان في درعا يعزفون أو يقللون استهلاك الدجاج

درعا- نورث برس

استغنى راضي العاقل (43 عاماً)، وهو اسم مستعار لأحد سكان مدينة درعا، جنوب سوريا، عن شراء الدجاج هذه الأيام بسبب ارتفاع سعره وعدم تناسبه مع راتبه.

وكان الرجل الذي يعمل في محل لبيع الخضراوات في حي طريق السد بدرعا، يشتري الدجاج مرة واحدة اسبوعياً أو كل عشرة أيام، إذ أن راتبه الذي  يبلغ عشرة آلاف ليرة سورية يومياً لايكفي لشراء أكثر من ذلك.

يقول إنه لم يعد باستطاعته حالياً شراء الدجاج حتى ولو مرة واحدة شهرياً، وخاصة أن سعر الدجاجة الواحدة وصل إلى ما يقارب 18 ألف ليرة سورية تقريباً، “رغم أنها لا تكفي لعائلتي المكونة من سبعة أفراد”.

ومؤخراً، شهدت أسعار الدجاج كما معظم المواد الأخرى ارتفاعاً ملحوظاً في درعا، حيث وصل سعر الكيلوغرام الواحد إلى ثمانية آلاف ليرة سورية، بعد أن كانت تباع قبل أيام قليلة بخمسة آلاف و500 ليرة.

وتستمر الأسعار في سوريا في الارتفاع مع انخفاض جديد تسجله قيمة الليرة السورية هذه الأيام إذ بلغ سعر صرف الدولار الأميركي الواحد في أسواق دمشق يوم أمس السبت، 3.570 ليرة سورية، بحسب موقع الليرة اليوم المتخصص بأسعار الصرف.

مداجن مغلقة

ويرجع مازن السامح (50 عاماً)، وهو صاحب مدجنة في درعا، سبب الارتفاع “المفاجئ” لسعر الدجاج إلى عدة أسباب أبرزها نفوق أعداد كبيرة من الدجاج نتيجة انخفاض درجات الحرارة في الشتاء، وانتشار مرض “البرونشيت” بين الطيور.

إضافة لاعتماد أصحاب المداجن على شراء المازوت أو الحطب من السوق السوداء، “بأسعار مرتفعة”، لتأمين التدفئة اللازمة للدجاج.

وشهدت أسواق درعا، مؤخراً، فقدان أصناف من الأدوية البيطرية المستخدمة في علاج الدجاج، إذ اضطر مربو دواجن لاستقدامه من البلدان المجاورة كلبنان والأردن “بأسعار مرتفعة جداً” بسبب فرق سعر الصرف بين العملات.

ويصل سعر الطن الواحد من الحطب إلى ما يقارب 600 ألف ليرة سورية، “والمدجنة بحاجة إلى طن واحد على الأقل أسبوعياً”، بحسب “السامح”.

وتضم درعا أكثر من 700 مدجنة تتركز معظمها في الريف الشمالي، إلا أن ارتفاع تكاليف تربية الدواجن وتكبد المربي خسائر أجبرت أكثر من نصف أصحاب الدواجن للتوقف عن العمل.

ويقول قاسم الجاحد (35 عاماً)، وهو صاحب محل لبيع الدجاج في درعا، إن بيع الدجاج خلال الفترة الماضية شهد تراجعاً ملحوظاً.

وقبل الارتفاع، كان “الجاحد” يبيع ما يقارب ثلاثة أقفاص يومياً، بينما يبيع حالياً ما يتراوح بين 10 و15 دجاجة فقط، باستثناء يوم الجمعة الذي يشهد إقبالاً أكثر من غيره.

تقليل استهلاك

وتصدرت سوريا قائمة الدول الأكثر فقراً بالعالم، بنسبة بلغت 82.5%، بحسب بيانات موقع “World By Map” العالمي، التي وردت في تقرير له في شباط/ فبراير الماضي.

ويقول مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية إن أكثر من تسعين في المئة من السكّان في سوريا يعيشون تحت خط الفقر.

وفي هذه الأثناء، قرر عبد الكريم سليمان (54 عاماً)، وهو اسم مستعار لأحد سكان حي طريق السد بدرعا، التقليل من شراء الدجاج بعدما ارتفع سعره.

وقبل ذلك، كان الرجل الخمسيني والذي يعمل سائقاً لسيارة أجرة (تكسي) يشتري الدجاج مرة واحدة أسبوعياً أي ما يعادل أربع مرات شهرياً، إلا أنه حالياً يكتفي بشرائه مرة كل أسبوعين.

ويجد هو الآخر أن ارتفاع السعر لم يعد يتناسب مع دخله الشهري وخاصة أن أجره اليومي يبلغ 15 ألف ليرة سورية أو أكثر بقليل، “في حين أن الحد الأدنى للمصروف اليومي لعائلتي هو 25 ألف ليرة”.

ويبحث السائق عن عمل آخر إلى جانب عمله الحالي بهدف زيادة دخله الشهري ليتناسب مع متطلبات عائلته المكونة من أربعة أفراد.

ويشير “سليمان” إلى أن ارتفاع أسعار الدجاج واللحوم أصبح يقف عائقاً أمام اجتماع العائلات على مائدة واحدة عند أحد الأشقاء كما كانت عليه العادة سابقاً.

 إعداد: مؤيد الأشقر- تحرير: سوزدار محمد