عمال في الرقة: نقص فرص العمل تتسبب بتأخر سداد الأجر وتخفيضه
الرقةــ نورث برس
ما يزال عبد القادر الحواس (٥٦عاماً)، وهو عامل في الرقة شمالي سوريا، ينتظر أجره المتفق عليه لقاء إزالة ركام منزل قبل ثلاثة أشهر.
يجلس الآن في ساحة المتحف منتظراً فرصة عمل من السابعة صباحاً، ولا يفقد الأمل حتى الرابعة مساءً.
وتضم الرقة ساحات عامة يجلس العمال فيها في انتظار فرصة عمل، ويقصدها أصحاب المهن وأرباب العمل لجلب عمال وفق أجر يتفق عليه بين الطرفين.
ويقول عمال في الرقة إن عدم توفر أعمال تكفي العمال المتجمعين يعطي أرباب العمل فرصة لتخفيض الأجر وتأجيل دفعه.
وقال “الحواس” الذي يتحدر من قرية رقة سمرا، ثمانية كيلومترات شرق الرقة، إنه مستاء لكثرة مطالبته صاحب العمل بأجره.
وأضاف، لنورث برس، أنه وافق على عدم استلام أجره حتى انتهائه من العمل، لكنه لم يتوقع أن يؤخر صاحب المنزل المبلغ لثلاثة أشهر.
لا شكاوى حرصاً على العمل
ولا يفضل غالبية العمال التقدم بشكاوى لجهة رسمية، خشية إغضاب أرباب عمل وعزوفهم عن طلبهم أو التشهير بهم بين السكان، بحسب “الحواس”.
كما أن فرص العمل القليلة أصلاً تجعل العامل حريصاً على عدم توفير أي منها لسد احتياجات ومصاريف متزايدة لعائلاتهم.
يشير العامل الخمسيني إلى تجمع العمال في ساحة المتحف، واندفاعهم نحو أي سيارة متوجهة لهم على أمل الحصول على بعض المال نهاية اليوم.
وقد يتبارى بعض العمال في تخفيض أجورهم أثناء أحاديثهم الفردية مع صاحب العمل “على جنب”، وهو ما ينعكس سلباً على الجميع، على حد قول “الحواس”.
كل ذلك يجعل أرباب العمل في موقع يتمكنون فيه من تخفيض الأجر أو تأجيل السداد أو طلب أداء عمل إضافي إلى جانب ما اتفق عليه.
لكن العامل يصبح محاصراً باحتياجات عائلته وتحت ضغوط عدم توفر الفرص.
يقول الرجل: “في بعض الأيام نعمل طيلة النهار مقابل ما يعادل دولاراً واحداً، لعدم توفر فرصة جيدة”.
أجور لا تسد الاحتياجات
ويجني “الحواس”، الذي يعيل أسرة مكونة من سبعة أشخاص، ما يقارب ٢٠٠ ألف ليرة سورية في الشهر، على حد قوله.
ونهاية كل يوم، يعود إلى منزله حاملاً بعض الاحتياجات أو بيد فارغة مما تحتاجه عائلته من طعام واحتياجات أخرى.
وقال إبراهيم الخلف (٢٩عاماً)، وهو عامل في الرقة، لنورث برس، إنه يستلم أجرة عمل سابق له في بستان على أطراف المدينة “بالتقسيط”.
ويشير بذلك لتأخير صاحب البستان سداد أجر عمله لـ15 يوماً لديه.
وأضاف: “لو استلمت المبلغ دفعة واحدة، لتمكنت من شراء مدفأة جديدة لعائلتي هذا الشتاء”.
ويعيل “الخلف” ثلاثة أطفال وزوجته ووالدته المسنة التي تحتاج أدوية.
ولأن ما يكسب من عمله لا يغطي مصاريف عائلته، استغنى عن أصناف غذاء وألبسة جديدة كما أنه استبدل سجائره بنوع آخر أقل ثمناً.
يقول إنه لم يكن سيرضى بتجزئة دفع أجره وتأخيره بهذا الشكل، لولا أمله في الحصول على فرصة عمل أخرى لدى صاحب البستان في مواسم أخرى.
آليات لا تبلغ هدفها
ويصف عبد القادر الحواس بطاقة لاتحاد العمال بـ”حبر على ورق لا تنفع بشيء”.
واتحاد العمال هو إحدى منظمات المجتمع المدني، يعمل كصلة وصل بين مؤسسات وقوانين الإدارة الذاتية من جهة والشرائح الاجتماعية والفعاليات الاقتصادية من جهة أخرى.
وقال ظاهر العبد الله، وهو الرئيس المشارك في اتحاد العمال بالرقة، إن سبب انخفاض الأجر هو التدهور الاقتصادي في المناطق السورية عموماً بعد سنوات من الحرب.
واضاف أن اتحاد العمال تدافع عن حقوق العمال وتبلغ أرباب العمل الذين لم يوفوا أجور العمال، “وان لم يسددوا ما عليهم من حقوق العامل ستتحول القضية إلى المحكمة”.
ويبلغ عدد أعضاء اتحاد العمال في الرقة عشرة آلاف و800 عامل.
وحدد الاتحاد أجر العمل بـ 1500 ليرة سورية للساعة الواحدة، لكن قلما يلتزم بها أرباب المهن وأصحاب الأعمال، بحسب “العبدالله”.
ورغم أن العمال هم الفئة الأكثر تضرراً، لا يملك اتحاد العمال بالرقة آليات أخرى لفرض تسعيرة الأجور على الأرض، بحسب “العبدالله”.
وقدم اتحاد العمال للحاصلين على بطاقة عضوية تخفيضات لأسعار الأدوية في الصيدلية العمالية بالمدينة، وحسومات على معاينات أطباء متعاقدين مع الاتحاد.
لكن عمالاً في المدينة يعتبرون هذا غير كافٍ، بينما يقول مسؤولو الاتحاد إنه لا يمكنهم حفظ حقوق العمال جميعهم ما لم يتقدموا بشكاوى.