رجل يستمر في خدمة كنيسة قريته بريف ديرك رغم هجرة السكان

ديرك- نورث برس

 يخرج أديب إبراهيم حنا، صبيحة كل يوم، لأداء الصلاة في  كنيسة مريم العذراء المقابلة لمنزله في قرية “برا بيت” شمال مدينة ديرك أقصى شمال شرقي سوريا.

وحيداً يشعل الرجل الستيني شمعته، ويؤدي الصلاة قبل أن يجلس على أحد المقاعد ويتأمل حوله هذه الكنيسة التي طالما عجت سابقاً بالزوار والمصلين.

ويعود تاريخ بناء كنيسة القرية، التي تبعد ثمانية كيلومترات عن مدينة ديرك، للقرن الرابع أو الخامس الميلادي, بحسب ما يروي “حنا”.

 ويعود تاريخ تجديد الكنيسة إلى نهاية خمسينات القرن الماضي حين روى راع كردي من المنطقة حلماً رآه، وأوصله وكيل الكنيسة إلى مطران الأبرشية في الحسكة.

وبعد الحلم الذي تكرر حول وجوب ترميم الكنيسة، بدأ المطران بجمع التبرعات من الكنائس المحلية لإعادة الترميم, وبدأت أعمال الترميم عام 1958 واستمرت لنحو عام.

 ومن بين الأعياد المريمية، تم تخصص الكنيسة للاحتفال بعيد بركة السنابل الذي يصادف الخامس عشر من أيار/ مايو، ليقام فيها القداس كل عام.

ويبلغ طول البناء الحالي للكنيسة نحو 17متراً بعرض عشرة أمتار, وسابقاً كانت أرضيته مرصوفة بالأحجار القديمة إلا أنها فرشت بالإسمنت بعد الترميم.

عائلة خدمت الكنيسة

وبقي السيد أديب مع زوجته في القرية بعد انتقال أبناءه ومعظم السكان لمدينة ديرك أو هجرتهم إلى خارج البلاد.

يقول إن والده كان يخدم الكنيسة مذ كان شاباً، وهو مع أفراد عائلته تربوا وكبروا في القرية في خدمة الكنيسة وزوارها الذين كانوا بالمئات في السابق ويشرف على ذلك وكيل للكنيسة.

وكانت وصية والده هي المحافظة على الكنيسة، “فهي تحميهم من البلاء وتبارك في رزقهم”، على حد وصفه.

ويتذكر أن والده كرر الوصية نفسها لزوجته قبل أن يتوفى.

واستلم الابن خدمة الكنيسة منذ 27 عاماً, وما زال يقوم بالأعمال مع زوجته ويستقبلون بكل ود الزوار من كافة المكونات في المنطقة.

يقول إنهم لا يقتصرون على المسيحيين، فالسكان الكرد والعرب يقصدونها أيضاً أملاً في شفاء من مرض أو بركة في الرزق.

ذكريات عن القرية

وكان أول قس يتذكره “حنا” لهذه الكنيسة هو القس برصوم يوسف الذي خدم لمدة خمس سنوات, ليأتي بعده القس موسى بن عيسى لما يقارب 14عاماً.

لكن ومنذ أن جعلت الهجرة نحو المدينة أو خارج البلاد قرية برابيت شبه فارغة، حول المطران الكنيسة إلى مزار، مع المحافظة على تنظيم القداس مرتين أو ثلاث مرات في العام.

وتعيش حالياً ثلاث عائلات في القرية بعد أن كان عدد سكانها منذ عقود 26 عائلة.

ويقول من يرعى مبنى الكنيسة الآن إنه كان شاهداً على شفاء مرضى هنا وظهور السيدة مريم على شكل نور.

 لكنه يتحسر على قلة الزوار الآن بعد أن كانوا يحضرون وفوداً حتى من المناطق السورية الأخرى ولبنان.

وفي الأعياد كانت الأعداد أكبر، وكانت الولائم تقام هنا، لكن الأعداد تناقصت نتيجة هجرة السكان وظروف الحرب في سوريا.

ويستقبل “حنا” الآن أي زائر ومهما كان دينه أو لغته أو لونه، يدعوه لإشعال شمعة والصلاة والدعاء، بينما يصلي هو في قلبه لأن تستجاب حاجة الزائر.

إعداد: سولنار محمد- تحرير: حكيم أحمد