نقص الوقود في الرقة وتشديد الرقابة على بيعها خارج المحطات

الرقة- نورث برس

خلف 27 سيارة أخرى، ينتظر عيد الهلال (38 عاماً)، وهو بائع خضار في مدينة الرقة شمالي سوريا، دوره منذ أربع ساعات أمام محطة المحروقات وسط الازدحام بسبب نقص توفر الوقود.

وكل يومين يقضي الرجل ساعات هنا للحصول على مادة البنزين قبل أن يتجول ببضاعته في المدينة على سيارته “السوزوكي”.

يقول لنورث برس إن نصف نهار عمله يضيع سدى أمام المحطة.

ويضيف: أقف من الساعة السادسة صباحاً إلى نحو الثانية ظهراً في كل مرة، لتزويد سيارتي بـ 19 لتر من البنزين”.

ويصعب، هذه الأيام، حصول سكان وسائقي سيارات في الرقة على وقودي المازوت (الديزل) والبنزين، بينما أصدرت الإدارة الذاتية قراراً تمنع بموجبه بيع المشتقات النفطية خارج المحطات المرخصة.

لكن “الهلال” يرى أن قرار منع البيع على البسطات وفي المحال كان يجب أن يقابله توفير كميات كافية في المحطات المعتمدة. 

وفي التاسع والعشرين من الشهر الفائت، أصدرت الإدارة العامة للجمارك قراراً بمنع بسطات ومنافذ بيع المحروقات “غير المرخصة” في جميع مناطق الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا.

ومنح القرار أصحاب البسطات مهلة مدتها 15 يوماً من تاريخ إصدار القرار لإزالتها من الشوارع والأرصفة، لتطبيق القانون لمنع التهريب ومحاسبة المخالفين.

وتضم الرقة وريفها ٥٦ محطة محروقات، ١٢ منها في المدينة، و١٦ في الريف الشرقي، وعشرة في الريف الغربي، وتسع محطات في كل من الريفين الجنوبي والشمالي.

وخصصت إدارة المحروقات في الرقة المدينة أربع محطات لتوزيع وقود المازوت للسيارات، بينما توزع الثمانية الأخرى البنزين ومازوت التدفئة.

قلة كميات وسوء جودة

ويشير “الهلال” إلى أن الجودة المتدنية للبنزين تتسبب بتكرر الأعطال رغم كل المشقة اللازمة للحصول عليه.

وبحسب البائع، كانت بعض البسطات توفر نوعيات ذات جودة أفضل بعد عمليات تصفية يدوية إضافية، ما كان يجعل السعر الأعلى توفيراً لجزء من تكاليف الصيانة.

يقول بلهجته المحلية الآن: “نعبي البنزين من هون وناخد السيارة شحط عالصناعة”.

وأدى التشديد على بسطات البيع لارتفاع كميات تباع سراً إلى 1300 ليرة سورية للتر الواحد من البنزين، وبأكثر من ألف ليرة سورية للتر الواحد من المازوت.

ذلك مقابل التسعيرات الرسمية في المحطات،210 ليرات سورية للتر الواحد من البنزين، و410 ليرات سورية للمازوت.

كل ذلك جعل “الهلال” ينظر منع البسطات على أنه “خنق لحركة العمل ومعاكس للحال الطبيعية”.

 فهو لم يضع الحل البديل لتوفير الوقود في المحطات لتسهيل أمور السكان وتجنب الانتظار الطويل وسط الازدحام.

ويقول خلف الحسين (32 عاماً)، وهو صاحب سيارة من سكان الرقة، إن مسألة تعبئة سيارته بالمازوت أصبح “قلقاً يومي”، لأنه ينتظر لساعات متواصلة، مما يعطل عمله في النقليات ضمن المدينة، الذي يكسب منه قوت عائلته.

ويرى أن الانتقاد يوجه لمؤسسات الإدارة الذاتية التي لم تحل الأمر حتى الآن، وأن قرار منع البيع في السوق السوداء لم يوفر الوقود في المحطات.

ويتفق إسماعيل الحمود (41 عاماً)، وهو سائق باص نقل داخلي، مع غيره في أن نقص المحروقات بات يضر بالأعمال ونقص الجودة تتسبب بتكاليف إضافية.

 يقول إن”المصافي والبخاخات والمحرك تتضرر ويترتب على إصلاحها في المنطقة الصناعية دفع تكاليف عالية تحتسب بالدولار الأميركي”.

اتهام بالمحسوبيات

ويتهم علي حمود، وهو صاحب محطة أبو الهيف للمحروقات، بعض موظفي إدارة المحروقات باتباع اعتبارات المحسوبيات خلال التوزيع.

 ويقول إن محطته منذ عشرة أيام لم يصلها وقود المازوت المدعوم للسيارات (يباع بـ 410 ليرات) ولا مازوت التدفئة.

وكل أسبوع أو عشرة أيام، تزوده إدارة المحروقات بطلب واحد، لكن نقص الكمية يتسبب بازدحام أمام محطته.

ويضيف أن “محطات تُزود بالوقود بشكل دائم، بسبب المعرفة الشخصية والعلاقات القوية بينهم وبين موظفي فرز صهاريج المحروقات على المحطات”.

ويشير إلى أن الأمر نفسه يظهر حين تتفاوت مستوى جودة الشحنات، “البنزين والمازوت ذات الجودة الجيدة، “يفرزه الموظفين المسؤولون عن التوزيع بحسب مصلحة مشتركة مع أصحاب محطات محددة”، على حد قول “الحمود”.

ويعتقد أن الحل هو أن تشدد الإدارة الذاتية  الرقابة على الموظفين المتحكمين بالتوزيع، ليكون  عادلاً للجميع، ولتجنب حدوث أزمة وطوابير تضر بغالبية السكان.

مخصصات لا تكفي

وقال ماهر الحسين، وهو مسؤول مكتب الرقابة والقانونية في إدارة محروقات الرقة، لنورث برس، إن قرار منع البسطات غير المرخصة جاء للتفاوت الكبير بين أسعار المحروقات لدى الإدارة وأسعار السوق السوداء، وللحد من تهريبها.

وعلل سبب قلة المحروقات في المدينة بقلة الكميات المنتجة، إذ يتم توزيع 90 صهريجاً على كل من أقاليم الفرات والجزيرة ودير الزور والرقة.

ووفقاً للدراسة التي قدمتها إدارة المحروقات في الرقة إلى إدارة المحروقات العامة في الإدارة الذاتية، فإن المدينة تحتاج إلى نحو 35 صهريجاً، بينما تصلها حالياً 24 صهريج.

وقال “الحسين” إن الاتهامات الموجهة من بعض أصحاب المحطات هي بسبب عدم تزويد جميعها بنوعية المازوت ذات السعر 410 ليرات سورية، إذ أن قراراً من المحروقات العامة ينص على أنه لا تتم إضافة محطات لتلك المخصصة لهذه النوعية إلا بعد موافقة خطية منها.

وينص قرار من المحروقات العامة في الإدارة الذاتية على تخصيص المحطة للبنزين و مازوت التدفئة معاً, أو المازوت المخصص لوقود السيارات.

ويتم التركيز على مازوت التدفئة الذي يتم تزويد المحطات به بمجرد انتهاء الكمية واستمرار الطلب وفق المخصصات، بحسب إدارة المحروقات. 

ويوزع صهريج واحد من البنزين على كل من ثماني محطات في المدينة، بينما يوزع على كل محطة في الريف نصف صهريج، وباستحقاق 19 لتراً لكل سيارة، بحسب مكتب الرقابة القانونية لإدارة المحروقات.

وأشار “الحسين” إلى أن المحروقات تأتي بشكل مباشر من المصدر إلى المحطات، وسبب سوء جودتها هو اتباع طرق بدائية للتصفية كي يتم سد جزء من الاحتياجات.

إعداد: عمار حيدر- تحرير: عمر علوش