نساء ضحايا السلاح العشوائي ونظرة المجتمع في إدلب

إدلب- نورث برس

تقلب رندا اليوسف (28 عاماً)، وهو اسم مستعار لنازحة من مدينة معرة النعمان تعيش في مدينة إدلب شمال غربي سوريا، صورها القديمة، متحسرة على انتهاء المطاف بها للبقاء جالسة على كرسي متحرك بعد أن أقعدتها رصاصة طائشة خرجت من سلاح زوجها عن طريق الخطأ.

تتذكر لحظة إصابتها الشهر الفائت حين كانت منهمكة في ترتيب المنزل، وزوجها مشغول بتنظيف سلاحه الرشاش.

تقول لنورث برس: “لم أشعر بشيء في تلك اللحظة، حاولت تحريك قدمي ولكن لم أستطع، الدماء هي أكثر ما رأيت”، تصمت قليلاً لتدخل في حالة بكاء.

وأدت ظاهرة انتشار السلاح العشوائي بين المدنيين في إدلب لمقتل عشرات النساء اللواتي رحن ضحية سلاح أقربائهن عن طريق الخطأ، في حين أصيبت بعضهن بإصابات دائمة وسط التعامل السلبي من الوسط الاجتماعي.

نظرات قاسية

ولم يكن تلقي رندا خبر إعاقتها على سرير في مشفى باب الهوى أقسى ما تعرضت له، فقد طلقها زوجها وأبعدها عن أطفالها الثلاثة، وهو ما فاقم من الآثار النفسية والجسدية للحادثة.

تقول إنها تحاول الآن التأقلم مع حياتها الجديدة، ومواجهة نظرات العطف من وسطها المحيط بالإضافة لنظرات انتقاص للمعاقة أو المطلقة في المجتمع المحلي.

كما وتنعكس نتائج حالات الاقتتال بين المجموعات العسكرية في إدلب على المدنيين في أغلب الأحيان، فالرصاص يُطلق من جانب العسكريين والمدنيين وفي حالات التشييع والأفراح والمناسبات الاجتماعية.

وبداية العام الجاري، فقدت سعاد الديبو (35 عاماً)، وهو اسم مستعار لنازحة من مدينة سراقب تعيش في مخيمات دير حسان الحدودية، قدرتها على المشي بعد أن سقط عليها مقذوف رصاصة استقر في عمودها الفقري.

تقول سعاد إنها كانت داخل خيمتها قبل أن يسقط عليها مقذوف رصاصة مصدرها أحد الأعراس المجاورة لتفقدها القدرة على الحركة والتنقل وتقضي على مستقبلها ومستقبل أطفالها الثلاثة والتي تعد المعيلة الوحيدة لهم.

وتضيف أنها باتت تعتمد على أطفالها الذين لا يتجاوز عمر أكبرهم 12 عاماً في الإنفاق على المنزل بعد أن تركوا مدرستهم واتجهوا للعمل.

ويتقاضى الأطفال الثلاثة 30 ليرة تركية يومياً ( نحو سبعة آلاف ليرة سورية) مقابل أعمال في إحدى ورش البناء.

تقول الأم إنها حصلت على 800 دولار أميركي كتعويض بعد أن رفعت دعوى قضائية على المتسببين.

بيع مباح

وتسيطر هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) على غالبية منطقة إدلب بشكل شبه كامل عسكرياً، وتديرها عبر حكومة الإنقاذ.

ولم تقم “الإنقاذ” بنزع السلاح من المدنيين أو تخفيف انتشاره في مناطق سيطرتها، بل انتشرت محال البيع في الأسواق.

ويقول سكان إن الأسلحة بكافة أنواعها تباع في محال تجاﺭﻳﺔ، منها البنادق والقنابل والمسدسات والرصاص، إضافةً للعتاد العسكري الكامل وأجهزة اللاسلكي.

كما يقوم مسوقون بالبيع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إذ تُعرض صورة السلاح مع معلومات مفصّلة عن مواصفاته على حسابات في موقع فيسبوك أو مجموعات على تطبيق واتس آب.

ويتسبب انتشار الأسلحة دون وجود ضوابط لاقتنائها، بارتفاع معدل الجرائم في إدلب وخاصةً الجنائية منها، وعلى وجه الخصوص القتل.

ومنتصف العام الجاري فقدت فاطمة القاسم (25عاماً) وهو اسم مستعار لمقيمة في مدينة الدانا شمال إدلب، حياتها بعد ان أصيبت بطلقة خرجت من مسدس كان يحمله طفلها في المنزل.

تقول والدة الفتاة إن زوج بنتها عنصر مقاتل في صفوف هيئة تحرير الشام ودائماً ما يحتوي منزله على العديد من أنواع الأسلحة من قنابل وقذائف وأنواع من الأسلحة الفردية والرشاشة.

وتضيف أن المأساة حدثت حين كان حفيدها يلعب بأحد تلك الأسلحة، ما أدى لإصابة والدته وفقدانها حياتها.

إعداد: سمير عوض- تحرير: حكيم أحمد