الطاقة البديلة في السويداء.. أعطال متكررة وسكان يتكبدون تكاليف لتبديلها أو إصلاحها
السويداء- نورث برس
دفع ناصر بلاني (52 عاماً)، وهو مزارع من مدينة السويداء جنوبي سوريا، أربعة آلاف دولار أميركي لتركيب ألواح الطاقة الشمسية لتشغيل بئر المياه من أجل ري أرضه الزراعية.
لكن المزارع اضطر بعد ستة أشهر لتبديل المدخرات بكلفة ألف دولار بعدما تعطلت، ويتخوف من أعطال أخرى وخاصة أن الألواح وروافع الجهد والمدخرات كلها صناعة صينية.
يقول المزارع إن عدم وجود رقابة حقيقية لمراقبة عمل الشركات المختصة بالطاقات البديلة هو السبب الرئيس لقيام بعضها “بالتدليس والغش في نوعية المعدات المستخدمة في المنظومة”.
ويشتكي مستخدمون للطاقة الشمسية في السويداء وريفها من سوء نوعية الألواح وكثرة الأعطال في المعدات المستخدمة، ما يكبدهم تكاليف إضافية لتبديلها أو إصلاحها.
وظهرت الطاقة الشمسية كغيرها من البدائل التي لجأ إليها السوريون للتعويض عن ساعات التقنين الطويلة التي أعاقت حياتهم وعملهم.
وتعاني السويداء كما باقي المناطق الحكومية من ازدياد ساعات التقنين الكهربائي، حيث تصل ساعات القطع إلى ست ساعات مقابل ساعة وصل.
لكن خلال ساعة الوصل ينقطع التيار الكهربائي عدة مرات كما أنه يكون ضعيفاً، وهو ما يتسبب بأعطال في الأجهزة المنزلية بشكل متكرر ويكبد السكان تكاليف إصلاحها.
وأدى عدم ثقة السكان بالوعود الحكومية لازدياد إقبال على بدائل الطاقة، وخاصة أن انقطاع التيار الكهربائي بلغ حداً لم يتح حتى إعادة شحن المدخرات، إضافة لأن نقص الوقود وغلاء أسعاره يعرقلان الاعتماد على مولدات خاصة.
شركات خاصة
وفي السابع من الشهر الجاري، قال مدير التخطيط في وزارة الكهرباء السورية، أدهم بلان، إن الشهرين الحالي والمقبل هما الأصعب كهربائياً في هذا الشتاء.
ونقلت صحيفة “الوطن” شبه الرسمية عن “بلان” قوله إنه في ظل الطلب المرتفع للكهرباء تكثر الأعطال الفنية على الشبكة، خصوصاً مقابل تراجع توريدات الغاز.
وأشار الوزير إلى عدم وجود برامج تقنين ثابتة لأن الكميات المتاحة من الطاقة الكهربائية هي التي تحدد برامج وساعات التقنين.
وفي تموز/ يوليو الماضي قال مدير الإنتاج في المؤسسة العامة لتوليد الكهرباء نجوان خوري، إن سوريا تنتج 25 في المائة فقط من حاجتها للكهرباء.
ومع بداية عام 2018، انتشرت شركات تسويق وتركيب لمصادر طاقة بديلة شمسية وريحية لتوليد الكهرباء بشكل لافت.
وبادرت هذه الشركات بتقديم عروض تشمل الشريحة المنزلية والصناعية والمحطات الكبيرة الموصولة على الشبكة العامة، إضافة لعروض خاصة بالتقسيط على دفعات عن طريق بنوك محلية ظلت إلى حد ما بعيدة عن قدرة السكان ذوي الدخل المحدود.
وتضم السويداء 18 شركة مُختصة بالطاقات البديلة وأغلبها شركات خاصة بتوليد طاقة بديلة للمنازل والمحال التجارية فقط عبر ألواح طاقة شمسية ومدخرات وروافع جهد.
فيما اختصت بعضها بإنشاء محطات توليد كبيرة تزود الشبكة العامة أو تزود آبار خاصة لسكان استغنوا نهائياً عن الشبكة العامة واعتمدوا النظام الهجين (ريحي شمسي) لتشغيل آبار ري المزروعات والمواشي بعد يأسهم من تحسن وضع التيار الكهربائي.
“منظومة غير مكفولة”
ويقول شاهر محيثاوي وهو مهندس كهربائي إنه ليس هناك معيار حقيقي يُحدد المواد الجيدة من السيئة لتلزم به هذه الشركات، “لأن الفساد يلعب دوراً في قبول أو رفض التراخيص لهذه الشركات”.
ولا ينكر سامر علوان، رئيس مجلس إدارة شركة الكوكب الأزرق (شركة لتركيب بدائل الطاقة المتجددة) قيام يعض الشركات باستجرار “مواد سيئة بهدف الربح المادي والتسويق لها مستغلين قلة معلومات المستهلك عن نوعيات وآلية عمل هذه المنظومات”.
ويشير إلى أن غياب الرقابة الحقيقة على ترخيص الشركات وعلى طريقة استجرار المواد، أدى لظهور الكثير ممن وصفهم بـ”المسوقين المتسلقين”.
ويقولحاتم أبو مغضب، وهو من سكان قرية “بهم” في الريف الشرقي للسويداء، إنه تعرض لعملية احتيال بعد تركيبه النظام الهجين لتوليد الطاقة المتجددة.
وتواصل “أبو مغضب” مع مندوب إحدى الشركات لتركيب ألواح ومراوح الطاقة البديلة، إذ قام بتركيب منظومة كاملة لتغذية المنزل بكافة أدواته ودفع ما يقارب حوالي 1.500 دولار أميركي.
ولكن بعد مرور أقل من شهر، شاهد “أبو مغضب” الدخان يتصاعد من إحدى خلايا الطاقة الشمسية وبعض التوصيلات1، ما أدى لخروج المنظومة عن الخدمة.
وبعد تواصله مع تلك الشركة، “تهرب المسؤولون على مبدأ أنها غير مكفولة بعد التركيب، وأن المستخدم هو المسؤول عن هذا العطل”، وفقاً لما ذكره لنورث برس.
وبعد استشارته لأحد المختصين من مدينة دمشق أكد له أن الألواح ذات نوع رديئة جداً ولا ينصح بتركيبها لأنها لا تعطي شدة تيار وفق التحميل المركب عليها وهو ما أدى لحدوث الأعطال.