الحرائق في مخيمات إدلب مآس تتكرر كل شتاء

إدلبنورث برس

تشير سلام الأحمد (42 عاماً) بيديها إلى مكان خيمتها التي فقدت طفلها البالغ من العمر سبعة أعوام في حريق نشب الشهر الماضي ضمن تجمع “السلام” على الحدود السورية التركية قرب بلدة أطمة بريف إدلب شمال غربي سوريا.

تقول إنها عجزت عن فعل شيء سوى الصراخ باسمه، “تجمع الناس وأخمدوا النيران لكن بعد فوات الأوان”.

وتتكرر حوادث نشوب الحرائق في مخيمات النازحين على الحدود السورية التركية وتتسبب بخسائر بشرية واقتصادية.

ويعيد النازحون وإداريو المخيمات السبب إلى بنيتها المساعدة على الاشتعال وقربها من بعضها البعض، في ظل استخدام وسائل تدفئة غير آمنة وسريعة الاشتعال كالزيت المحروق والأقمشة المستعملة والنايلون وغيرها، إلى جانب طهي الطعام في الخيم.

وتشهد أسعار وقود التدفئة من محروقات وحطب وغيرها ارتفاعاً مع اقتراب الشتاء، وسط عجز غالبية النازحين عن شراء تلك المواد.

وتسببت عاصفة هوائية شديدة بسقوط المدفأة لتحترق خيمة النازحة من ريف إدلب الجنوبي وفقدان طفلها لحياته.

وكانت الأم لحظة سقوط الخيمة والمدفأة على الأرض تعد وجبة الغذاء لأطفالها وعمدت قبل ذلك لإشعال قطع بلاستيكية وأحذية قديمة في المدفأة.

 تقول “الأحمد” دون أن تتمكن من حبس دموعها: “أخرجت ثلاثة من أطفالي لحظة نشوب النيران، لكن خالد كان نائماً بالقرب من المدفأة وكان أول المتأثرين بالحريق، سقطت المدفأة عليه واتسعت النار فلم أتمكن من إخراجه”.

“خيام غير آمنة”

ويبلغ عدد سكان المخيمات بريف إدلب  أكثر من مليون و400 ألف نازح، يعيشون ضمن 1489 مخيماً، بينها 282 مخيماً عشوائياً أقيمت على أراض زراعية، وفقاً لإحصائيات فريق “منسقو استجابة سوريا”.

ولا تملك غالبية العائلات النازحة مطافئ حريق للطوارئ، وهو ما يزيد من صعوبة السيطرة على الحرائق بداية نشوبها.

ويقول رمزي الجبلي، وهو مدير المخيم الذي اندلع فيه الحريق إن بناء الخيام غير آمن، إذ أنها بنيت من قبل إحدى المنظمات قبل نحو عام ونصف على عجل وبشكلٍ طارئ وسط موجات النزوح الضخمة من مناطق بريفي إدلب وحماة.

كما أن نوعية الخيام رديئة جداً ولا تحتمل حرارة المدفأة التي لا يمكن التحكم بها في حال سقطت على الأرض، بحسب “الجبلي”.

وتبدو الخيام ملاصقة لبعضها البعض، إذ أن المسافة بين خيمة وأخرى لا تتجاوز متراً ونصف المتر، وهو ما يؤدي أثناء الحريق للامتداد لخيام مجاورة.

ومنتصف الشهر الفائت، أودى حريق في مخيم “عثرات الكرام” في تجمع مخيمات أطمة، بحياة طفل وإصابة آخرين بحروق متفاوتة الخطورة.

وفي العشرين من آب / أغسطس الفائت، التهم حريق ضخم ناجم عن تسرب للغاز أكثر من 30 خيمة للنازحين في مخيم “صامدون” بالقرب من مدينة سلقين شمال غربي إدلب.

وتسبب الحريق حينها بأضرار مادية لنازحي المخيم الذين يتجاوز عددهم 2000 شخص، خاصةً وأن الخيام احترقت بما فيها من أغذية وألبسة وبطانيات وإسفنجات.

 وفي أيار/ مايو الفائت، قضت امرأتان وطفل، وأصيب شخصان آخران بجروح جراء اندلاع حريق في مخيم “نبع الأمل” ببلدة حزرة، شمال إدلب.

وذكرت مصادر محلية، لنورث برس حينها، أن سبب الحريق هو انفجار أسطوانة غاز منزلي  في إحدى الخيام، أثناء قيام العائلة بإعداد معجنات العيد.

لا استجابة

ومطلع آذار/ مارس الفائت، قضت طفلة نازحة من مدينة اللطامنة بحماة، متأثرة بإصابتها بحروق تعرضت لها جراء اندلاع حريق في مخيم “ساعد” بالقرب من بلدة كللي شمالي إدلب.

ويقول حسن الجوهر (39 عاماً)، وهو نازح من ريف حماة الشمالي يعيش في مخيمات أطمة شمال إدلب، إن المخيم الذي يسكنه شهد عشرات الحرائق منذ نزوحه قبل سبعة أعوام، بعضها يتم إطفائها في بدايتها وبعضها التهمت خياماً وتسببت بخسارة أرواح وممتلكات تعود للنازحين.

ويرى نازحون أن الحل للحد من الحرائق في المخيمات هو استبدال الخيم بمساكن غير قابلة للاشتعال كبناء غرف إسمنتية، لكن ذلك الخيار غير وارد في حسابات معظم النازحين بسبب تكلفتها العالية.

 ويلجأ من يملكون مالاً لبناء غرف إسمنتية صغيرة بدلاً من الخيام، بينما يلجأ من لا تساعدهم إمكاناتهم المالية لبناء غرف طينية بتكلفة أقل.

وفي التاسع والعشرين من شهر كانون الثاني/ يناير الفائت، أصيب نازح بحروق، نتيجة اندلاع النيران في مخيم للنازحين بمنطقة البردقلي شمال إدلب، نتيجة سقوط مدفأة في إحدى الخيام.

وقبله بيومين، توفي طفل من نازحي بلدة حاس متأثراً بحروق جراء نشوب نيران في مخيمات دير حسان شمال إدلب.

ويشير “الجوهر” إلى أن المشرفين على الإغاثة في المنطقة لم يستجيبوا لمطالبهم لبناء كتل اسمنتية، “وفي كل مرة يتكرر حريق في هذا المخيم أو غيره، فنرفع صوتنا للمطالبة بحل ولكنهم يقابلوننا بتجاهل تام وكأن الأمر لا يعنيهم”.

 إعداد: براء الشامي-  تحرير: سوزدار محمد