مصابة بالشلل تقضي أيامها في خيمة بلا مدفأة في مخيم بديرك
ديرك- نورث برس
تلتحف عائشة جاسم الدخيل بلحاف قديم، في خيمة تفتقر لوسائل التدفئة وأبسط أدوات العيش في مخيم نوروز قرب مدينة ديرك أقصى شمال وشرقي سوريا.
ولا تتذكر عائشة المصابة بشلل في الأطراف عمرها. تعتقد أنها في الثلاثين في حين يقول ذووها إن عمرها قارب الخمسين.
وفرت العائلة من القصف التركي المتكرر على منطقة تل تمر بريف الحسكة الشمالي، وعندما لم تتمكن من إيجاد مأوى مناسب توجهت للمخيم الذي يعاني نقصاً في وصول المساعدات الإغاثية.
ومنذ أواخر عام 2019، تتمركز القوات التركية وفصائل المعارضة على مشارف تل تمر بعد هجومها على مدينتي سري كانيه وتل أبيض شمالي سوريا.
ويشتكي النازحون في مخيم نوروز من سوء أوضاعهم وعدم قدرتهم على تأمين متطلبات عائلاتهم في ظل شح المساعدات المقدمة لهم من المنظمات الإنسانية.
وأدى استمرار إيقاف التفويض الأممي لإدخال المساعدات عبر الحدود في معبر اليعربية منذ عامين لازدياد معاناة نازحين وسكان ذوي دخل محدود شمال شرقي سوريا.
مرض ونزوح
ومنذ أكثر من 20 عاماً، تعاني عائشة من من شلل في الأطراف بسبب مضاعفات لالتهاب حاد في الروماتيزم.، وتعتمد على كرسي متحرك إذا ما احتاجت الخروج من فراشها.
وبجسمها النحيل تُمضي وقتها داخل خيمتها الباردة, مرتدية ألبسة تقول إنها عائلات في المخيم لم تعد تحتاجها قدمتها لها.
تقول إن حالها كان أفضل في قريتها “الطويلة” بريف تل تمر، لكن القصف التركي اشتد خلال الأشهر الماضية.
وفي الوقت الذي كانت عائلات في قريتها تفر من منازلها ساعات القصف لمناطق مجاورة لتعود لها حين يهدأ القصف، كان الأمر بالغ الصعوبة لعائشة التي لا تقوى على الحركة.
“كنت في الداخل أسمع أصوات القصف ولا أقوى على التحرك”.
لكنها تتذكر كيف اضطرت في النهاية للخروج من القرية مع أقاربها حين استمر القصف عليها لأربعة أيام مطلع آب/ أغسطس الماضي.
وبسبب عدم توقف قذائف تركيا والفصائل الموالية لها على قرى الدردارة والطويلة والكوزلية وغيرها من القرى المأهولة بريفي تل تمر وأبو راسين، توجهت عائلات تضم مرضى أو لا تم معيل لها إلى مخيم نوروز.
ولعدم قدرتها على المشي، عانت “عائشة” أثناء النزوح, إذ كان الجيران والأقارب يتناوبون على حملها من مكان لآخر إلى أن استطاعوا بعد معاناة تأجير سيارة أقلتهم للمخيم.
قصف متكرر
وفي المخيم, لم تنتهِ معاناة عائشة بسبب ضعف المساعدات المقدمة لهم من قبل المنظمات العاملة هناك, وفي ظل عدم وجود معيل لها.
تقول إنها تحتاج لجلسات معالجة فيزيائية، ومساعدات غذائية وألبسة شتوية.
وتسكن “عائشة” في الخيمة مع والدتها وابنة أخيها هناء (18 عاماً) التي ترعاها الآن أثناء زيارة جدتها للقرية.
وأدى استمرار الاستهداف التركي لمرافق حيوية في بلدتي تل تمر وزركان وريفيهما، وعدم تمكن البلديات من استكمال صيانة الشبكات المتضررة وتنفيذ الخدمات المطلوبة، إلى تغييب شروط أساسية للعيش هناك.
والأربعاء الماضي، قال أحمد حيدر الرئيس المشارك لبلدية الشعب في تل تمر، في اجتماع سنوي، إن أعمال خدمية كانت مقررة خلال العام الجاري لم تنفذ واقتصرت على خدمات إسعافية بسبب التهديدات والهجمات التركية إضافة لقلة الميزانية المخصصة.
وترى عائشة أن باب العودة إلى قريتها ما زال مغلقاً، فمنزل العائلة هناك مدمر بسبب القصف، وتحتاج إعادة إعماره لمال وعمل.
تقول: “من سيعمره؟ أنا بحالي هذه أم أمي العجوز؟”.
آمال وسط البرد
تقضي عائشة يومها تحت هذه الخيمة وتسمع الأصوات حولها غير قادرة على رؤية ما في الخارج, ولا يؤنسها إلا جلسات حديث قصيرة مع الجيران منعها البرد مؤخراً.
ولا تحصل على الأدوية اللازمة لها في ظل ضعف المساعدات الطبية.
وتسكن في مخيم نوروز 885 عائلة تضم 4.553 شخصاً, بينهم 240 يعانون من الأمراض المزمنة و255 من ذوي الاحتياجات الخاصة.
ويضم المخيم نقطة طبية وحيدة للهلال الأحمر الكردي تقدم الرعاية الصحية للنازحين وسط ضعف الدعم المقدم لهم من قبل المنظمات الدولية.
ولا تمتلك العائلة مدفأة ولا وقوداً هذا الشتاء، ولا حتى سجادة “نمدها على الأرضية الترابية للخيمة.
تجلس هناء بجانب عمتها عائشة حيث يكسر خيط من النور عتمة خيمتهما, وكلهما أمل في أن تتحسن أوضاع النازحين في المخيم أو تتوفر فرصة لإعمار منزل العائلة المدمر في ريف تل تمر.