تجار في حلب: تحديد سقف الأموال المسموح تحويلها بين المدن السورية يعرقل الأعمال

حلب- نورث برس

اضطر محمد الصباغ (36 عاماً)، وهو تاجر لقطع غيار السيارات في حلب شمالي سوريا، لتحويل مبلغ أربعة ملايين ليرة سورية من دمشق إلى حلب على دفعات وبأسماء أشخاص من ذويه، وذلك بعد أن رفض مكتب الحوالات المالية من تحويل المبلغ كاملاً على اسمه.

ويقول أصحاب شركات ومكاتب الحوالات المالية في حلب إن مصرف سوريا المركزي حدد وعبر تعليمات في تموز/ يوليو الماضي، سقف المبالغ المالية المسموح تحويلها بين المدن السورية بمليون ليرة سورية خلال 24 ساعة للشخص الواحد.

وبموجب التعليمات، سيتم إغلاق كل مكتب أو شركة لا تلتزم بالقرار، وفقاً لما ذكره أصحاب مكاتب لنورث برس.

يقول “الصباغ” إن طبيعة عمله تتطلب منه تحويل واستلام عشرات الملايين من الليرات شهرياً عبر مكاتب التحويل، “لكن تحديد سقف الأموال المسموح تحويلها باتت يشكل عوائق وصعوبات أمام استمرارية العمل”.

ويضيف، “إذا اشتريت بضائع بقيمة ثلاثة ملايين ليرة من مدينة اللاذقية، سأحتاج لثلاثة أيام لتسديد ثمنها وسيحتاج تاجر من حمص للمدة الزمنية نفسها كي يتمكن من إرسال مبلغ مماثل”.

ويشير التاجر إلى أنه في أغلب الأحيان يضطر لأخذ عدد من الأشخاص الموثوقين إلى مكتب التحويل لكي يستلم أو يرسل حوالات بأسمائهم وذلك في سبيل تسريع حركة استقبال وإرسال الكتل المالية.

“عرقلة أعمال”

وفي حزيران/ يونيو العام الماضي، أصدر مصرف سوريا المركزي تعميماً منع بموجبه نقل الأموال التي تتجاوز خمسة ملايين ليرة سورية بين المحافظات برفقة مسافر وإنما تحويلها عبر المصارف وشركات الحوالات المالية المرخصة.

وقال المصرف، حينها، إن ذلك يأتي “حرصاً على سلامة المواطنين وأموالهم وتجنباً لتعرضهم لأي مخاطر محتملة أثناء عمليات نقل الأموال”.

وفي كانون الأول/ ديسمبر العام الماضي، رفض المصرف طلب اتحاد غرفة الصناعة السورية زيادة سقف المبالغ المسموح نقلها بين المحافظات من خمسة ملايين إلى 25 مليوناً.

وفي الشهر نفسه، وجه حاكم المصرف، حازم قرفول كتاباً إلى رئيس الاتحاد أشار فيه إلى ضرورة إيداع متحصلات مبيعات الصناعيين لدى المصارف وشركات الصرافة وشركات الحوالات المالية المرخصة واستلامها في المحافظات المطلوب السحب منها.

وأشار “قرفول ” إلى أن “تنفيذ عمليات التحويل ستتم بشكل فوري، لما لهذه الإيداعات من دور إيجابي على الاقتصاد الوطني”، وفقاً لتصريح له لجريدة “الوطن” شبه الرسمية.

لكن عاصي حسن (33 عاماً)، وهو تاجر ألبسة جاهزة في حي الجابرية بحلب، يرى أن الحكومة تنوي وعبر القرارات والإجراءات المتعلقة بنقل وتحويل الأموال، “عرقلة الأعمال والقضاء على التجارة الصغيرة والمتوسطة”.

ويتساءل عن سبب منع تحويل أكثر من مليون ليرة وخاصة أن مكاتب التحويل ستتقاضى الأجر نفسه سواء تم تحويل المبلغ دفعة واحدة أو على دفعات.

إجراءات أمنية

والشهر الماضي، اضطر “حسن” لدفع مبلغ 250 ألف ليرة سورية لأحد الحواجز الحكومية المنتشرة ما بين دمشق وحلب وذلك بعد أن تم إيقاف سيارته لأكثر من خمس ساعات، “بحجة أن بحوزتي مبلغ أربعة ملايين و600 ألف ليرة”.

 وعاد تاجر الألبسة بعد دفع المبلغ أدراجه إلى دمشق، خشية أن يقدم عناصر حواجز أخرى على طلب مبالغ ماليه منه.

واضطر “حسن” للمكوث في دمشق يومين إضافيين حتى تمكن وباستخدام اسم أحد أصدقائه من إرسال المبلغ إلى حلب.

ويقول سكان في مناطق سيطرة الحكومة السورية إن الأخيرة تفرض إجراءات رقابية صارمة على الحوالات المالية القادمة إلى منطقة سيطرته أو تلك التي تتم بين المحافظات، حيث تقوم مراكز الحوالات المالية المرخصة بأخذ معلومات تفصيلية عن المستلم.

وشهرياً، يرسل والد حسام الزلفي (29 عاماً) وهو طالب ماجستير في كلية العلوم بجامعة حلب، مبلغ 200 ألف ليرة

من مدينة الرستن في حمص إلى حلب، لدفع إيجار المنزل الذي يستأجره وتغطية مصاريف دراسته ومعيشته.

لكن وفي كل مرة يذهب “الزلفي” لاستلام المبلغ المرسل، يسأله الموظف في مكتب التحويل عن مكان سكنه وعمله والشخص الذي أرسل المبلغ ورقم هاتفه، إضافة إلى صورة عن هويته الشخصية. 

يقول الطالب إنه سُئل في إحدى المرات بالمكتب لماذا يستلم مبلغ 200 ألف ليرة وهو طالب جامعي، “شعرت وكأنني في قسم شرطة أو فرع أمني”.

 ويعبر “الزلفي” عن اعتقاده أن تلك الأسئلة هي “تعليمات أمنية  قد تم توجيهها لمكاتب التحويل وعليهم تنفيذها”.

إعداد:  نجم الصالح- تحرير: سوزدار محمد