اتهامات متبادلة وصراع نفوذ ساحتها أوكرانيا.. فمَن يهدد الآخر؟

أربيل- نورث برس

تتبادل موسكو وواشنطن الاتهامات بشأن أوكرانيا، ما يشير إلى اندلاع حرب شبه عالمية باردة بين القطبين الشرقي والغربي ساحتها هذه المرة هي أوكرانيا الواقعة بين حدود روسيا الاتحادية والاتحاد الأوروبي.

والقضية الأوكرانية ونزاع أقطاب العالم عليها ليس حديثاً، حيث يرى حلف الشمال الأطلسي هذا البلد بمثابة جدار درع للحلف بوجه التمدد الروسي الذي سبق وقد دعم الانفصاليين في شبه جزيرة القرم الأوكرانية وأصبحت خاضعاً للمعسكر الروسي.

بينما لدى موسكو حسابات مضادة في مسعى وقف تمدد الحلف الأطلسي لتفادي أي تهديد على حدودها الغربية مع أوكرانيا والتي تعد كما يصفه مراقبون “حديقة خلفية” لروسيا نظراً لمكانتها الجغرافية.

وبعد الاتهامات والتحذيرات السياسية عام 2014 والتي دخلت الطور العسكري لاحقاً، بدأ يشعر حلف الناتو بأن روسيا تشكل تهديداً عسكرياً أكبر ببسط سيطرتها على شبه جزيرة القرم وإقليم دونباس شرقي أوكرانيا.

ورغم شعور “القلق” ذاك إلا أن الولايات المتحدة ودول الناتو لم يتخذوا وقتها خطوات فعلية لمواجهة الخطوة الانفصالية في جزيرة القرم بالبحر الأسود.

إلى ماذا يمكن أن تؤدي المرحلة الجديدة؟

وخلال العام الجاري دخل الصراع بمرحلة جديدة من الاتهامات بين الغرب وروسيا، آخرها كانت في مواجهة مباشرة الخميس الفائت، بين وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ونظيره سيرغي لافروف.

وخلال المؤتمر الصحفي المشترك الذي أعقب لقائهما في ستوكهولم، قال بلينكن إن روسيا “ستدفع تكاليف باهظة” إذا غزت أوكرانيا، وحث نظيره الروسي على السعي لحل دبلوماسي للأزمة.

وشدد بلينكن على أن الاجتماع الذي أجراه مع لافروف كان “صريحاً” وأضاف أنه” من المحتمل أن يتحدث الرئيسان جو بايدن وفلاديمير بوتين قريباً”.

وقبل ذلك بأيام، قال وزير الخارجية الأميركي إثر اجتماع لحلف شمال الأطلسي في ريغا، “لقد قلنا بوضوح للكرملين إننا سنردّ، خصوصاً من خلال سلسلة تدابير اقتصادية ذات تأثير كبير كنّا قد امتنعنا عن استخدامها في الماضي”.

وتكررت تحذيرات مسؤولين أميركيين وحلف شمال الأطلسي منذ أسابيع من هجوم روسي جديد محتمل على أوكرانيا.

وقالوا: “ثمة تحركات غير عادية للقوات الروسية بالقرب من الحدود الأوكرانية”.

لكن روسيا ترفض هذه التلميحات ووصفتها بأنها محاولة لنشر الخوف.

وقالت روسيا إن من حقها نقل قواتها على أراضيها بالشكل الذي تراه مناسباً.

واعتبرت أوكرانيا الحشد العسكري الروسي قرب حدودها “زعزعة” لاستقرار المنطقة.

ودعا وزير الخارجية الأوكراني دميترو كولبيا، الأربعاء الماضي إلى “حزمة ردع شاملة” ضد روسيا بعد اجتماعه مع نظيرته البريطانية ليز تراس في ريجاً.

ماذا لو بدأت حرب مفتوحة؟

وأثار حلف الشمال الأطلسي المخاوف من احتمال تحول صراع محتدم في شرق أوكرانيا إلى حرب مفتوحة بين الجارتين. بينما جددت روسيا رفضها للمزاعم عن هجوم جديد واصفة إياها بأنها “تحريض”.

وأصر أنتوني بلينكين على تجديد تحذيراته لروسيا بشأن الصراع في أوكرانيا، وقال: “لا نعرف نوايا الرئيس الروسي فلادمير بوتين. لا نعرف ما إذا كان قد اتخذ موقفاً للمضي في إجراء صارم ومتجدد ضد أوكرانيا.”

وعقب الاجتماع بين الوزيرين الروسي والأميركي، قالت وزارة الخارجية الروسية في بيان إن لافروف حذّر واشنطن من “جر أوكرانيا إلى الألعاب الجيوسياسية للولايات المتحدة”.

وأضاف أن روسيا تحتاج إلى “ضمانات أمنية طويلة الأمد عند حدودنا الغربية، وهو ما يجب اعتباره مطلباً حتمياً”.

كما حذّر وزير الخارجية الروسي من أن “سيناريو المواجهة العسكرية المرعب” بدأ بالعودة إلى أوروبا على خلفية التوترات المتصاعدة بشأن أوكرانيا.

وخلال اجتماع منظمة الأمن والتعاون في أوروبا في ستوكهولم، اتهم الوزير الروسي حلف شمال الأطلسي “بتقريب بنيته التحتية العسكرية من الحدود الروسية”.

وأعربت روسيا عن رغبتها بوضع اتفاق يمنع أي تقدم إضافي لحلف شمال الأطلسي تجاه الشرق ونشر أنظمة عسكرية التي من شأنها أن تكون تهديداً ضد روسيا بحسب تعبير الأخير.

ويشهد شرق أوكرانيا حرباً بين كييف العاصمة وانفصاليين موالين لروسيا اندلعت عام 2014، بعد ضمّ موسكو شبه جزيرة القرم.

وأودى النزاع بحياة أكثر من 13 ألف شخص. وتراجعت حدة الاشتباكات كثيراً منذ إبرام اتفاقات سلام عام 2015، لكن لا تزال تندلع أعمال عنف بشكل منتظم.

وأعلن الكرملين الخميس أن روسيا تعتبر النية التي أبدتها أوكرانيا باستعادة شبه جزيرة القرم التي ضمّتها موسكو عام 2014، “تهديداً مباشراً” لها.

إعداد وتحرير : هوزان زبير