ما دلالات تشابه الدعوات عقب هجمات داعش في إقليم كردستان؟
أربيل- نورث برس
تتالت تصريحات تحذيرية صادرة من مسؤولي إقليم كردستان والعراق، عقب سلسلة هجمات شنها تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) خلال الأسبوع الفائت في منطقتي كرميان ومخمور شمالي البلاد، وراح فيها ما لايقل عن 20 شخصاً بين مدني وعسكري في صفوف البيشمركة.
وتأتي هذه الهجمات في مرحلة تستعد البلاد لتشكيل حكومة جديدة وليدة الانتخابات التشريعية المبكرة والتي أثارت نتائجها جدلاً ونالت نصيبها من الاتهامات بالتزوير.
والقاسم المشترك الأكبر في التصريحات الرسمية إزاء هجمات “داعش”، هو “التحذير” من تناميه وخطورته على أمن المنطقة، والدعوات إلى المزيد من التعاون والتنسيق بين القوات العراقية بما فيها البيشمركة، والتحالف الدولي لمواجهته.
هل هناك تنسيق لمواجهة الخطر المتجدد؟
وأمس الجمعة، قال الرئيس العراقي برهم صالح في تغريدة نشرها على صفحته في تويتر، إن الهجوم الأخير على مواقع البيشمركة في منطقة مخمور “ينذر بخطر”.
وأضاف أن مواجهة التنظيم أصبحت “مهمة ملحة”، فيما شدد على ضرورة تعزيز التعاون بين الجيش العراقي والبيشمركة.
وقبله، شدد رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، على أن الهجمات والاعتداءات اليومية من جانب التنظيم: “تستدعي الرد الحازم والعاجل واتخاذ إجراءات دفاعية وعسكرية صارمة من جانب العراق وإقليم كردستان.”
كما دعا إلى “اتخاذ خطوات متسارعة وفورية لتحقيق تنسيق أكثر فعالية بين الجيش العراقي والبيشمركة بمشاركةٍ ومساندة من التحالف الدولي.”
وأيدّ ذلك بيان أصدره رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني، دعا فيه إلى تعاون “قوي ومحكم” بين البيشمركة والجيش العراقي والتحالف الدولي بأسرع وقت ممكن، للمضي باتخاذ الإجراءات اللازمة لإنهاء تنامي “داعش”.
ودخلت بعثة الأمم المتحدة على خط المواقف المتتالية، وطالبت في بيان مقتضب “تعزيز التنسيق والتعاون الأمني في المعركة المستمرة ضد الإرهاب”.
وقال القائد العام للقوات العراقية مصطفى الكاظمي إن “الهجوم الغادر” لن يمر دون “القصاص”، وفق بيان المتحدث باسمه.
وأشار بيانه إلى أن قوات البيشمركة هي ضمن منظومة الدفاع الوطني وتعمل مع القوات المسلحة لتأمين المدن والمناطق.
وشدد الكاظمي على ضرورة رص الصفوف و”عدم الاستهانة بجيوب داعش”.
ما الفحوى الرئيسة من المواقف؟
وكانت التحذيرات والإنذار بالخطر والمطالبة بتعزيز التعاون للمواجهة هي الفحوى الرئيسة للمواقف، مما يشير إلى افتقار العراق إلى ما ذُكر، ومعاناة سكانه من فراغ أمني.
وبالفعل، فإن الدعوات للتعاون والتنسيق، تأتي بعد أشهر من الاتفاق بين وزارتي البيشمركة والدفاع العراقية على تشكيل ألوية مشتركة.
ورغم أنه (الاتفاق) وصل إلى مراحل متقدمة, حظيت بموافقة الكاظمي، إلا أنها لم تفعّل على أرض الواقع عملياً، في حين أن واجب هذه الألوية هو الانتشار في مناطق متنازع عليها، ولكنها تشهد ثغرات أمنية تتيح للتنظيم المتشدد التحرك وشن عملياته.
وهو ما جرى الأسبوع الفائت، حيث شن عناصر “داعش” ثلاث هجمات متتالية في كرميان قضى فيها سبعة عناصر من البيشمركة وأصيب عدد آخر.
بينما كان ختام الأسبوع، الأكثر دموية، إثر هجوم شنه التنظيم على قرية خضرجيحة في قضاء مخمور مساء الخميس، قضى فيه ثلاثة مدنيين (أشقاء) وعشرة منتسبين في البيشمركة.
ويعاني سكان هذه المنطقة وغيرها من مناطق خط النزاع بين بغداد وأربيل الممتد من خانقين شرقاً إلى سنجار غرباً، من تهديدات “داعش”، رغم محاولات كبحها.
ونهاية تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، فقد عنصران من قوات البيشمركة حياتهما خلال هجوم لـ”داعش” غرب مدينة طوز خورماتو في محافظة صلاح الدين.
كما شهدت مناطق كركوك ومخمور قبل نحو شهرين هجمات للتنظيم راح ضحيتها عدد من عناصر قوات الجيش والشرطة العراقية.
وفي الفترة نفسها، تنبى “داعش” هجوماً في قضاء المقدادية التابعة لمحافظة ديالى، والذي خلف مجزرة قضى فيها ما لا يقل عن 15 مدنياً.
والأربعاء الفائت، كشف الأمين العام لوزارة البيشمركة في حكومة إقليم كردستان جبار ياور، عن وقوع 4657 شخصاً بين قتيل وجريح ومختطف من المدنيين والعسكريين، كضحايا 1162 عملية لتنظيم “داعش” في العراق منذ بداية عام 2018 وحتى نهاية تشرين الأول/ أكتوبر من العام الجاري.
وقال إن “داعش لم ينته، بل فقد الأرض، بينما يواصل عملياته الإرهابية بشكل أو بآخر (..) وهذا ما يثبت صحة التحذيرات”.
وبحسب المسؤول في وزارة البيشمركة، يبدو أن “داعش” غيّر من استراتيجية عملياته وبات يعتمد على طريقة أخرى بعد خسارته الجغرافية عام 2017، حيث يقوم بتشكيل مفارز لضرب الثكنات أو إطلاق النار على مواقع الأمن أو تنفيذ تفجيرات ثم الفرار إلى مخابئه.
أساليب الهجمات الأخيرة التي يتبناها “داعش”، حذر منها التحالف الدولي الذي يجدد بدوره مطالبته للقوى العراقية بتكثيف الجهود في مواجهة التنظيم, ويشدد على أنه لازال يشكل خطراً.
لكن هذا الخطر يأتي في وقت تصل مهلة الاتفاق الأميركي العراقي إلى نهايتها، حيث من المقرر انسحاب القوات القتالية الأميركية نهاية العام الجاري، وحصر وجودها في المشورة والتدريب والتسليح.
وبالرغم من أن المسؤولين العراقيين، يؤكدون جهوزية القوات في مواجهة الخطر والعمل على استتباب الأمن و الاستقرار، إلا أن مراقبين يعتقدون بأن الانسحاب قد يؤثر على الوضع الأمني في المنطقة.