اتهامات للحكومة السورية بالتوجه لسحب كامل الدعم وقائمة المعفيين هي الخطوة الأولى

دمشق ـ نورث برس

قد يكون موضوع رفع، الحكومة السورية، الدعم واحداً من أكثر القضايا التي أثارت الجدل والاستنكار بين مختلف فئات الشعب، إذ أن معظم السكان أبدوا معارضتهم للشرائح التي تم تسريبها على أنه سيتم استثناءها من الدعم.

ففي حين كان هنالك قلة ممن تبنى هذه الفكرة ووجدها صائبة، كانت الغالبية تعترض، بل هنالك من وجدها مخالفة للدستور الذي ينص على أن جميع السكان سواسية أمام القانون، وبين من يرى أنها حق يراد به باطل.

ومؤخراً، تم تسريب كتاب موجه للوزراء من وزير الاقتصاد سامر خليل رئيس  اللجنة الاقتصادية بناء على اجتماع، بحثوا فيه موضوع الشرائح المستحقة للدعم، في مطلع الشهر الفائت.

وكانت أبرز الشرائح المقترح إعفاؤها والتي أثارت جدلاً هي: “مالكو السيارات السياحية موديل 2008 والأسرة التي تملك أكثر من سيارة، وكذلك العاملين في السفارات والقنصليات والمنظمات الدولية”.

كما تستثني القائمة “الشركات العربية والأجنبية التي تمارس نشاطاً في سوريا، ومالكي ومستثمري مراكز تعليم قيادة السيارات، وأصحاب المهن الحرة المسجلين لدى النقابات”.

بالإضافة إلى “الأطباء الاختصاصيون والمحامون الذين يمارسون المهنة منذ عشر سنوات، ومستثمري الصيدليات”.

مخالف للدستور

القائمة المسربة لم ينفها وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في الحكومة السورية، عمرو سالم، ولكن بعد الضجة التي أثارتها، شدد على أنها “دراسة لم يتخذ فيها قرار”.

وفي تعقيب له على الانتقادات عاد ليشدد على صفحته أنه لن يستبعد أي محدود أو قليل الدخل بغض النظر عن سيارته أو منزله.

ورد على انتقادات حول أن “تقسيم السكان يخالف نصوص الدستور وأن المواطنين متساويين” ليقول: “الحفاظ على ما نصّه الدستور من أن المواطنين متساوين في الحقوق والواجبات يستدعي أن يستبعد الغنيّ من المساهمة من قبل الخزينة العامّة المتمثّلة بالدعم”.

وهذا ما عقب عليه طارق الشيخ (45 عاماً) وهو اسم مستعار لأحد محامي دمشق،  حيث قال لنورث برس، بأنه “اجتهاد في تفسير نص دستوري لا يصح أن يجتهد به الوزير، لأن النص واضح والتفسير التشريعي يأتي من وزير العدل وليس من وزير التجارة”.

ومن أقوال “سالم” التي أثارت الانتقاد أيضاً، تشديده على أن “من يشتري وجبة طعام بمبلغ 50- 75 ألف ليرة في مطعم لا يستحق الدعم”.

وعقب البعض على تصريح “سالم” بالقول: “الوزير يعيش خارج الواقع، لأن سعر فنجان من القهوة في أسوأ كافيه أصبح بمبلغ لا يقل عن 3 آلاف ليرة”.

الحد الأدنى

شدد شادي مرهج (50 عاماً) وهو اسم مستعار لاقتصادي سوري يعيش في دمشق، على أن طرح هذا الموضوع أو تطبيقه “أمر غير منطقي في ظل الاقتطاعات غير المنظورة التي تأخذها الحكومة سلفاً من جيوب الناس حين تقدم لهم أجوراً صارت واحدة من أقل الأجور في العالم”.

ووصف الجدل الحاصل على الوسائل الرسمية، “وكأن البلاد تعيش بوضع طبيعي، أو كأن الدخل ليس متدنياً إلى تلك الحدود الخطيرة التي وصلت إلى مستوى الفقر المدقع وتجاوزته”.

وأضاف: “في هذا المعنى لم تكن الحكومة يوماً تدعم السلع الأساسية، فما يقال إنه كتلة تنفق على المواد الأساسية كانت تقتطع سلفاً من كتلة الرواتب والأجور التي بقيت تراوح عند الحدود الدنيا، لتتجاوز الحد الأدنى العالمي المحدد للفقر والمحلي أيضاً”.

أعرب “مرهج” عن اعتقاده في أن “الحكومة تبدو في طريقها نحو ترك الناس لمصيرهم، وسحب آخر قشور شعارات الاشتراكية التي كانت ترفعها”.

رفع شامل للدعم

ومن بين القراءات هنالك من رأى، أن هذه الخطة هي استجابة لوصايا البنك الدولي، حيث نشر المصرفي السابق قاسم زيتون على صفحته أن “تتبع هذا الملف يشير إلى أن هنالك برنامجاً تدريجياً واضحاً للتخفيف من المبالغ المخصصة للدعم ولن يمر عام 2022 إلا برفع الدعم  بشكل كامل”.

وقال: “أشتم رائحة البنك الدولي في هكذا نهج، لأنه من سبقنا في ذلك كانت تطبيقاً لوصفاته وشروطه”.

ولكن الاقتصادي “مرهج” لا يتفق مع هذا الرأي، على اعتبار أن هذا الأمر كان صحيحاً عندما كان هنالك دولة”.

ولكن الآن “بعدما تحولت الدولة إلى هيكل، أو قشرة خارجية فقط، أصبح ما يحصل الآن يشبه العمل المافيوي في التخلي عن السكان”، بحسب “مرهج”.

وزيرة  الاقتصاد السابقة لمياء عاصي بينت في إحدى تصريحاتها أن ما تطرحه الحكومة من استبعاد شرائح الدعم يحتاج إلى قاعدة بيانات دقيقة، وأن معظم السكان “أصبحوا يحتاجون إلى الدعم”.

وربما كانت المقاربة الأفضل هي للمعارض وابن وزير الدفاع الأسبق فراس طلاس الذي أشار إلى أن “هنالك اتفاق بموافقة دولية على أن تتجه سوريا نحو رفع تام وشامل لسياسات الدعم”.

وقال طلاس إن الخطوة الآن هي أن الحكومة “ستقلص عدد المستفيدين من الدعم ثم تقوم الأمم المتحدة بإرسال مساعدات إليهم، وفي خطوة لا حقة ستقوم الحكومة بالإعلان عن رفع الدعم الشامل متذرعة بأن تلك الشرائح المدعومة تحصل على مساعدات دولية”.

وكان الخبير الاقتصادي عمار يوسف قد وصف ما تقوم به الحكومة لإحدى وسائل الإعلام المحلية بأنه “اختراع لم يسبقنا إليه أحد، وأن الدعم الذي تقدمه خلبي وبسيط ولا يستحق الذكر”.

وتوافق اقتراح “يوسف” مع الكثير من الآراء التي تدعو إلى إلغاء الدعم مقابل توزيع مخصصاته كبالغ نقدية، وتحسين الرواتب والأجور بشكل يمكنهم من العيش بحياة كريمة.

إعداد: ريتا علي ـ تحرير: محمد القاضي