خطة الهجرة الفاشلة عبر بيلاروسيا تكشف تورط شبكات تهريب
أربيل- نورث برس
بحسب تصريحات مسؤوليين عراقيين وحجم العراقيين العائدين إلى بلدهم من الذين فشلوا في اختراق الحدود البيلاروسية البولندية، فقد تبين أن المئات من الأشخاص كانوا ضحية شبكات التهريب والهجرة غير الشرعية.
وتحدثت السلطات العراقية رسمياً عن وجود شبكات لتهريب البشر، وقالت إنها ستحقق في القضية.
وكشف وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين في تصريحات صحفية أمس الأحد، عن وجود شبكات تهريب تورطت بنقل عراقيين إلى البلدان الأوروبية، وأعلن عن إلقاء القبض على إحداها.
لكن لم يتطرق الوزير إلى تفاصيل أخرى تتعلق بهذه الشبكة.
وفي 12 نوفمبر/تشرين الثاني، أعلنت وزارة الخارجية، سحب رخصة عمل القنصل البيلاروسي الفخري في بغداد مؤقتاً، وإيقاف رحلات الطيران المباشر مع روسيا البيضاء (بيلاروسيا).
وجاء الإجراء العراقي ضمن مساعٍ وصفتها بـ”حماية رعاياها من شبكات تهريب البشر”، في ضوء أزمة المهاجرين على الحدود بين بيلاروسيا وبولندا.
ضغط أوروبي
والشهر الفائت قال مسؤول السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إنه طلب من الحكومة العراقية “تعليق الرحلات الجوية من العراق إلى بيلاروسيا بشكل دائم لتجنب الهجرة غير النظامية إلى التكتل الأوروبي”.
وأعلن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي غداة اجتماهم في بروكسل منتصف هذا الشهر، حزمة عقوبات على بيلاروسيا لتورطها في تسهيل عملية الهجرة غير الشرعية إلى التكتل الاوربي.
ومنتصف تموز/يوليو الماضي، شدد وزير خارجية العراق في تصريح خلال مؤتمر صحفي مشترك عقده مع نظيره الليتواني غابريليوس لاندسبيرغيس في بغداد، على رفضه أن “يكون هناك تجار للبشر في المجتمع العراقي”.
وقال إن حكومة بلاده “ستحقق في تهريب عراقيين إلى ليتوانيا عبر بلاروسيا”.
وقال لاندسبيرغيس إن هناك “حاجة لإيقاف شبكة تهريب العراقيين”.
وحتى قبل القرار العراقي بوقف الرحلات إلى بيلاروسيا، كانت الخطوط الجوية تنظم ثلاثة إلى أربعة رحلات إسبوعية إلى بيلاروسيا.
لكن سرعان ما بدأت السلطات البولندية بوضع خطط أمنية لمواجهة موجة الهجرة التي فسرها الكثير من المراقبين كنوع من أشكال الضغط السياسي تستخدمها روسيا عبر حليفتها بيلاروسيا على الاتحاد الأوروبي.
ووفقاً لصحيفة واشنطن بوست، فإن السلطات في بيلاروسيا “استخدمت ورقة طالبي اللجوء، ومعظمهم عراقيون، كسلاح من أجل الضغط على أوروبا وإغراقها بالمهاجرين، كما حصل في عام 2015 عندما استخدمت تركيا السلاح ذاته وفسحت المجال لآلاف المهاجرين بعبور أراضيها”.
عراقيون عائدون وسوريون عالقون
ووجهت السلطات العراقية منذ أسابيع الخطوط الجوية العراقية بإجلاء المواطنين العراقيين العالقين في الأراضي البيلاروسية.
وأعلن المتحدث باسم الخارجية العراقية أحمد الصحاف في تصريح صحفي مطلع هذا الأسبوع، عودة 1894 شخصاً.
وجاءت حملة العودة بعد بقاء المهاجرين أياماً على الحدود في ظل ظروف بيئية قاسية، وبعد أن أقدمت السلطات البولندية باعتقال كل من يخترق الحدود، فيما فرضت إجراءات أمنية مشددة.
وكانت بولندا قد أعلنت حالة الطوارئ في المناطق المتاخمة لبيلاروسيا، ولتعزيز الأمن، أرسلت السلطات أفراداً عسكريين وقوات شرطة إضافية إلى الحدود، وأقامت أسواراً من الأسلاك الشائكة في مواقع مختلفة.
ولم يكن العراقيون وحدهم ضحية شبكات التهريب، فقد نال السوريين نصيب أيضاً، فبعضهم سافر من مطارات بلدهم وآخرون من العراق والإمارات ودول أخرى معتمدين على تعليمات مهربين، وفقاً لما كشفه أحد السوريين من الذين كانوا ينوون التوجه إلى بيلاروسيا.
وكانت تركيا أيضاً في دائرة الاتهام، حين قيامها بتسيير العديد من الرحلات الجوية المباشرة إلى مينسك من مطار اسطنبول، ويقال إن من بين ركاب هذه الرحلات لاجئون.
لكن مؤخراً أعلنت أنقرة إنهاء الرحلات الجوية إلى العاصمة البيلاروسية، ونفت في بيان رسمي قيامها بتعمد نقل لاجئين.
وارتفعت حصيلة الوفيات بين المهاجرين على الحدود بين الاتحاد الأوروبي وبيلاروسيا إلى 11 حالة وفاة بينهم سوريان على الأقل بحسب تقديرات وسائل إعلامية، وذلك بعد أن ازدادت أوضاع المهاجرين خطورةً مع انخفاض درجات الحرارة في المنطقة الحدودية، في ظل انعدام المأوى.
ويصعب التواصل المباشر مع العالقين بسبب انعدام شبكات الإنترنت.
وقال شبان سوريون يعيشون في أربيل عاصمة إقليم كردستان لنورث برس إنهم كانوا ينوون الهجرة إلى أوروبا عبر بيلاروسيا، لكن خططهم تبددت بعد مشاهدتهم الأوضاع المأساوية للعالقين هناك.
وكانت الخطة هو أن يسافر الشخص من مطار بلاده أو بلد مجاور بشكل شرعي إلى بيلاروسيا، ثم يتوجه إلى أقرب نقطة حدودية غرباً استعداداً للدخول غير الشرعي إلى بولندا فألمانيا، هذا ما قال حسين أوسو وهو لاجئ سوري مقيم في أربيل.
وأوسو كان من بين من يخططون للقيام بهذه التجربة خاصة بعد نجاح أحد أقاربه في الوصول إلى ألمانيا في الفترة السابقة.
لكن “أوسو” تخلى عن فكرة الهجرة بهذه الطريقة بعد مشاهدته عبر قنوات التلفاز ظروف العالقين على الحدود.
وقال لنورث برس: “أفضل البقاء في أربيل حالياً على أن أتوجه إلى الموت”.