عدم كفاية المجففات يجبر مزارعي الذرة في الرقة لبيعها بأقل من التسعيرة

الرقة ــ نورث برس

اضطر المزارع محمد الإسماعيل (٣٧ عاماً)، من ريف الرقة الجنوبي، شمالي سوريا، لبيع محصوله من الذرة الصفراء لتاجر، في ظل تأخر حصوله على قسيمة لتوريد محصوله للجنة الزراعية بسبب عدم كفاية مجففات الذرة للمنتج هذا العام.

وقسيمة استلام المحصول تقدمها لجنة زراعية في شركة التطوير المجتمع الزراعي في الرقة، للمزارعين تسمح لهم بحصاد وبيع محصولهم للشركة التابعة للإدارة الذاتية.

لكن مزارعين في الرقة باعوا إنتاج هذا العام للتجار بسعر أقل من تسعيرة الإدارة الذاتية، وذلك لتأمين مصاريف جني المحصول وحمايته من التلف وزراعة الموسم الذي يليه.

ويعتبر هؤلاء أن بيع المحصول لتاجر أفضل من الانتظار الطويل الذي يعلله مسؤولون محليون بعدم كفاية ثلاثة مجففات للذرة في المنطقة لمحصول هذا العام.  

وتعتبر الذرة الصفراء من المحاصيل الاستراتيجية بعد القمح والقطن وتستخدم في صناعة الزيت النباتي ومواد غذائية، بالإضافة لكونها علفاً للدواجن. 

ويشتري التجار في الرقة، الكيلوغرام الواحد من الذرة الصفراء من المزارعين بسعر يتراوح بين 800 و900 ليرة سورية، بينما تشتريها الإدارة الذاتية بنحو 1.100 ليرة سورية بحسب نسب الرطوبة فيها.

خيارات بيع

يقول “الاسماعيل” الذي زرع 20 دونماً من أرضه بالذرة الصفراء في قريته الرطلة التي تبعد عشرة كيلومترات جنوب الرقة، إن تكاليف الزراعة استنفذت ما لديه من نقود تلزمه لزراعة الموسم التالي.

وأضاف أن انتظار القسيمة ثم حصد وبيع المحصول إلى “المجفف” واستلام ثمنه من الشركة سيستغرق وقتاً، ما س يؤخره عن زراعة الموسم التالي في أرضه.

ويشير المزارع إلى أن أجور نقل الإنتاج إلى المجفف “عبء إضافي على المزارعين، لا سيما الذين زرعوا مساحات قليلة من الذرة الصفراء”.

وتتفاوت الأسعار في الأسواق بحسب جودة المحصول ودرجة رطوبته، “فكلما كانت كثافة الرطوبة عالية كان المحصول أقل جودة”، بحسب تجار.

ووسط شراء تجار لكميات من المحصول، يسعى بعضهم لشراء “قسائم” من المزارعين مقابل ما يتراوح بين 200 و300 دولار أميركي، حتى يتمكنوا من بيع كميات اشتروها في الأسواق لشركة تطوير المجتمع الزراعي في المدينة.

وقال تجار في الرقة إن الشركة سمحت لهم بشراء الذرة من المزارعين بسعر يناسبهم.

“انتظار وتكاليف”

وفضل عثمان الحرير(45 عاماً)، وهو مزارع في قرية كسرة محمد آغا، 15كيلومتراً جنوب الرقة، انتظار استلام قسيمة من اللجنة الزراعية لحصاد محصوله وبيعه لها. 

رغم ذلك، ينتقد تأخر القسائم وبعد مراكز التسليم ثم تأخر أثمان الإنتاج.

ويعود حرص المزارعين على استلام القسيمة قبل البدء بالحصاد إلى تلف الإنتاج خلال فترة لا تتجاوز أسبوعاً إن لم ينشر للتجفيف.

ويجتاز سائقو شاحنات بريف الرقة الجنوبي مسافة تقارب 70 كيلومتراً للوصول لمراكز التجفيف، وذلك خلال المرور من سد المنصورة (30 كيلومتراً غرب المدينة) لخروج جسر الرقة الجديد عن الخدمة وعدم صلاحية الجسر القديم لعبور الشاحنات الثقيلة.

ويعتقد “الحرير” أن إنشاء مركز أستلام أو مجفف للذرة في ريف الرقة الجنوبي سيخفف تكاليف النقل المرتفعة (أكثر من عشرة آلاف ليرة سورية للطن الواحد) ويوفر الجهد والوقت. 

وتضم مدينة الرقة ثلاثة مجففات للذرة الصفراء، وهي نفسها مراكز استلام لمحاصيل الرقة ومنبج وكوباني وعين عيسى والطبقة. 

ويخشى “الحرير” من أن يتسبب قراره بعدم البيع للتجار بتأخر زراعة أرضه بمحصول القمح القاسي المخزن لديه من الموسم الماضي.

وقال: “صار همي أخلص من الذرة، والله خايف يروح مني موسم القمح كمان”.

 ويبدأ موعد زراعة بذور القمح “القاسي” قبل كانون الأول/ديسمبر  لأنه يحتاج مدة للنضج، بينما تصلح زراعة “الطري” حتى  مطلع شباط/فبراير، بحسب مهندس زراعي في الرقة.

طاقة محدودة للمجففات

وقال أحمد العلي، وهو الرئيس المشارك للجنة تطوير المجتمع الزراعي في الرقة، إن كمية الذرة الصفراء لهذا العام تعدت المتوقع، والمساحات المزروعة بالذرة كانت شاسعة في الرقة وكوباني ومنبج. 

وأضاف، لنورث برس، أن مجففات الذرة الصفراء في الرقة باتت عاجزة عن استيعاب الكمية الموجودة في المنطقة، فاستطاعتها على مدار 24 ساعة تبلغ 700 طن كحد أقصى. 

وتنقص كمية استيعاب المجفف بارتفاع نسبة الرطوبة في الذرة وقد تصل إلى 500 طن، بحسب العلي.

ويتميز محصول الذرة الصيفي بعدم حاجته للسقاية مرات كثيرة حتى ينضج وسط ظروف الجفاف وانخفاض مستوى المياه في المنطقة.

ووصل إنتاج الدونم الواحد من محصول الذرة الصفراء في الرقة إلى 800 كيلوغرام كحد وسطي هذا الموسم، فيما وصل العام الماضي إلى 500 كيلوغرام كحد وسطي، بحسب مزارعين.

وتوزع الشركة الزراعية يومياً من 30 إلى 50 قسيمة لاستلام الذرة، وإن تعدت الكمية الذرة طاقة المجفف، يلجأ المركز لتجفيفها بالطرق التقليدية (فرش الإنتاج على أرض إسفلتية)، بحسب “العلي”. 

وتصل الكميات التي يخزنها المركز في المستودعات هذه الأيام إلى ألف طن من حبوب الذرة يومياً.

ورأى “العلي” أن الرقة تحتاج لزيادة عدد المجففات لتلافي تأخر استلام المحاصيل وآثار ذلك، بالإضافة لضرورة التزام المزارعين بالمساحات المحددة وفق الخطة الزراعية.

إعداد: حسن العلي- تحرير: عمر علوش