سكان في دمشق يواجهون نقص المواصلات بحلول فردية على طريقة “قبول المشكلة”
دمشق- نورث برس
يستخدم صبحي ناشد (23 عاماً)، وهو طالب في كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية يعيش في حي البرامكة وسط دمشق، الدراجة الهوائية للوصول من المسكن إلى الجامعة والعودة منها، بالإضافة لغالبية تنقلاته الأخر، وذلك وسط استمرار نقص المواصلات.
ويشير إلى ازدياد عدد من يستخدمون الدراجات وأن المجتمع بدأ يتقبل حتى قيادة الفتيات لها، “هذا أمر جيد، لكن الأمر ليس خياراً بل هو إجباري بالمسبة لغالبية مستخدميها”.
ويلجأ سكان في العاصمة دمشق لما يسمونه حلولاً فردية لتجاوز عقبات نقص المواصلات، وذلك بهدف تدبر أمورهم والتنقل بين المنزل والعمل أو الجامعة.
ورغم أن بعض تلك البدائل تبدو قبولاً باستمرار المشكلة أكثر من أن تكون حلاً ينهيها، لكن أصحابها لم يجدوا سواها في ظل توقع استمرارها العام القادم.
وهذا العام، استمرت أزمة نقل حادة في دمشق، لا سيما أوقات الذروة صباحاً وبعد انتهاء موعد دوام الموظفين في الدوائر الحكومية.
واحتاج الشاب “ناشد” للعمل بدوامين خلال الصيف الماضي واستدانة مال إضافي من أخيه حتى اشترى الدراجة التي يقول إن أسعارها تتراوح في الآونة الأخيرة بين 500 ألف ليرة ومليون ليرة سورية.
“مشي لمرتين”
وينطلق سعد ساني (39 عاماً)، وهو موظف في قصر العدل في دمشق، من منزله في مدينة جرمانا مشياً عند السابعة إلا ربع صباحاً ويصل على موعد العمل في الثامنة بشكل ثابت.
يقول بتهكم إنه “يستمتع ويستفيد” من الكتب الصوتية التي يستمع لها أثناء سيره.
ويضيف: “بحسبة بسيطة استطعت شراء حذاء رياضي من البالة، واستعرت حقيبة ظهر من ابني للماء والملابس الاحتياطية، واشتريت سماعات جيدة، وطلبت من صديقي أن يضع لي كتب صوتية على جوالي”.
ويعتبر مشاق السير حتى مع انخفاض درجات الحرارة “أرحم من ابتزاز بعض سائقي السرافيس وباصات النقل الداخلي ومطالبتهم بأجرة أكثر من تعرفة الركوب الرسمية”.
وكان “ساني” يخوض سابقاً كل صباح تدافعاً للحصول على مقعد أو مكان في حافلة.
يصف الآن الحل الذي لجأ له بـ”مسكّن غير مستدام”، قد يستخدمه طلاب وموظفون غيره.
وفي الحادي عشر من هذا الشهر، رفعت الحكومة أسعار الوقود غير المدعوم، فبلغ سعر اللتر الواحد من البنزين “الحر” 2.500 ليرة سورية
ورغم أن المدعوم ما زال بسعر 750 ليرة للتر الواحد، إلا أنه لا يحق لأصحاب السيارات استلام أكثر من 25 لتراً كل أسبوع.
تشارك في التكلفة
وكل صباح، يتوجه هاني مبيض (42 عاماً)، وهو مهندس مدني يعيش في بلدة جديدة عرطوز، لاصطحاب زميلين له البلدة نفسها واثنين آخرين في أشرفية صحنايا، ليواصل القيادة نحو مكتبه في ساحة المرجة وسط العاصمة.
يقول إن الأمر يتكرر في العودة أيضاً، “مقابل تقاسم تكلفة تعبئة البنزين”.
ويضيف أنهم يفعلون ذلك رغم أن كلاً من زملائه يمتلك سيارة خاصة، “لكن سيارتي هي الأحدث والأوسع بينها”.
ويصل المبلغ المدفوع للبنزين لنحو عشرة آلاف ليرة، “نعبئ بشكل شبه يومي كميات قليلة تكفي لتوصيلنا”.
أما المخصصات مدعومة السعر د في بطاقاتهم الخمسة، فيقومون باستعمالها لتنقلات شخصية وعائلية أو يبيعونها لسائقي سيارات الأجرة.
“في بعض الأحيان إذا لم يكن الجميع حاضراً، ننتظر على جسر الرئيس راكباُ لأخذه معنا مقابل 2000 ليرة.
ويعتبر المهندس إجراءات الحكومة فيما يخص تأمين المواصلات وتحديد أسعار ومخصصات الوقود، “حلول تَرقيع”.
أما رازي محمد (24 عاماً)، وهو عسكري يؤدي الخدمة الإلزامية منذ عام في العاصمة، فيعمل على دراجته النارية بعد إنهاء دوامه الإداري.
يقول إن ما يجنيه من أرباح التوصيل يعينه على مصاريفه، “وأصبح لي زبائن يتواصلون معي عبر الهاتف”.
ويشير إلى أن الحكومة تلاحق هذه الدراجات بحجة عدم وجود تصاريح عمل لها، “لكن آراء السكان مخالفة، فجميع زبائني يخبرونني أن أسعاري وسرعة إيصالي لهم ممتازة”.
ويتساءل “محمد”: “ماذا تريد الحكومة بالضبط؟ فلا رواتب تكفي، ولا حل لدي لتغطية مصاريفي اليومية سوى العمل على دراجتي”.