تداعيات الجفاف تهدد بأضرار في أراض ومعيشة مزارعين بريف الحسكة

تل تمر – نورث برس

لا يعلم ياسين العزيز (52 عاماً)، وهو مزارع بريف الحسكة شمال شرقي سوريا، مآل محصوله من القمح هذا العام في أرضه الواقعة على ضفة نهر الخابور.

ويتشارك مزارعو المنطقة مخاوفهم لأن النتائج ستكون كارثية إذا ما كان هذا الموسم كسابقه من جهة شح الأمطار  وجفاف النهر وتلف المحاصيل.

وتواجه منطقة الجزيرة السورية تحديات الجفاف وآثاره على الأمن الغذائي إذ بات نقص كميات الطحين والأعلاف واضحاً في “سلة سوريا الغذائية”.

والأسبوع الماضي، تفاءل “العزيز” مع هطول الأمطار الأولى  هذا العام، لكن الكميات اقتصرت على عشرة مليمترات في الحسكة (أعلى كمية كانت 13 مليمتراً في تل براك)، بحسب وكالة سانا الحكومية.

ويملك المزارع، وهو أب لثمانية أولاد، 60 دونماً على ضفاف نهر الخابور بريف بلدة تل تمر، ويعتمد في معيشته على إنتاجها إلى جانب تربية المواشي.

يقول لـنورث برس: ‘‘إذا استمرت الأمور هكذا سيكون الوضع سيئاً أكثر مما نتصور”.

غلاء مستلزمات

وإضافة لقلة الأمطار، يشكو “العزيز” ومزارعو المنطقة من نقص وغلاء البذور والمحروقات.

يقول، وهو يقف على أطراف حقله مرتدياً كوفيته الحمراء، إنه كان يخبئ كمية بذار كافية من محصوله لزراعته في الموسم اللاحق، “لكن الأرض لم تنتج العام الفائت بسبب الجفاف، ولم أبذر كميات كافية بسبب ارتفاع الأسعار”.

ويضيف: “سابقاً كنا ننثر 40 كيلوغراماً لكل دونم مروي، أما الآن فبالكاد ننثر ما بين 25 و30 كيلوغراماً”.

وحددت الإدارة الذاتية سعر بذار القمح بـ 1.200 ليرة سورية، في حين وصل سعر الكيلو غرام الواحد منه في  الأسواق مؤخراً إلى 2.200 ليرة، بحسب مزارعين.

وفي وقت سابق من الشهر الجاري، قال سلمان بارودو، الرئيس المشارك لهيئة الاقتصاد والزراعة في الإدارة الذاتية، إن كمية بذار القمح الموجود في مستودعات الإدارة لا تكفي لكل المزارعين في المنطقة.

ومنتصف الشهر الجاري، أرسلت الوكالة الأميركية ثلاثة آلاف طن من بذار القمح إلى مناطق شمال شرقي سوريا، قالت إنها “لمساعدة المزارعين السوريين”.

وقال “بارودو” إن الكمية المقدمة من الوكالة الأمريكية مرّحب بها، ولكنها لا تسد النقص الحاصل في كمية البذار.

“خطر التصحر”

ويهدد جفاف نهر الخابور جراء حبس تركيا للمياه منذ أعوام، مستقبل قطاعي الزراعة والتربية الحيوانية.

وقال مروان محمد، وهو مهندس زراعي في بلدة تل تمر، إن تأثر الزراعة بعوامل الجفاف العام الفائت أوصلها “لمرحلة حرجة”.

وأضاف: ‘‘لكن جفاف الخابور قصم ظهر الزراعة والثروة الحيوانية”.

وحذر المهندس الزراعي من توجه المنطقة نحو “التصحر” في ظل قلة تساقط الأمطار وزيادة نسب الملوحة في الطبقات السطحية للتربة.

وأشار إلى أن مجابهة المشكلة يحتاج لتوفير كميات من الأسمدة العضوية “وهو أمر صعب لعدم وجود معامل يغطي إنتاجها المساحات الزراعية”، أو تعويضها بالسقاية لزيادة رطوبة التربة وتخفيف نسبة الأملاح.

ويرى ‘‘محمد’’ أن المزارعين بحاجة ماسة اليوم لدعم القطاع الزراعي بالمواد المطلوبة وتشجيع المزارعين على الزراعة.

مخاوف من الفقر

وفي قريته العوجة الواقعة على ضفاف نهر الخابور جنوبي بلدة تل تمر، يقول المزارع حسين صالح (45 عاماً) إن 75 بالمائة من سكان قريته يعتمدون على الإنتاج الزراعي النباتي والحيواني.

ويواجه مزارعو القرية تحدي جفاف النهر الذي كانوا يسقون منه مزروعاتهم، إلى جانب صعوبات في تأمين وقود المازوت (الديزل) لتشغيل محركاتهم المائية والجرارات للحراثة وزراعة البذار.

يضيف “صالح”: ” يعتمد غالبية المزارعين على الآبار، لكنهم بحاجة لكميات إضافية من الوقود، نأمل من الله أن تمطر هذا العام”.

وأشار إلى أن التدهور المعيشي أجبره على بيع كمية البذار التي قام بتخزينها من محصوله القليل العام الفائت.

ويعتقد أن الجفاف إذا استمر “سينشر فقراً فاحشاً بين السكان، فالجميع خائف من مصير موسم هذا العام”.

إعداد: دلسوز يوسف- تحرير: حكيم أحمد