مستودع خردة في الحسكة يؤمن دخلاً متدنياً لنساء معيلات

الحسكة – نورث برس

تنقل بسمة العطية (39 عاماً)، وهي أم لأربعة أطفال في الحسكة شمال شرقي سوريا، بمساعدة أخرى حاوية تضم أكياس خردة وصلت حديثاً إلى الكومة الضخمة وسط المستودع المغطى بسقف معدني.

وتواظب العاملة على عملها في المستودع مقابل ثلاثة آلاف ليرة سورية فقط، وسط عدم نجاح محاولاتها في الحصول على عمل آخر حتى الآن.

وتجد نساء معيلات وأخريات بحاجة لمساعدة عائلاتهن في مستودعات الخردة في حي الغزل بالحسكة ملاذاً وسط الغلاء والتدهور المعيشي رغم الأجر المتدني الذي “لا يساوي أي شيء، ولا يسد احتياجاتنا مع حلول الشتاء”.

وتعمل بسمة وابنة لها طوال سبع ساعات من السابعة صباحاً وحتى الثانية بعد الظهر في نقل وفرز المواد البلاستيكية وفوارغ المشروبات الغازية والعلب الأخرى والأسلاك والقطع المعدنية التالفة “لتأمين لقمة العيش”.

وأواسط أيلول/ سبتمبر الماضي، قال تقرير لمحققي الأمم المتحدة إن “تدهوراً سريعاً” حدث في الاقتصاد السوري، ما أدى إلى ارتفاع أسعار الخبز وتزايد ملحوظ في انعدام الأمن الغذائي بنسبة تزيد عن 50 في المائة مقارنة مع العام الماضي، “ليبدو الوضع العام في سوريا قاتماً بشكل متزايد”.

مضطرات للعمل

وفقدت بسمة زوجها قبل أكثر من سبعة أعوام، عقب توجهه إلى بلدة الشدادي جنوب المدينة.

وكان ريف الحسكة الجنوبي آنذاك يشهد اضطرابات أمنية بسبب تواجد تنظيمات وفصائل متشددة أبرزها تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).

 إلا أن المرأة تقول إنها لم تتوصل لأي معلومة حول مصير زوجها حتى الآن.

 ولبسمة طفلة بعمر 12 عاماً من ذوي الاحتياجات الخاصة.

تقول إنها “مجبرة” على العمل هنا بسبب عدم تمكنها من إيجاد عمل آخر.

وتعمل في مستودع الخردة في حي الغزل حوالي 30 امرأة وفتاة، بينهن نجاح عبد الله (35 عاماُ)، وهي من سكان حي العزيزية تعيل عائلتها التي تضم خمسة أفراد بعد أن تخلى عنها زوجها عقب زواجه الثاني، على حد قولها.

وتعمل نجاح في فرز النايلون وتشرف أحياناً على آلة فرم البلاستيك، “العمل هنا لا يحتاج لقوة بدنية، لكن الراتب قليل ولا يكفي”.

 تضيف: “أطفالي ما يزالون صغاراً، وأضطر للعمل لتامين جزء من مصاريفهم”.

ونهاية الشهر الفائت، قال مارتن غريفيث مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، إن “أكثر من 90 في المائة من السكّان في سوريا يعيشون تحت خط الفقر”.

وأضاف، خلال جلسة دوريّة عقدها مجلس الأمن الدولي في مقر الأمم المتحدة بمدينة نيويورك، أن “الكثير منهم يضطر إلى اتخاذ خيارات صعبة جداً لتغطية نفقاتهم”.

ويحدث هذا في ظل استمرار إغلاق معبر تل كوجر (اليعربية) الإنساني على الحدود السورية العراقية، بعد استخدام موسكو وبكين حق الفيتو في مجلس الأمن الدولي لإغلاقه أمام مرور مساعدات الأمم المتحدة.

إعادة تدوير

ويستقبل عدنان الدخيل (40 عاماً)، وهو صاحب المستودع، مئات الكيلوغرامات من المواد القابلة لإعادة التدوير من حديد وبلاستيك وألمنيوم وغيرها في مركزه بحي الغزل.

يقول: “نستقبل كل ما هو بال ونقوم بفرزه ثم ترحيله لمعامل محلية.

واعتبر “الدخيل” أن توفر عدة معامل لإعادة تدوير هذه المواد في مدينتي الحسكة والرقة أتاح العمل في مجال الخردة.

ويبيع المستودع مواده لأربعة معامل لإنتاج الخراطيم الزراعية وإعادة إنتاجها من المواد البلاستيكية التالفة، إلى جانب صناعة الصناديق البلاستيكية لنقل الفواكه والخضروات، ومعمل للحديد في الرقة.

ويستفيد من المستودع 30 من النساء وعشرة شبان و30 عاملاً متجولاً لشراء الخردة من السكان وجمعها من الشوارع، بحسب صاحبه.

ويحصل الشباب على سبعة آلاف ليرة “نظراً للأعمال المجهدة التي يقومون بها”، بينما تحصل كل من النساء العاملات في فرز وتقطيع البلاستيك على ثلاثة آلاف.

ويضم المستودع آلات لفرم وتقطيع البلاستيك، ومكبساً للصاج وآلة لتقويم حديد بناء المستعمل.

ويشير صاحب المستودع إلى أن عمل هؤلاء يساهم “في التخلص من النفايات الصلبة من خردوات وحديد وغيرها بدل من أن تكون في الشوارع ومكبات النفايات، كما ان ذلك خلق مئات فرص العمل للسكان من أطفال وشبان ونسوة من خلال بحثهم في المكبات عن المواد المفيدة القابلة لإعادة تدويرها”.

إعداد: جيندار عبدالقادر- تحرير: حكيم أحمد