نازحون من ريف إدلب الجنوبي يبيعون ممتلكاتهم بأقل من قيمتها
إدلب- نورث برس
لا يخفي مهدي ملحو (45 عاماً)، وهو اسم مستعار لنازح في إدلب شمال غربي سوريا، ندمه بعد بيع أرضه الزراعية بالقرب من معرة النعمان جنوباً لأحد أقاربه الذي ما زال في مناطق سيطرة الحكومة.
ذلك لأنه أعطاها بأقل من قيمتها الحقيقية بأضعاف، وسط الظروف المعيشية الصعبة التي مر بها.
ويعتقد بعض النازحين الذين يعيشون في إدلب أن ممتلكاتهم في مناطق سيطرة الحكومة بالريف الجنوبي “شيء مفقود لا يمكن الاستفادة منها”، على حد تعبير “ملحو”.
ويوافقون على بيع منازل وأراض قريبة من خطوط التماس بين القوات الحكومية وفصائل المعارضة، لأقاربهم ومعارفهم هناك بأقل من قيمتها وسط استمرار التصعيد.
يقول “ملحو” إن الظروف المعيشية والاقتصادية الصعبة التي يعيشها دفعته لبيع مساحة دونمين من أرضه الزراعية والمقدرة بمبلغ ثلاثة آلاف دولار أميركي.
ويضيف أن ذلك أقل من نصف قيمتها.
وتتم عمليات البيع والشراء لهذه العقارات والأراضي عبر وسطاء ومحامين يتم تكليفهم من قبل البائع والشاري، لإعداد عقود البيع.
يأس من العودة
وبداية العام الجاري، باع أمين العموري (38 عاماً)، وهو اسم مستعار لنازح من مدينة كفرنبل ومقيم في مدينة الدانا شمال ادلب، أربعة دونمات من أرضه المزروعة بأشجار الزيتون.
يقول إنه يئس من العودة إلى مدينته وأرضه التي كانت مصدر رزقه الوحيد.
ويعيش “العموري” الآن في مخيم، وينوي بيع باقي أرضه ليتمكن من شراء منزل وافتتاح مشروع يحسن به معيشته.
يضيف: “لن أنتظر ممتلكات مفقودة لن أستطيع الاستفادة منها مطلقاً”.
وسيطرت قوات الحكومة السورية، مطلع عام 2019 على نحو ألفين و300 كيلومتر مربع من الأراضي الزراعية في مناطق إدلب.
وبقي قرابة 1.500 كيلومتر مربع بيد فصائل المعارضة التي خسرت نحو 60 بالمائة من مناطق سيطرتها، وفقاً لتقارير إعلامية.
ويوم أمس الأربعاء، قال مصدر محلي، لنورث برس، إن قوات الحكومة السورية المتمركزة في معسكر جورين بسهل الغاب غرب حماة استهدفت بقذائف المدفعية الثقيلة بلدة عين لاروز بمنطقة جبل الزاوية جنوبي إدلب.
وأضافت المصادر أن القصف أسفر عن مقتل اثنين وإصابة آخرين بجروح متفاوتة الخطورة جرى إسعافهم إلى النقاط الطبية القريبة من المنطقة.
أثمان متدنية
وقال ربيع المنفوخ (35 عاماً)، وهو اسم مستعار لنازح من ريف حماة الشمالي يعيش في سرمدا شمال إدلب، إنه مقتنع بمقولة “مو جابرك عالمر غير الأمر منه”.
والشهر الفائت، باع الشاب أرضه المزروعة بشجر الفستق الحلبي لأحد التجار في مناطق سيطرة الحكومة السورية ” بأقل من ربع ثمنها”.
وحصل على سبعة آلاف دولار أميركي من بيع خمسة دونمات مزروعة بأشجار الفستق الحلبي، في حين عرض عليه مبلغ 20 ألف دولار قبل نزوحه.
وعلل “المنفوخ” بيعه لأرضه بحاجته لافتتاح مشروع صغير بثمنها يمكنه من الإنفاق على عائلته المؤلفة من سبعة أشخاص.
وأشار إلى أن التاجر ذاته اشترى عدة أراض من أهالي المنطقة.
واعتبر سليم مخزوم (53 عاماً)، وهو اسم مستعار لنازح من بلدة البارة جنوب ادلب ويعيش في مخيمات دير حسان الحدودية، أن كسبه 2.700 دولار أميركي مقابل أرضه التي تساوي ثمانية آلاف دولار “أفضل من لا شيء”.
ومنذ عامين، لم يتمكن الخمسيني من جني محاصيل أرضه على خطوط التماس بين قوات الحكومة وفصائل المعارضة السورية.
يقول إنه باعها بعد أن أصيب ثلاثة من أبنائه إصابات خطرة أثناء محاولتهم جني المحصول.
وتقاضى المخزوم مبلغ 2700 دولار كثمن لأرضه التي كانت تساوي أكثر من ثمانية آلاف دولار، ولكنها تبقى أفضل من ” لا شيء” على حد وصفه.