إيقاف الدعم عن مشفى في الرقة يهدد آلاف الأطفال والنساء المرضى

الرقة– نورث برس

تخشى رحاب العيسى أن يتسبب إغلاق محتمل لمشفى الأمراض النسائية والأطفال في الرقة، شمالي سوريا، بعرقلة علاج طفلتها (تبلغ سبعة أشهر) المصابة بالتهاب السحايا، وذلك بعد إعلان إيقاف التمويل الدولي لها.

تقول المرأة، التي تبلغ 37عاماً، إنها لن تتمكن من متابعة علاج ابنتها في ظل ارتفاع اسعار المعاينات لدى الأطباء، بالإضافة إلى الأسعار الباهظة للأدوية التي تحصل عليها مجاناً من المشفى.

ويصف عاملون صحيون وناشطون وذوو مرضى في الرقة التوقف المحتمل لخدمات مشفى التوليد والأمراض النسائية والأطفال في المدينة بالكارثة الصحية إذا لم تُحل مسألة إيقاف الدعم عنه.

وفي السابع عشر من هذا الشهر، أبلغت المنظمة الداعمة “إيكو” التابعة للاتحاد الأوربي إدارة المشفى بشكل رسمي أنها ستوقف دعمها للمشفى نهاية هذا الشهر.

وترى “العيسى” أن المنظمات الدولية تعلم بالواقع الطبي في مدينة شهدت معارك طاحنة خلال سنوات الحرب، “وإيقاف الدعم عنها سيتسبب بكارثة للنساء والأطفال المرضى”.

تقول لنورث برس إن خدمة المشافي المدعومة من منظمات دولية تبقى أفضل وبلا تكلفة.

وتضيف: “أخبرني الأطباء أن طفلتي تعاني التهاب السحايا الفيروسي، وعلاجها سيستغرق عدة أسابيع، وأنا لا أملك تكاليف علاجها في العيادات الخاصة”.

عشرة آلاف مستفيد

وتعتبر “العيسى” أن كثيراً من ذوي المرضى من ذوي الدخل المحدود يعانون من المشكلة نفسها، ويجدون في المشفى الملجأ الوحيد الذي يتلقون فيه العلاج دون دفع تكاليف تثقل كاهلهم.

ويقدم المشفى خدمات للنساء والأطفال، إضافة لإجراء تحاليل وتقديم أدوية مجانية، بحسب إدارة المشفى. 

وتتم معاينة ما يقارب 150 حالة مرضية للأطفال بشكل يومي في المشفى، بينما يبلغ عدد المستفيدين من جميع الأعمار شهرياً ما يقارب عشرة آلاف مريض.

وكل يوم، تُجرى 15 عملية توليد جراحية (قيصرية) وسطياً.

وفي الثامن عشر من تشرين الثاني/نوفمبر، قال عبد الرحمن الأحمد، وهو إداري في المشفى، إن إغلاق المشفى أبوابه أمام المرضى سيسبب أزمة إنسانية في المنطقة، لأن المشفى يقدم خدمات مجانية لأوسع شريحة من النساء والأطفال.

وأضاف أن المشفى يستقبل حالات إنسانية من المخيمات ومدن وبلدات أخرى قريبة من الرقة مثل الطبقة والمنصورة، إضافة إلى حالات قادمة من كوباني والحسكة أحياناً.

ويضم المشفى عيادات خارجية خاصاً للأطفال وجناح عناية خاصة بهم يضم 40 سريراً و16 حاضنة للخدج، إلى جانب محطة أوكسجين خاصة بالمشفى.

جهاز وحيد في المنطقة

وقال الإداري إن هؤلاء المرضى ليس لديهم قدرة على تحمل تكاليف أجور المشافي الخاصة في ظل ارتفاع أسعار خدماتها الطبية، مقارنة بما يقدمه المشفى من خدمات مجانية لذوي الدخل المحدود.

ويضم المشفى أيضاً جهاز “ماموغراف” للكشف المبكر عن سرطان الثدي وهو الجهاز الوحيد المتواجد في مناطق شمال وشرق سوريا، إضافة إلى أجهزة تصوير شعاعي. بحسب إدارة المشفى. 

وفي الثاني والعشرين من هذا الشهر، احتج سكان ومنظمات مدنية في الرقة، أمام مشفى التوليد والأمراض النسائية والأطفال، بعد إبلاغ المنظمة الداعمة له بإيقاف الدعم نهاية الشهر الجاري.

واعتبر ناشطون مدنيون في الرقة، أن عمل المشفى “شأن إنساني بحت بغض النظر عن الاعتبارات الأخرى كرواتب موظفيه”.

 وقال مصطفى الجعفر، وهو ناشط مدني في الرقة، إن خبر إيقاف الدعم عن المشفى كان صادماً للجميع ولم يتوقعه أحد.

وأضاف أن إيقاف الدعم يتسبب بمخاطر قد تؤدي للموت بالنسبة لنساء وأطفال يتواجدون في المشفى، وعليها أن تتخيل حجم الكارثة الإنسانية ستتسبب بها.

شهر عمل تطوعي

وقالت منظمة العمل من أجل الإنسانية، التي تعمل في المشفى كمشرفة وجناح ميداني لمنظمة “إيكو”، إنها راسلت المنظمة الداعمة عدة مرات إلا أن الأخيرة لم توضح أسباب إيقاف دعمها للمشفى حتى الآن.

وقال عايد شعبان، وهو إداري في المنظمة، لنورث برس، إنهم بانتظار توضيح سبب إيقاف الدعم عن المشفى.

 وأضاف أن إبلاغ إيقاف الدعم “كان صادماً وما زالت إدارة المشفى بانتظار توضيح الأسباب”.

والعام الفائت 2020، أرسلت الجهة الداعمة إبلاغ موافقة لتجديد العقد قبل موعد انتهائه بشهرين.

ويعتقد الإداري في “العمل من أجل الإنسانية” أن “المشفى يحتاج لتدخل منظمة قوية للحفاظ على سوية خدماته”.

وقال عبد الرحمن الأحمد، وهو إداري في المشفى، لنورث برس، إن الكادر الطبي المتواجد في المشفى سيواصل عمله بشكل تطوعي حتى نهاية العام الجاري.

ويضم الكادر الطبي في المشفى ما يقارب 140 موظفاً بين عاملين طبيين وإداريين.

وأضاف “الأحمد” أن العمل سيستمر على الوتيرة نفسها خلال كانون الأول/ديسمبر المقبل، “حتى توضيح سبب إيقاف الدعم من الجهة المانحة”.

لكن أحد الممرضين، طلب عدم نشر اسمه، قال إنه رغم انضمامه لفريق العمل التطوعي، “إلا أن هذا لا يمكن أن يستمر لأشهر فالأوضاع الاقتصادية صعبة”.

وأضاف: “أسرتي بحاجة إلى راتب شهري لتأمين احتياجاتها، وأظن أن بقية المتطوعين حالتهم مشابه لحالتي”.

إعداد: عمار حيدر – تحرير: عمر علوش