عمال سوريون في دول الخليج العربي يفضلون البقاء رغم العقبات

دمشق- نورث برس

يستمر مأمون مسعد (26 عاماً)، وهو طالب دراسات عليا في الجامعة الافتراضية السورية ، في عمله مع شركة في دولة الإمارات عبر الإنترنت رغم وصوله إليها منتصف هذا الشهر.

الحال هذه جاءت بعد رفض الشركة تعيينه كموظف مقيم، “لأن ذلك سيلزمها بتحرير عقود وتسجيل العاملين في تأمينات اجتماعية  وصحية”.

لكن الشاب يقول إنه اضطر للخروج من سوريا لأن تأجيله من التجنيد سينتهي، ما سيؤدي لسوقه للخدمة العسكرية الإجبارية في صفوف القوات الحكومية في آذار/ مارس القادم.

ويقول مهاجرون سوريون في دول الخليج العربي إنهم يواجهون مشكلات تتعلق بإقامتهم ووثائقهم وعملهم، لكنهم لا يستطيعون العودة بسبب مخاطر أمنية إلى جانب التدهور المعيشي.

ومنذ أربعة أعوام، يعمل “مسعد” الذي كان يعيش في دمشق مع الشركة الإماراتية التي تفضل عاملين عبر الإنترنت.

يقول لنورث برس إن راتبه كان “فوق الممتاز”.

ويعيد سبب حصوله على وظيفة عبر الإنترنت لحداثة اختصاصه في البرمجة.

ويلاحظ في الهجرات الحديثة من سوريا لدول الخليج العربي أن غالبيتها لمهندسين واختصاصات علمية حديثة وخبرات صناعية، مقارنة مع هجرات سابقة ضمت بمعدل أكبر مهناً يدوية.

وقرر مأمون حالياً: سأستمر في العمل عبر الإنترنت، وسأواصل البحث عن عمل أفضل، فالراتب الذي كان يكفيني ويزيد في سوريا لا يكفيني ثمن الإيجار والطعام هنا.”

لا ظروف تساعد العودة

ويعيش توفيق حكمة (55 عاماً)، وهو سوري يدير المكتب الاستشاري لشركة قابضة في السعودية منذ العام 1990.

ويعتقد أن بلدان الخليج العربي “كانت ومازالت بحاجة إلى العمالة من فئة الشباب ذات الحرف اليدوية لكونها عمالة رخيصة لا تتوفر إلا من الدول العربية والآسيوية المفقرة كالفلبين وسوريا ولبنان ومصر وغيرها.

ويقول الرجل الذي كان يعمل مقاولاً للبناء قبل سفره، لنورث برس، إن السوريين ما زالوا يتشبثون بأي فرصة سفر، بسبب استمرار غلاء الأسعار وانخفاض الرواتب ومعدلات النمو في القطاعات الاقتصادية الحيوية ودمار البنية التحتية.

ونهاية التسعينيات، أسس “حكمة” مع آخرين جمعية للعمال السوريين في السعودية، “تساعد في بعض الأحيان، لكنها ليست كافية لحماية حقوق العمال والموظفين”.

ويروي الرجل عودته لسوريا عام 2010 لتأسيس مشروع استثماري بماله وأموال مستثمرين سوريين، “حتى أننا رصدنا مبلغاً للعقبات والمحاربة والابتزاز الذي توقعناه  من الدولة والمحسوبين عليها”.

لكنه قرر عام 2012 إعادة الأموال لأصحابها، “لأن العراقيل أصبحت أكبر من القيمة المرصودة للمشروع مع الانهيار الاقتصادي في البلاد”.

ومنتصف عام 2016 عاد “حكمة” إلى عمله السابق في السعودية، “وبعد أقل من عام ساعدت أولادي على السفر إلى أوروبا ليكملوا دراستهم، وأزلت فكرة العودة إلى الوطن تماماً”.

هجرة بعد هجرة

ويواجه عمار رضوان (36 عاماً)، وهو شاب سافر من دمشق إلى أبو ظبي منذ أربعة أشهر، رفض المنشآت تشغيله لأن تأشيرة سفره للزيارة وليست للعمل.

وقال لنورث برس، في اتصال عبر الإنترنت، إنه مازال يسكن في منزل أخته المستقرة منذ سنوات هناك.

 وعمل “رضوان” لخمس سنوات بمجال المطاعم والفنادق في لبنان بهدف جمع ثمانية آلاف دولار أميركي قيمة دفع “بدل الخدمة العسكرية الإجبارية”  ليتمكن من العودة إلى دمشق.

لكن تأزم الأوضاع الاقتصادية في لبنان منذ احتجاجات عام 2019 وأحداث بعدها جعل الأعمال تتراجع، “لدرجة أن دخلي مؤخراً لم يكن يكفي أجرة الغرفة التي أقيم فيها ببيروت.”

يصف الشباب السوريين بـ”الجيل الذي لم يحالفه الحظ”.

وبمجرد حصوله على فرصة للزيارة، استدان الشاب 600 دولار أميركي ثمن تذكرة الطائرة وسافر إلى أبو ظبي، “أما خيار العودة إلى سوريا فهو ملغى تماماً”.

ورغم أنه لم يفلح في الحصول على عمل حتى الآن، يقول “رضوان” إن وصول عد من السوريين مؤخراً قد

يغير في إجراءات الإقامة لتكون أكثر سهولة .

لكنه لم يعد يفكر في العودة لأن ما تطلبه الحكومة كبدل نقدي عن تجنيده يمكن أن يكفي لاحتياجات عائلته لسنوات، “كما آمل في الحصول على فرصة للسفر إلى أوروبا يوماً ما”.

إعداد: حنين رزق- تحرير: حكيم أحمد