شبان في درعا استعدوا للهجرة وأوقفتهم أزمة اللاجئين في بيلاروسيا

درعا- نورث برس

يحتار محمد خير الجابري (29 عاماً)، وهو بائع هواتف في درعا، جنوبي سوريا، في ما يجب أن يفعل بعد أن باع بضاعته وترك العمل في محله استعداداً للهجرة، فالطريق التي كان ينوي التوجه لها باتت مغلقة مع أزمة اللاجئين على حدود بيلاروسيا وتوقف الرحلات إليها.

ويرى أن حيرته يجب ألا تطول، لأن الأموال التي جمعها تتناقص نتيجة الصرف منها لتأمين احتياجات منزله فترة بقائه عاطلاً عن العمل.

ويقول شبان في درعا، جنوبي سوريا، إنهم استعدوا للهجرة بعد التسويات الأخيرة وعودة سيطرة القوات الحكومية، لكن توقف السفر إلى بيلاروسيا أغلق أبرز الطرق المتوفرة أمامهم.

وفي الثالث عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر الحالي، أعلنت شركة أجنحة الشام للطيران السورية، أنها علقت رحلاتها الجوية نحو مينسك عاصمة بيلاروسيا.

وقبلها بيوم أعلنت شركات في دول الجوار الأمر نفسه، عقب إعلان الشركة البيلاروسية  الحكومية “بيلافيا”، في بيان على موقعها الإلكتروني، أن مواطني العراق وسوريا واليمن لن يتمكنوا من اعتلاء رحلاتها من عدة دول.

وحدث هذا بعد أزمة لاجئين على الحدود بين بيلاروسيا وبولندا الدولة العضو في الاتحاد الأوروبي.

باعوا أثاثاً

وباع “الجابري” جميع البضائع التي كانت في محله بالإضافة إلى الديكورات ليتمكن من جمع خمسة آلاف دولار أميركي، كما باع دراجته النارية و بعض القطع الذهبية بحوزة زوجته،.

أرسل بعدها جواز سفره إلى أحد مكاتب السفر لتأمين فيزا سياحية إلى بيلاروسيا مقابل مبلغ 3.800 دولار أميركي، وقام بإجراءات أخرى لتأمين معيشة عائلته التي ستبقى في سوريا حتى تتم إجراءات لم الشمل.

لكن صاحب المكتب اتصل به وأخبره بضرورة مراجعته للمكتب لاستعادة جواز سفره والمبلغ الذي دفعه لأن عبور الطريق إلى بيلاروسيا بات “أشبه بالمستحيل” بعد توقف شركات الرحلات الجوية إلى العاصمة منسك.

يقول الرجل الآن إن خروجه من سوريا مازال أمراً ضرورياً بسبب تخلفه عن الخدمة الإجبارية في صفوف القوات الحكومية.

ويشير إلى أن التأجيل الأخير من شعبة التجنيد لن يحميه سوى لشهر نيسان/أبريل من العام المقبل لتلاحقه الأجهزة الأمنية بعدها.

وباع عاصم السرحان (26 عاماً)، أثاث منزله والأجهزة الكهربائية التي يمتلكها لتجار الأثاث المستعمل في درعا.

يقول إنه أعطاها بأقل مما تستحق لأنه كان مستعجلاً للذهاب من الطريق المتاحة “بيلاروسيا” إلى أوروبا.

لكنه علم من أحد أصدقائه بالأزمة الحاصلة على الحدود البيلاروسية- البولندية وقرارات حظر السفر الصادرة بعدها.

ويضيف أنه بذل “جهداً ووقتاً غير قليلين” لتأمين مبلغ ثمانية آلاف دولار أميركي، “وإن صرفتها لن أتمكن من جمعها مرة أخرى”.

فروا للجوار

ويقول بعض من يصرون على الهجرة في درعا، إنهم محبطون بسبب  إعادة نشر القوات الحكومية عدداً من الحواجز العسكرية في مدن وبلدات المحافظة واستعادة سيطرتها وعودة ممارساتها.

وعودة الحواجز والقوات الحكومية لدرعا وأريافها فرض إجراء تسوية للشبان كانت ضمن بنود الاتفاق الذي توصلت إليه اللجنة الأمنية الحكومية ووجهاء المحافظة في أيلول/ سبتمبر الماضي.

وتسبب نشر الحواجز العسكرية بتخوف كبير لدى مطلوبين ومنعهم من التنقل بين مدن وبلدات المحافظة، ما حرم البعض حتى من فرص عمل تساعدهم في ضل الظروف المعيشة الصعبة.

أما موسى عواقلة (30 عاماً)، فهو منشق عن القوات الحكومية، لم يتمكن من إصدار جواز سفر من درعا ، فتوجه إلى لبنان عبر طرق تهريب.

وكان ينوي إصدار جواز سفر عن طريق السفارة السورية في بيروت والتوجه نحو  بيلاروسيا.

يصف “عواقلة” واقعه الحالي بمأساة حقيقية إذ توقفت الرحلات الجوية من مطار بيروت إلى منسك، فضلاً عن توقف إصدار جوازات السفر السوريين في لبنان.

ويصعب عليه العودة إلى سوريا عن طريق التهريب، “وحتى لو نجحت في العودة أنا مطلوب”.

أما البقاء في لبنان، فهو خيار سيترتب عليه صعوبات معيشية حادة قد تؤدي لصرف كامل  المبلغ الذي جمعه للسفر .

إعداد: مؤيد الأشقر- تحرير: حكيم أحمد