سكان في السويداء: فقدان الثقة بالدور الروسي سبب تكرر طرد الدوريات

السويداء- نورث برس

يرى سكان في السويداء، جنوبي سوريا، أن الدور “السلبي” للقوات الروسية في مشكلات محلية سابقة هو ما يتسبب بتكرر حوادث طرد دورياتها في بلدات وقرى بالمحافظة، بينما يقول آخرون إن “جهات خارجية” تتسبب بتوتر تجاه تواجد موسكو في الجنوب السوري.

والأسبوع الماضي، طرد سكان في بلدة القريّا جنوب السويداء دورية روسية مشتركة مع المخابرات العسكرية الحكومية، وسط حالة سخط تجاه دور الروس في اشتباكات وقعت العام الماضي مع مسلحي الفيلق الخامس المدعوم من روسيا.

وسبقت حادثة القريا أخرى مشابهة خلال السنوات الماضية، في ظل علاقة متوترة بين سكان المحافظة الذين يتبعون طائفة الموحدين الدروز والقوات الروسية.

 ومنذ العام 2016، بدأت فيه روسيا زياراتها الرسمية إلى السويداء من باب المساعدات الإنسانية، سيما وأن المنطقة بقيت شكلياً تحت سيطرة القوات الحكومية.

ذاكرة علاقات متوترة

وعام 2017، طرد سكان قرية الجنينة شمال شرق السويداء دورية للقوات الروسية كانت توزع مساعدات غذائية.

وفي العام ذاته، طرد شبان مسلحون في مدينة شهبا دورية روسية من ساحة المدينة، وأطلقوا النار عليها، نتيجة استيائهم من تجول الدورية بشكل يومي في شوارع المدينة.

لكن أول تدخل روسي في المشهد الأمني والسياسي في المحافظة كان صيف العام 2018، عندما التقى وفد من القوات الروسية مع مشايخ العقل والوجهاء وأعضاء اللجنة الأمنية التابعة للحكومة في مبنى المحافظة.

 وطرح الوفد الروسي، في اللقاء الذي سبق هجوم تنظيم “داعش” الدموي على السويداء بأسابيع، ضرورة انضمام المحافظة إلى اتفاق التسوية في المنطقة الجنوبية.

وزعم بوجود مجموعات إرهابية في إشارة إلى الفصائل المحلية، ما أثار استياء واسعاً في أوساط الدروز محلياً وإقليمياً، ازدادت حدته مع تعرض المحافظة لهجوم واسع من مسلحي تنظيم “داعش”، أودى بحياة أكثر من 250 شخصاً إلى جانب مئات الجرحى.

وتعالت الأصوات والاتهامات في السويداء، يومها، بوجود تواطؤ من القوات الحكومية والقوات الروسية، عبر اتفاقية مخيم اليرموك جنوب دمشق التي تم فيها نقل مئات مسلحي “داعش” إلى بادية السويداء.

اعتداءات مدعومين

إلا أن الحادثة الأكثر تأثيراً على العلاقة بين روسيا والسكان المحليين، كانت على خلفية اتهام الروس بالتواطؤ مع اللواء الثامن بقيادة أحمد العودة في أحداث السابع والعشرين من آذار/ مارس 2020.

وراح ضحية الأحداث تلك 15 شاباً من بلدة القريا خلال اعتداء مسلحي الفيلق على مزارعي البلدة أثناء عملهم في أراضيهم القريبة من مدينة بصرى الشام حيث فقد تسعة شبان حياتهم، إضافة لأسر ستة آخرين من قبل قوات “العودة”.

 واتهم الأهالي المسلحين المدعومين من روسيا بقتل الأسرى بطريقة أثارت استهجاناً واسعاً في الأوساط الأهلية والسياسية والدينية المحلية.

واعتبر نعيم صالح، وهو اسم مستعار لأحد ذوي ضحايا حادثة القريّا، أن القوات الروسية هي المتهم الأول في مجزرة القريّا العام الفائت .

وأضاف لنورث برس أن القوات الروسية دعمت مسلحي “العودة” بالمقاتلين والأسلحة أثناء المواجهات، “إضافة لدورهم السلبي في المشكلة حيث عمل الروس على تأجيج الصراع الطائفي بدلاً من احتوائه ومحاسبة المُعتدين”.

مشاريع تجنيد

وأواخر العام 2020، أرسلت روسيا مجدداً وفوداً عسكرية إلى السويداء والتقت مع زعمائها، وطرحت عرض تسوية للمتخلفين عن الخدمة العسكرية في صفوف القوات الحكومية والمطلوبين الآخرين.

 لكن التسوية لم تلقَ الاستجابة المأمولة، فقد كان الإقبال عليها محدوداً بسبب غياب الثقة بالدور الروسي لدى كثير من سكان المحافظة.

وبداية العام 2021، أخذت القوات الروسية وعبر سماسرة محليين يتبعون أفرع الأمن الحكومية بتجنيد شبان كمرتزقة لصالحها في ليبيا وبعض المناطق الأخرى، وسط أوضاع معيشية وأمنية متدهورة.

وقال كمال حرب (29 عاماً)، لنورث برس، إن الوضع المعيشي المتردي دفعه للتسجيل عبر سماسرة محليين “للذهاب الى ليبيا بصفة مقاتل لحماية منشآت روسية في صحراء ليبيا”.

ونص العقد على مدة أربعة أشهر مقابل ألف دولار أميركي شهرياً.

وبعد التسجيل بعدة أيام، توجهت حافلات تحمل المجندين حديثاً إلى قاعدة حميميم العسكرية على الساحل السوري، حيث خضعوا لفحص طبي سريع ثم نقلوا الى مطار بني غازي في ليبيا بطائرات روسية .

وتم توزيعهم هناك على عدة نقاط ومجموعات حراسة في المنشآت الروسية وسط أوضاع حياتية سيئة من حيث قلة الطعام والمياه والمستلزمات الصحية، على حد رواية “حرب”.

ورغم أن المواقف السلبية من الدور الروسي تكاد تكون سائدة في السويداء، لكن البعض يعتقد أن موقف الحكومة من التواجد الروسي هو الأقرب للحقيقة.

 ويعتقد الشاب أدهم الحسين، وهو من سكان السويداء المدينة، إن “للقوات الروسية دوراً مهماً في حماية سوريا من الإرهاب”.

ويرى أن “الدعم الروسي المستمر خفف وطأة الحصار الاقتصادي على البلاد”.

بينما ينسب سبب العلاقات السيئة بين سكان السويداء والقوات الروسية إلى”جهات خارجية تحاول العبث بأمن الجنوب السوري لغايات غير نبيلة”.

إعداد: عمر زين- تحرير: حكيم أحمد