في ديرك لا يزرعون الأراضي البعلية بسبب تأخر الأمطار
ديرك – نورث برس
يتجول رمضان حسن (45 عاماً)، وهو مزارع في ريف ديرك أقصى شمال وشرقي سوريا، في أرضه القريبة من منزله، ويتفحص التربة التي تبدو قاسية وغير جاهزة للبدء بزراعتها في ظل تأخر هطول الأمطار هذا العام.
ولم يزرع معظم مزارعون المنطقة الأراضي البعلية حتى الآن، خشية خسارة تكاليف البذار وزراعتها وأجور الحراثة والوقود اللازم لذلك.
وتعتبر أراضي ديرك الأكثر خصوبة في المنطقة، كما أن نسبة الأمطار فيها تكون أفضل من الأرياف الجنوبية للجزيرة.
وتبلغ مساحة الأرض الزراعية التي يمتلكها “حسن” في قرية روباريا بريف ديرك نحو 13 هكتاراً، حرثها ثلاث مرات هذا العام بسبب قساوة التربة بعد جفاف العام الفائت، وكلفه حراثة الهكتار الواحد في كل مرة نحو 20 ألف ليرة سورية.
يقول إنه لن يقدم على زراعتها في حال تأخرت هطول الأمطار أكثر، “كما أن التربة ما زالت قاسية وغير جيدة للزراعة”.
وتحتاج زراعة محاصيل القمح والشعير والعدس الشائعة في المنطقة لحراثة ناعمة وتفتت التربة لضمان توزع البذار، بينما تسبب الجفاف بقساوة الأرض ما ينتج كتلاً ترابية أثناء الحراثة.
وتتوقع لجنة الزراعة والثروة الحيوانية في ديرك، أن تتم زراعة مساحة تتراوح ما بين 350 و400 ألف دونم من الأراضي الزراعية المروية والبعلية في المنطقة.
لكن المساحة المزروعة حتى الآن لم تتجاوز 200 هكتار، وهي أراض تعتمد على الري، بينما بقيت زراعة الأراضي البعلية على نطاق ضيق، بحسب اللجنة.
وعن إمكانية سقاية الأراضي في ظل تأخر الأمطار، ذكر “حسن” أن الأراضي في القرية مستصلحة “وضع يد” ولا تتوفر آبار فيها، في حين أن قليلاً منها تعتمد على مياه نبعة قريبة قد تروي نحو 50 هكتاراً.
موسم جفاف آخر
ويتخوف المزارعون في مناطق شمال شرقي سوريا من تكرار سيناريو الجفاف الذي حصل العام الفائت، ما ألحق الضرر بمحاصيلهم الزراعية وتسبب لهم بخسائر.
وشهدت الجزيرة السورية التي تعرف بـ “سلة سوريا الغذائية” تراجعاً في إنتاج محاصيل استراتيجية وهامة كالقمح والشعير والعدس خلال الموسم الفائت، بسبب الانحباس المطري وتوقف جريان الخابور وأنهار محلية أخرى.
وتدعم لجنة الزراعة في ديرك المزارعين “بنوعية جيدة من البذار” وبسعر مدعوم، إذ قامت اللجنة بشراء البذار من الدرجة الأولى بسعر 1.200 ليرة للكيلوغرام الواحد وجهزتها للتوزيع على المزارعين بالسعر نفسه بعد غربلتها وتعقيمها.
ويقول الرئيس المشارك للجنة جوان عبدو، إن تكلفة تجهيز الكيلوغرام الواحد من البذار بلغت 1.450 ليرة.
لكن مزارعين في ديرك قالوا إن بعضهم لم يستلم البذار والوقود اللازم لبدء الزراعة.
وحول مدى استعدادهم لموسم جفاف آخر، يشير “عبدو” إلى أنهم لا يملكون “احتياطياً للقمح” وأن اعتمادهم سيكون على المنظمات ومساعدات قد يحصلون عليها من الخارج.
وأمام هذا الواقع، يقبل مزارعون على ترخيص الآبار الزراعية لسقاية الأراضي المروية، إذ منحت لجنة الزراعة أكثر من 25 ترخيصاً لحفر آبار جديدة هذا الموسم.
وبذار لا يكفي
وبلغت كمية البذار التي تم توزيعها على المزارعين في ديرك هذا العام بلغت 1.445 طن، بحسب لجنة الزراعة.
لكن الرئيس المشارك للجنة، قال إن الكمية اللازمة لسد حاجة مزارعي ديرك تتراوح بين ثمانية آلاف وعشرة آلاف طن.
وتقول هيئة الاقتصاد والزراعة في الإدارة الذاتية، إن كمية بذار القمح الموجود في مستودعات الإدارة لا تكفي لكل المزارعين في المنطقة.
وفي وقت سابق من الشهر الجاري، قال سلمان بارودو، الرئيس المشارك لهيئة الاقتصاد والزراعة في الإدارة الذاتية إن الهيئة جهزت 34 ألف طن من القمح لبذار الموسم القادم وهي “كمية أقل من احتياجات المزارعين”.
والأربعاء الماضي، أعلنت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية عن نيتها إرسال ثلاثة آلاف طن من بذار القمح لزراعته في شمال شرقي سوريا.
ويوم أمس الأربعاء، قالت الوكالة عبر حسابها على موقع فيسبوك: “نود أن نشكر شركاءنا في إقليم كردستان العراق على مساعدتهم في الحصول على البذور واختبار جودتها وتسهيل عملية تسليمها عبر الحدود، بحيث تصل هذه البذور إلى المزارعين السوريين في الوقت المناسب”.
ورغم تعبير هيئة الاقتصاد عن امتنانها، إلا أنها تقول إن الكمية المقدمة “لا تسد النقص الحاصل في كمية البذار”.
وزرع عبد الكريم محمد (52 عاماً) وهو متعهد زراعي، نحو 130 هكتاراً تعتمد على الري بمحصول القمح، لكنه لم ترك نحو 125 هكتاراً بعلياً دون زراعة.
يشير هو الآخر إلى أنهم يضطرون لحراثة الأرض ثلاث مرات بسبب قساوة التربة.
ويرجّح أن نسبة زراعة الأراضي البعلية في ديرك لم تتعد خمسة في المائة.