أنباء عن تسوية للحكومة تثير مواقف متباينة لوجهاء وناشطين في السويداء

السويداء- نورث برس

يترقب سكان السويداء، جنوب سوريا، تطورات جديدة قد تشهدها المحافظة خلال الفترة المقبلة، بعد اجتماع عقدته اللجنة الأمنية الحكومية مطلع تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وسط تكهنات بإجراء عملية تسوية كما حدثت خلال الشهرين الماضيين في الجارة درعا.

وذكرت وسائل إعلام محلية أن اللجنة الأمنية الحكومية في السويداء، عقدت اجتماعاً مغلقاً “لحل الملفات الأمنية العالقة”، ولم تدعُ أحداً من الوجهاء إليه بسبب تعليمات من دمشق.

وتزامن الاجتماع مع عودة تعزيزات عسكرية من الفرقة 15 التابعة للقوات الحكومية إلى ثكناتها، بعد انتهاء مهامها في درعا، بحسب مصادر محلية.

وقالت هذه المصادر إن تعزيزات حكومية وصلت إلى أفرع الأمن في السويداء خلال الشهر الجاري.

وتتمركز الفرقة 15، التابعة للفيلق الأول في عدة مناطق كالفوج 405 غرب السويداء والفوج 44 على طريق قنوات-السويداء ومركز الأغرار على طريق صلخد، بالإضافة لتوزع نقاط متفرقة في الريف الشرقي وفي البادية.

ومنذ العام 2011، لم تتعرض هذه الثكنات لهجوم يذكر ولم تُطرد القوات الحكومية منها، في حين تنتشر فروع أمنية ومفارز للمخابرات العسكرية والجوية وأمن الدولة والأمن السياسي وقوى الشرطة والأمن الداخلي في المدن والبلدات الرئيسة ويتركز تواجدها في السويداء وصلخد وشهبا.

ويعتبر رؤساء الأفرع الأمنية، إضافة لقائد الفيلق الأول، مسؤولين في اللجنة الأمنية التي اجتمعت مؤخراً.

 وبحسب ما تسرب عن الاجتماع، فإن الملفات التي تم بحثها شملت السيارات المسروقة وغير المُرخصة والسلاح العشوائي والفصائل المسلحة المحلية وانتشار عصابات السطو والخطف والسلب.

كما تم بحث حالة الفلتان الأمني على كافة الأصعدة ومسألة المتخلفين عن الخدمة في صفوف القوات الحكومية.

فصائل محلية

ورداً على الاجتماع الأمني، شهدت السويداء تجمعات لمسلحين محليين أغلقوا الطرقات وتجولوا في مواكب مسلحة بعد انتشار الأنباء عن نية السلطات نشر دوريات لتوقيف السيارات المسروقة وغير المرخصة القادمة من لبنان، والتي يقدر عددها بالآلاف، بحسب مصادر محلية.

انتشار المسلحين لم يقابله أي رد من أجهزة الأمن، التي تدرك وبحسب المصادر ذاتها، أن استخدام العنف سيؤدي إلى مواجهات مسلحة دامية في المحافظة وهو ما تجنبته دمشق خلال الأعوام الماضية، “حيث دأب النظام على احتواء حالات التوتر مع الأهالي، وحاول جاهداً كسب تأييدهم”.

وحول موقف حركة رجال الكرامة، الفصيل العسكري الأبرز في السويداء من الاجتماع الأمني الأخيرة، قال الجناح الإعلامي للحركة إن السويداء لم تكن ساحة للصراعات أو الصدامات العسكرية “ما يثير استغراب طرح مفهوم التسوية من قبل النظام السوري”.

وفيما يتعلق بالسلاح ومصير عناصر الحركة في حال أقدمت القوات الحكومية على أي عملية تسوية، قالت الحركة إن الأسلحة التي بحوزتهم تم شراؤها “بمالنا الخاص”.

 “وهو سلاح مُنضبط لم يُستخدم للترهيب والقتل بل للدفاع عن النفس ضد التنظيمات الإرهابية مثل داعش وجبهة النصرة ولم يكن يوماً سلاحاً موجهاً لصدور المدنيين”.

وأشار الجناح الإعلامي لرجال الكرامة في تصريحات مؤخراً إلى أن “الحركة ليست فصيلاً عسكرياً وجد لقتال النظام أو للقتال لجانبه، والأفضل حالياً هو الالتفات للوضع المعيشي السيء الذي يعيشه أبناء المحافظة في ظل تردي واضح في الخدمات والأمن”.

أفرع أمنية

وتشهد السويداء بين الحين والآخر توترات أمنية بين فصائل محلية ومجموعات مسلحة “محسوبة على الحكومة”، وسط تفاقم حالة الفلتان الأمني.

ويتهم سكان محليون، أجهزة المخابرات السورية بتعزيز حالة الفلتان الأمني وخاصة جهاز الأمن العسكري، الذي “دعم العصابات ومنحها تسويات وسلطة، جعلتها تتصدر المشهد في المحافظة”.

ويرى سليم عزام (35 عاماً)، وهو من سكان ريف السويداء الغربي، أنه في حال تمت عملية تسوية في السويداء فيجب أن تكون “لفروع المخابرات وأجهزة الأمن والضباط المسؤولين عنها لما كان لهم من دور مباشر في تعزيز حالة الفلتان الأمني”.

وأشار إلى أن معظم أفراد العصابات يحملون بطاقات أمنية خاصة من فرع الأمن العسكري، “كما أن السيارات المسروقة دخلت عبر حواجز هذه الأجهزة”.

ويتهم سكان في السويداء، الأجهزة الأمنية “بتسترها على عصابات الخطف والقتل والتعامل معها في الخفاء“.

وعبر “عزام” عن اعتقاده بأن الحكومة لا تستطيع إفراز واقع جديد في المحافظة، واستشهد بدرعا كمثال على ذلك، “أنجزوا تسوية ثانية في درعا وما زالت المحافظة تسجل حوادث اغتيال يومية وخطف وقتل، لذلك لا نعتقد بوجود أي حل إلا عبر تسوية سياسية للأزمة السورية بالدرجة الأولى”.

ولم تضبط التسويتان اللتان جرى تنفيذهما في درعا، عمليات ومحاولات الاغتيال في المحافظة، حيث ترافقت عملية التسوية التي أجرتها الحكومة خلال الشهر الماضي مع عمليات اغتيال جديدة قُيدت ضد مجهولين.

مواقف متباينة

وعلى خلاف سابقيه، رأى أحد وجهاء “آل نعيم” في السويداء أن المحافظة باتت بحاجة إلى إجراءات حازمة بالتعاون بين من وصفهم “بالشرفاء” في أجهزة الدولة والعائلات والمرجعيات الدينية، لضبط حوادث الفلتان الأمني.

وأشار إلى أن ما شهدته السويداء خلال الأعوام الماضية أمر غير مسبوق وأن استمرار حوادث الخطف والقتل وانتشار السلاح “سيؤدي إلى المزيد من الفوضى والدولة مطالبة بالوقوف عند مسؤولياتها وعدم المماطلة”.

لكن أحد أعضاء حملة “لأجل الهيّب”، وهو تجمع لنشطاء المجتمع المدني نظّم حراكاً خلال الفترة الماضية ضد حالة الفلتان الأمني في السويداء، قال إن “النظام استفاد من انتشار الحالة الفصائلية في خلط الأوراق من جهة، وتهريب وتصريف المخدرات والخطف وطلب الفدية والسرقات من جهة أخرى”.

وتهدد الملفات الأمنية الحكومية ما يزيد عن 14 ألف مطلوب للخدمة العسكرية الإلزامية، إلى جانب أكثر من عشرة آلاف حكم قضائي وما يزيد عن عشرات الآلاف من السيارات المسروقة وانتشار مريب وعشوائي للسلاح والمخدرات، بحسب نشطاء في الحملة.

وتضع هذه القضايا السكان والنشطاء أمام تساؤلات عديدة أبرزها المعايير التي سوف تعتمدها حكومة دمشق للتسوية، وكيف سيتم تحقيق العدالة وتسوية النزاعات العائلية؟

 فيما تساءل عضو في  حملة “لأجل الهيّب” عن سبب حاجة السويداء للتسوية، مادامت المشكلة هي العصابات المدعومة من قبل الأجهزة الأمنية.

ورأى أن التسوية الحقيقية هي “كف يد تلك العصابات، وتأمين حياة كريمة للسكان لها الحد الأدنى من المقومات المعيشية والاقتصادية”.

إعداد: عمر زين- تحرير: سوزدار محمد