إدلب- نورث برس
فقد سمير العدل (33 عاماً)، وهو اسم مستعار لنازح من مدينة معرة النعمان يعيش في إدلب شمال غربي سوريا، مصدر كسبه، بعد أن منعته البلدية التابعة لهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) عن بيع الخضار على عربته بذريعة إشغاله الطرقات والأرصفة.
وقبل عشرة أيام، قامت إحدى الدوريات التابعة لحكومة الإنقاذ بمصادرة عربة الشاب بعد ان وجهت له عدة إنذارات بالتوقف عن المهنة.
وقال الشاب إنه بات “عاطلاً عن العمل” بسبب ذلك، وحرمت عائلته المؤلفة من ستة أفراد من مصدر رزقها الوحيد.
وأضاف أن لا قدرة له على إيجاد عمل آخر لأنه لا يملك إمكانات تأسيس مشروع ولا يتقن أي مهنة أخرى.
وتعتمد مئات العائلات في منطقة إدلب شمال غربي سوريا على البسطات والأكشاك كمصدر كسب في ظل ندرة فرص العمل في المنطقة.
غير أن البلديات التابعة لهيئة تحرير الشام عمدت إلى إغلاق العديد منها وتوجيه إنذارات بإخلائها بحجة إشغال “المرافق العامة”.
فقدان دخل
والشهر الفائت، صادرت إحدى الدوريات “براكية” مصطفى الدبيبي (45 عاماً) وهو اسم مستعار لنازح من بلدة جرجناز يعيش في إدلب المدينة.
ويعيش الرجل ظروفاً معيشية واقتصادية صعبة بعد أن فقد مورد عيش سبعة أفراد من عائلته، واستدان مبلغ 200 دولار أميركي لتدبر أموره هذا الشهر.
وقال إنه اعتمد لأكثر من عامين على عمله في البراكية لتأمين احتياجات منزله، “وكان ذلك يحميني العوز وانتظار السلال الإغاثية التي تقدمها المنظمات الإغاثية”.
واعتبر أن حكومة الإنقاذ التابعة لهيئة تحرير الشام “باتت تقاسم الأهالي لقمة عيش أطفالهم وسط ندرة فرص العمل”.
ووصلت نسبة البطالة في شمال غربي سوريا إلى 89%، بحسب فريق “منسقو استجابة سوريا”.
والشهر الماضي، قال مارتن غريفيث مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، إن “أكثر من 90 في المائة من السكّان في سوريا يعيشون تحت خط الفقر”.
وأضاف، خلال جلسة دوريّة عقدها مجلس الأمن الدولي في مقر الأمم المتحدة بمدينة نيويورك، إن “الكثير منهم يضطر إلى اتخاذ خيارات صعبة جداً لتغطية نفقاتهم”.
ضرائب وقرارات
يقول من التقتهم نورث برس من البائعين إن حكومة الإنقاذ فرضت عليهم بداية الأمر ضريبة قدرها 100 ليرة تركية (نحو 37 ألف ليرة سورية)، ولكنها مؤخراً عمدت إلى إنشاء مشروع عبارة عن سوق هال يحوي عشرات المحلات المصنوعة من الطوب.
وبحسب الباعة فإن الإنقاذ عمدت ألى إغلاق جميع البراكيات وتوقيف العربات الجوالة لإجبار الباعة على اللجوء لإستئجار هذه المحال التي يبلغ آجار الواحد منها نحو 250 ليرة تركية (ما يعادل 80 ألف ليرة سورية) شهرياً.
وتقع الأسواق التي افتتحتها حكومة الإنقاذ في منطقتي الحسين والكستنة في مدينة إدلب، وتضم أكثر من 50 محلاً وزعت بين المنطقتين.
لكن بائعين امتنعوا عن الانتقال لها قالوا إن زيارات الناس لهذه المنطقة مرتبط ببازار يوم الأربعاء فقط، وإنها لا تشهد أي حركة تجارية في باقي أيام الأسبوع.
ولا يخفي سعيد العمرين (28 عاماً) وهو اسم مستعار لنازح من ريف حماة الشمالي، نيته في المجازفة في عبور الأراضي التركية رغم مخاطر ذلك.
وفقد البائع الشاب مصدر معيشته وإخوته الصغار بعد أن منعت حكومة الإنقاذ تواجد أكشاك وعربات البيع.
يقول إن أبواب العمل أُغلقت في وجهه هنا بعد أن خسر براكيته ومصدر رزقه الوحيد بسبب قرارات حكومة الإنقاذ.
ويضيف: “قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق، حكومة الإنقاذ تسعى لتحقيق مكاسب على حساب الأهالي الذين يعيشون أوضاعاً اقتصادية ومعيشية وأمنية غاية في الصعوبة”.