حرمان الإناث من الميراث سبب لجفاء بين الأقارب بريف حلب
أعزاز- نورث برس
تعتبر وردة الإبراهيم (38 عاماً)، وهو اسم مستعار لنازحة من ريف إدلب تعيش في أعزاز بريف حلب الشمالي، أن حرمان والدها لها من الإرث كان سبباً لظهور الجفاء بينها وأخوتها الذكور ووصولها حد الكراهية بعد وفاة الأب.
وكانت ذريعة الوالد هي عدم قدرتها على العمل في الأرض، ورأى أن من حق الشاب الأصغر استملاك المنزل للسكن فيه.
وتقول نساء وفتيات في أرياف حلب و إدلب إن حرمانهن من حصصهن في الإرث العائلي يترك آثاراً سلبية في العلاقة ما بين الأقارب قد لا تُمحى لزمن.
وقالت “الإبراهيم” إن والدها لم يكن استثناء، وإنها كانت تتوقع أن يحذو والدها طريق أخوته وأجداده.
“فغالبية العائلات التي تحرم بناتها من الميراث ترى أن المال سيضيع بيد الغريب، في إشارة للصهر زوج الابنة أو الأخت، ولا يختلف الموقف إن كان الصهر نفسه من الأقارب”.
وأضافت: “يحدث هذا دون خجل وبحجج جاهزة”.
شعور بالانتقاص
وقبل وفاته، سجل والد وردة في قيود المحافظة حصة كل شخص من العائلة ما عدا الإناث، من أرض زراعية في قرية تل دبس بريف إدلب الجنوبي، بالإضافة لمحل تجاري صغير ومنزل العائلة.
حدث ذلك رغم أن الابنة كانت تتحمل مسؤولياتها ضمن العائلة، “كان حالي كحال أخوتي الشباب أعمل في الأرض وأقطف الزيتون وأحصد الموسم من الخضروات”.
تتساءل الآن: “ما هو النقص عندي حتى يتم منعي من حقي في الإرث، أم أنني أفتقد قيمتي عند أهلي؟”.
وتعتقد أن ذلك سيدور في مخيلة أي فتاة يمنع أهلها عنها “حقها المشروع في القرآن والقانون”.
أما خديجة الطويل (39 عاماً)، وهي من سكان بلدة كفركلبين بريف حلب الشمالي، فقد أخرجها شقيقها الأكبر من المنزل لبيعه بعد وفاة والديه.
وباع الأخ البيت ليشتري بثمنه محلاً تجارياً يعمل به، بسبب تدهور الظروف المعيشية خلال الأعوام الأخيرة، وأسكن شقيقته في منزل أخيه الآخر.
ولم يتمكن من بيع الأرض الزراعية القريبة من منطقة تماس بين فصائل المعارضة والقوات الحكومية، بحسب ما ترويه “الطويل”.
“باع المنزل وأخرجني منه دون أن يعطيني حقي رغم مطالبتي له عدة مرات وتذكيره بأن والدنا أوصاه بي”.
رغم ذلك، لم يكن أمام خديجة إلا الصمت بسبب عدم وجود من يدعمها، ولعدم وجود مؤسسة قانونية وعدلية في المنطقة تأخذ لها حقها.
إلا أنها عانت طيلة السنوات السبعة الماضية من نقص في مصاريف الملبس والمستلزمات الشخصية، ومنعها من الخروج لصديقاتها وجيرانها، وغيرها من الأمور التي تراها حقاً لها.
حياء اجتماعي
وقال حسين الراشد، وهو اسم مستعار لمحام بريف حلب الشمالي، إن الذكور يستغلون العرف المجتمعي لتهميش دور المرأة وحرمانها من الميراث رغم أن القانون السوري يتضمن الكثير من المواد التي تؤكد حق المرأة في الميراث.
وأضاف أن ما يحدث عند العائلات في هذا الموضوع يكون عبر حرمان الوالد بناته من الميراث خلال حياته، أو أن الأشقاء يحرمون شقيقاتهم.
وقد يقوم الأبناء بإجبار أحد الوالدين على تسجيل الأملاك باسمه أو استغلال الحالة الصحية لهم للحصول على وثائق تنازل أو بيع.
وترضى المرأة المحرومة من الإرث بعدها بالأمر الواقع رغم الظلم الذي وقع عليها تفاديا للخلافات والقطيعة التي ستنشأ جراء ذلك، بحسب المحامي.
كما قد يتم التوصل لحل عبر التراضي باللجوء لما يسمى “الرضوى” وهو ترضية الأنثى بمبلغ مادي للتنازل عن ميراثها في الأراضي والعقارات التي تكون قيمتها أضعاف تلك المبالغ.
أما بخصوص القضاء، فنادراً ما تلجأ السوريات له بهدف الحصول على حقوقهن في الميراث، بسبب الخجل الاجتماعي.
ويعتبر “الراشد” قضية ارث المرأة “معقدة ومتشعبة، فهي معركة حقيقية للقضاء على العادات والتقاليد التي تتعارض مع الشرع والقانون والتي ما زالت مسيطرة على عقول البعض.