دمشق- نورث برس
يقول مسافرون إن السفر عبر مطار دمشق الدولي يعرضهم “لابتزاز” من موظفين وعساكر وعاملين في المطار، وإنهم يقعون بين خيارين، إما أن يدفعوا رشاوى أو أن يتم عرقلة خروجهم عبر استمرار التفتيش وتأخير خروج الحقائب.
ويبدأ الابتزاز، بحسب ما يرويه مسافرون لنورث برس، لحظة النزول من الطائرة لحين الخروج من المطار وفي الطريق إلى أحياء العاصمة، حيث يطلب موظفون وعساكر وعمال “إكرامية”، إلى جانب صرف 100 دولار أميركي في المطار بأقل من قيمتها في السوق.
وتقول حسنة البيرقدار (33 عاماً)، وهي من سكان بلدة قطنة بريف دمشق تعمل في دولة الإمارات العربية، إن موظفي المطار أجبروها على تصريف مبلغ مائة دولار بقيمة 2.510 ليرة للدولار الواحد، على الرغم أن صرف الدولار في الأسواق يقارب 3.500 ليرة سورية وذلك أثناء زيارتها لعائلتها بداية أيلول/ سبتمبر الماضي.
ورفض الموظف، وفقاً لما ترويه المرأة، إعطاءها جواز سفرها حتى صرفت المبلغ.
وتقوم “البيرقدار”، التي تعمل في إمارة أبو ظبي كمساعدة طباخ، بادخار ما تستطيع من المال لتأتي في إجازات إلى سوريا لتأمين احتياجات والديها.
وكانت رئاسة مجلس الوزراء أصدرت في تموز/ يوليو العام الماضي قراراً يفرض تصريف 100 دولار أميركي أو ما يعادلها بإحدى العملات الأجنبية التي يقبل بها مصرف سوريا المركزي على السوريين ومن في حكمهم عند دخولهم إلى سوريا، وفقاً لنشرة أسعار صرف الجمارك والطيران.
ولاقى القرار حينها انتقادات واسعة من السكان الذين قالوا إن الحكومة تلزم القادمين على الدفع حين تجبرهم على تصريف أموالهم بأقل من قيمتها في السوق.
“رشاوى”
ولعدم توفر وسائل النقل الداخلي العام لحظة وصولها إلى المطار، اضطرت السيدة الثلاثينية لاستئجار “تاكسي أجرة” بمبلغ 35 ألف ليرة سورية للوصول إلى بلدتها.
ولا يؤمن المطار وسائل نقل دائمة للركاب إلى العاصمة أو غيرها من المناطق في دمشق، إذ يعمل باص نقل داخلي قد ينتظره الركاب لساعات ويعمل خلال النهار فقط، وفي حال توفره فإن السائق يطلب ستة آلاف ليرة سورية بدل التعرفة الرسمية ثلاثة آلاف، بحسب مسافرين.
وقبل العام 2011، كان يُسمح لسكان بركن سيارتهم في كراج المطار مقابل مبلغ مادي يدفع عند استلامه للسيارة، لكن حكومة دمشق منعت مبيت السيارات في المطار أو حتى الاصطفاف أمام المبنى بداية عام 2011.
وبحسب مسافرين، فإن الحواجز التابعة للفرقة الرابعة والحواجز التي تتمركز عند الجسر السابع ومدخل المطار توقف أي سيارة تحمل أي شيء، وتتقاضى “إتاوات”.
ويشتكي حسان أبو رخا (45 عاماً)، وهو تاجر ألبسة يقيم في حي الشعلان في دمشق، من سوء حال مطار دمشق ويحذر من انغلاق أفق تطويره في المستقبل، “بسبب سوء البنية التحتية وفساد الإدارة”.
ومنذ ثمانية أشهر، فقد التاجر حقيبة كبيرة تحوي أوراق “مهمة” والعديد من الأغراض الشخصية والهدايا، “لأكتشف أن نصف حقائب المسافرين تقريباً قد فقدت أيضاً”.
ويضيف: “أخبرونا أن نقدم شكوى وحدث شبه استعصاء في المطار، حتى أجبرونا على الرحيل قسراً ومتابعة القضية عبر الهاتف.”
وفي أيلول/ سبتمبر الماضي، قالت وزارة النقل السورية إنها كلفت المعنيين والمسؤولين المباشرين في المطار بالتدقيق في شكاوى ومراجعة كاميرات المراقبة في منطقتي القدوم وعفش الركاب.
وأضافت أنه لم يتبين وجود أي حالة سرقة، واصفة ما تم تداوله عبر مواقع إعلامية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي “حملات ممنهجة تهدف إلى التشهير بالمطار”.
“طائرات روسية وإيرانية”
وتستحوذ أجنحة الشام والسورية للطيران على قطاع الطائرات، وحتى قبل عام 2011 لم تسمح حكومة دمشق بعمل أي شركة خاصة في خطوط النقل الجوية السورية.
وبالرغم من كثرة السياح قبل عام 2011، لم تتم أي عملية تطوير أو تجميل للمطار، إذ ما يزال المطار كما هو منذ افتتاحه عام 1970، بحسب موظف إداري في المطار.
وبحسب الموظف الحكومي فإن عدد الطائرات التي تعمل اليوم في المطار لا تتعدى ست طائرات، اثنتان منها صغيرتان تستخدمان لنقل البضائع والأموال بين المحافظات السورية.
وتعود ملكية شركة السورية للطيران للحكومة السورية، ويملك رامي مخلوف ابن خال الرئيس السوري شركة أجنحة الشام.
ويقول جادالله الرائد (40 عاماً)، وهو موظف إداري في مطار دمشق، إنه المطار استقبل منذ عام 2011 حتى عام 2018 “المرتزقة من كثير من الدول والمقاتلين التابعين للشركات الأمنية الخاصة المسيسة، ولم يكن يسمح لنا نهائياً بتفتيشهم”.
ويضيف: “من مكبتي كنت أشاهد الطائرات الروسية والإيرانية تهبط وتقلع دون أن تنسق مع أحد سوى مهندس الرادار لفحص حالة الجو قبل الإقلاع”.
ويشير نقلاً عن زميل له أن “هؤلاء تحركاتهم وأوامرهم من مكان آخر”.