ورشات عائلية لتحضير الطوب الطيني بريف دير الزور

دير الزور- نورث برس

تمكن مشعان الصالح (63 عاماً)، وهو من سكان ريف مدينة هجين، 100كم شرق دير الزور شرقي سوريا، من بناء مسكن لعائلته من الطين بعد أن عجز عن تأمين تكاليف بناء منزل من المواد الإسمنتية.

ووجد سكان في ريف دير الزور الشرقي في الطوب الطيني “اللبن” بديلاً في متناول اليد لتحاشي التكاليف الباهظة للبناء الإسمنتي.
وتراجعت حركة البناء بالمواد الطينية قبل سنوات الحرب في سوريا، لكن عادت هذه الظاهرة للبروز من جديد في عدة مناطق سورية لعوامل اقتصادية.

وقال “الصالح”، لنورث برس، إن غالبية السكان اضطروا للتوجه نحو الطرق القديمة للبناء كالطينية، لارتفاع أسعار مواد الاسمنتية في البناء.

ويبلغ سعر البلوكة الإسمنتية الواحدة بريف دير الزور ما يقارب ألف ليرة سورية، ويباع الطن الواحد من حديد البناء بما يعادل850 دولاراً أميركياً، بينما يباع كيس الإسمنت بخمسة دولارات.
ويعتقد “الصالح”، أن ملائمة بيوت الطين لظروف الطقس، عامل آخر لتوجه السكان لها، فهي دافئة شتاءً ومعتدلة صيفاً.

(إعداد الطين)

مشاركة عائلية

ويقوم أولاد “الصالح” بمساعدة والدهم في بناء مسكنهم الطيني بدلاً من جلب عمال “مياومة” للتخفيف من تكاليف البناء.

ويعمل الأب وأولاده في البناء بعد انتهاء الدوام وفي العطل الرسمية للمدارس نظراً لوضعه الاقتصادي الرديء.
وتعتمد صناعة الطوب الطيني كلياً على مواد محلية مثل التراب والقش، وقالب خشبي بدائي لتشكيل مكعب الطوبة (اللبنة).

ويشتري العاملون في صناعة الطوب الطيني التراب المخصص للبناء بمبلغ 30 ألف ليرة سورية للنقلة الواحدة بالشاحنة.

وتبدأ مرحلة صناعة الطوب بخلط الماء والتراب والقش لتتشكل عجينة طينية تسكب في القالب الخشبي وتترك لعدة أيام حتى تجف وتصبح قابلة للاستخدام والبناء.

ورغم أن “الصالح” يرى أن لهذا العمل مشاقه التي لا تناسب الأطفال، “لكن الحال أجبرني على قبول مشاركتهم”.
يقول إنه يحاول أن يفهمهم واقعهم وظروفهم، “أولادي مع أولاد أخي المتوفي 26 فرداً، فكيف أتحمل تكاليف معيشتهم إن لم يعملوا معي”.

وأواخر آذار/مارس الماضي، أصدر مكتب حماية الطفل في النزاعات المسلحة لدى المجلس التنفيذي في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، عدة تعاميم تتعلق بتحديد سن العمل للطفل.

(تحميل اللبنات)

إقبال سكان

ويتقاضى خالد التركي (46 عاماً)، وهو من سكان ريف هجين، والذي 120 ليرة سورية ثمناً للبنة الواحدة من إنتاج ورشته.
ويدفع منها تكاليف شراء التراب والقش المستخدم.

وكان الرجل يعمل سابقاً في بناء المنازل بالمواد الإسمنتية، واضطر أخيراً لاستبدالها بمهنة جديدة تتوافق مع الظروف الاقتصادية التي تعيشها منطقته.

ويشير إلى أن أسعار مواد البناء الإسمنتية أصبحت تفوق قدرة ذوي الدخل المحدود لذلك نرى هذا الإقبال على الطوب الطينية، على حد وصفه.
ورأى سكان محليون، أن فرض رقابة على الأسواق المحلية والتجار وإيجاد تنمية اقتصادية تستهدف القطاعات التي تقوي القدرة الشرائية للسكان من شأنه أن يخفف من وطأة الأزمة الاقتصادية التي يعيشونها.

ويصف “التركي” الإقبال من السكان المحليين على شراء الطوب الطيني بالمقبول، بسبب مناسبة تكلفة بناء الغرفة الطينية مع دخل السكان وظروفهم الاقتصادية.

إعداد: أنور الميدان ـ تحرير: عمر علوش