الموبيليا التركية تتسبب بكساد منتوجات محلية في أسواق إدلب

إدلبنورث برس 

يتخوف نجارو أثاث نازحون من ريف حماة من تدهور أعمالهم أكثر بسبب ما يسميه أحدهم “غزو” الموبيليا التركية الجاهزة لأسواق إدلب شمال غربي سوريا.

ويلاحظ حرفيون إن إقبال السكان على تفصيل غرف نوم أو مطابخ أو قطع أثاث أخرى للمنازل والمكاتب بات “ضعيفاً” بعد امتلاء الأسواق بالموبيليا التركية رخيصة الأسعار ومتدنية الجودة بالمقارنة مع “الموبيليا الحلفاوية” العريقة.

وقال زهير الحسن (38 عاماً)، وهو نازح من مدينة حلفايا، إنه بالكاد يحصل على 15 طلباً شهرياً، بينما كان ينجز قبل عامين على الأقل 20 غرفة نوم ومجالس عربية خلال الشهر الواحد.

 وأعاد التكلفة العالية للأثاث الخشبي المصنوع محلياً للرسوم الجمركية المفروضة على الخشب المستورد من تركيا، بينما تكون البضاعة الجاهزة المستوردة مصنوعة من أخشاب متدنية المواصفات، وهو ما يبرر تدني أسعارها.

ويرى النجارون أن الخشب التركي من أشجار الصنوبر “رديء للغاية”، فهو قاسٍ وغير مطابق للمواصفات المعتمدة لدى حرفيين ذوي خبرة كانوا يعتمدون سابقاً على أشجار اللاذقية وطرطوس بشكلٍ أساسي.

لكن مع إغلاق المعابر مع القوات الحكومية، لا سبيل للحصول على أخشاب من طرطوس واللاذقية، وهو ما يجبر البعض للاعتماد على أخشاب تركية.

محال مهددة بالإغلاق

وبات “الحسن” وآخرون يفكرون جدياً في إغلاق ورشاتهم، في حال بقيت أسعار الأخشاب المستوردة من الخارج والتي تدخل في تصميم الأثاث الخشبي المنزلي مرتفعة، وسط ضعف القدرة الشرائية لدى السكان.

وتختلف أسعار الخشب في إدلب باختلاف نوعه وسماكته، حيث أن المستخدم في مواد البناء والذي يعرف باسم “المورين” يباع بـ 350 دولاراً أميركياً للمتر المكعب الواحد، وخشب “سويد” يتراوح سعره بحسب سماكته بين 500 و600 دولاراً.

كما يبلغ سعر المتر المكعب من خشب “وشوح” 275 دولاراً، في حين يصل ثمن لوح الخشب الواحد نوع “إم دي إف” إلى 50 دولاراً بحسب سماكته التي تصل لـ 18 ملم.

ويتراوح سعر غرف النوم الجاهزة ما بين 1400 و1500 دولار أميركي للغرفة الواحدة، أما سعر المتر الواحد للباب فيتراوح ما بين 60 و80 دولاراً.

وعاود محمد شاويش (43 عاماً)، وهو نازح من مدينة حلفايا، افتتاح ورشة نجارة جديدة لصناعة الموبيليا في مدينة إدلب، وذلك بعد نحو سبعة أعوام من نزوحه من مدينته وفقدانه الأمل بالعودة القريبة إليها.

يشير هو الآخر إلى أن الإقبال كان “جيداً” بداية، “لا سيما من جانب زبائن سابقين نازحين من حماة، ويعرفون جودة الموبيليا الحلفاوية، لكن الوضع بات مختلفاً الآن بسبب انتشار الجاهز التركي”.

ومنذ نحو 30 عاماً كان “شاويش” يعمل مع والده في حلفايا في الموبيليا والديكور وغرف النوم.

عمل قليل

ويخشى الرجل الأربعيني من فشل مشروعه في ظل قلة العمل لديه، وخاصة أنه قام باستدانة مبلغ من المال من أحد أصدقائه لافتتاح ورشته مطلع العام الجاري.

وخلال الأعوام الماضية، عاد سكان حلفايا النازحون في إدلب إلى المهن التي كانوا يعملون بها قبل نزوحهم، حيث عاود العديد منهم نشاطهُ في إدلب نتيجة “حرفيتهم واتقانهم لعملهم”.

وكانت مدينة حلفايا، التي تبعد نحو 20 كيلو متراً عن مدينة حماة إلى الشمال، من المدن التي يشتهر سكانها بصناعات ومهن مختلفة، إلا أن المدينة شهدت خلال الحرب معارك عنيفة، وهو ما أدى في وقتٍ لاحق إلى نزوح سكانها إلى مناطق مختلفة من سوريا.

 ومن أبرز ما اشتهر به اسم حلفايا هو صناعة “الطرطورة الحلفاوية” الشهيرة في الأرياف السورية عامة، والتي نالت خلال الأعوام الأخيرة شهرة واسعة، لا سيما أنها مركبة مصنعة محلياً بشكلٍ كامل على أيدي سكان تلك المدينة.

ومطلع العام الجاري، استأجر مصعب البارودي (52 عاماً)، وهو نجار موبيليا يتحدر من حلفايا أيضاً ويعيش في بلدة أطمة على الحدود السورية التركية شمال إدلب، محلاً واشترى المعدات اللازمة لإعادة افتتاح ورشة لتفصيل الموبيليا.

لكنه اصطدم بقلة الطلب على المنتوجات التي ترك صناعتها منذ نحو عشرة أعوام.

يقول: “لم أكن أتخيل أن يأتي يوم ويقتصر عملي على تصليح الموبيليا المستعملة وغرف النوم و الأبواب”.

إعداد: براء الشامي – تحرير: سوزدار محمد