معهد أمريكي: بقاء متردد للولايات المتحدة في المنطقة يدفع الحلفاء إلى الخيار الروسي

واشنطن – هديل عويس – نورث برس

 

كتب الدكتور جيمس كارافونو، رئيس معهد "التراث الأمريكي" أن الولايات المتحدة منذ إعلانها الأخير عن الانسحاب من الأراضي السورية في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، لم تنسحب فعلاً.

 

ويرى كارافانو أن مسألة الانسحاب الكلي من صراعات فيها ما يمس الأمن القومي الأمريكي والذي لم يتم إنجازه مثل الوضع في أفغانستان أو سوريا، سيحدد ماهيتها شكل الحروب والمصالح الأمريكية وليس وعد انتخابي عابر.

 

من ناحية الأخرى يتفق عدد من الباحثين من معهد "الدراسات الأمنية" في الولايات المتحدة على أن واشنطن لا تزال تملك الكثير من الأهداف والمصالح في سوريا خاصة مع تدهور الوضع في العراق وإعلان الولايات المتحدة الأخير عن خشيتها من التطورات الأخيرة في العراق وخاصة الصواريخ البالستية التي تخزنها الفصائل التابعة لإيران وباتت تستهدف النفوذ الأمريكي في العراق بشكل دوري دون أن تملك الولايات المتحدة القدرات الكافية في العراق لتأمين مصالحها أو حتى الانطلاق من العراق في مقاتلة ما بقي من خلايا تنظيم "الدولة الإسلامية" في سوريا والعراق والتي قدر المعهد حجمها على الأقل بـ/٣٠/ ألف مقاتل إضافة إلى عوائلهم وعشرات الآلاف من مقاتلي تنظيم القاعدة وتنظيمات أخرى متطرفة مثل "حراس الدين".

 

من جانبه يقول الباحث السياسي الأمريكي سيث جونز، في مؤتمر عقده معهد "الدراسات الأمنية": إن الطموح الروسي في المنطقة ومحاولات روسيا الضغط لتخفيف الوجود الأمريكي هو أمر متوقع أمام الاستراتيجية الأمريكية الأخيرة.

 

ويتابع بأن هذا هو أمر لا ينطبق فقط على علاقة "قوات سوريا الديموقراطية" المتنامية مع روسيا ولكن ينعكس أيضاً على حلفاء استراتيجيين قديمين للولايات المتحدة باتو يرون في الوجود الروسي، وجوداً مستداماً وقادراً على تحقيق الأهداف في المنطقة، مثل العلاقة بين إسرائيل وروسيا لتحقق إسرائيل أهدافها من الضربات الجوية ضد الفصائل الإيرانية على الأراضي السورية وعلاقة روسيا مع الأردن وتركيا ولبنان وحلفاء آخرين للولايات المتحدة.

 

ويلفت جونز إلى نبرة القلق التي سمعها من مسؤولين حكوميين في منطقة الشرق الأوسط إثر الإعلان الأمريكي عن الانسحاب من سوريا، حيث لم يكن الانسحاب وحده مصدر قلق للحلفاء بل أيضاً طريقة الإعلان عن الانسحاب التي لم يعلم عنها مسؤولي أقرب الدول إلى الولايات المتحدة عبر الخطوط الدبلوماسية بل عبر إعلان ترامب المفاجئ على مواقع التواصل الاجتماعي، ما خلق تساؤلات حول آلية أخذ القرارات الاستراتيجية في الولايات المتحدة، وهذا ما يضطر الحلفاء اليوم إلى اختيار تواصل وتنسيق أكبر مع القوة الكبرى الأخرى المسيطرة في الشرق الأوسط وهي روسيا التي يبدو أن وجودها وأهدافها استراتيجية في المنطقة مستدامة أمام الوجود الأمريكي الذي يبدو مضطرباً ومن غير الممكن الاعتماد عليه.

 

باحثة عسكرية: استخفاف الولايات المتحدة بأهمية البقاء في المنطقة أكثر كلفةً من الانسحاب

 

في إطار مؤتمر معهد "الدراسات الأمنية" في واشنطن لبحث المستقبل الأمريكي في سوريا، تقول الباحثة العسكرية ميليسا دالتون إن استخفاف الولايات المتحدة بمكاسب الوجود الأمريكي في سوريا سيكون أكثر كلفة على المدى الطويل من الانسحاب المفاجئ رغم ما نراه من تراجع وحديث عن إبقاء /٦٠٠/ جندي أمريكي على الأراضي السورية بعد الإعلان عن استراتيجية النفط.

 

وتضيف دالتون، "لا تتوقف كل من روسيا وإيران عن محاولات مد نفوذها في العراق وسوريا ودول أخرى في المنطقة وهذا يعني مناطق جديدة لن تتمكن الولايات المتحدة من دخولها في المستقبل، إضافة إلى توجه حلفاء تاريخيين للولايات المتحدة من دول الخليج والأردن وإسرائيل إلى الاعتماد على روسيا، بينما تخزّن إيران الصواريخ البالستية وينمو نفوذها في العراق، في استراتيجية طويلة الأمد لاستهداف حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، من منطقة باتت تبدو قنبلة موقوتة وهي العراق".