فصائل مختلفة ومضايقات للعابرين من حواجز المعارضة بريف حلب

ريف حلب- نورث برس

لم يستجب ياسر الطويل (19 عاماً)، وهو اسم مستعار لنازح من حمص يعيش في مخيمات ريف إدلب، منذ أشهر، لطلبات أخته المقيمة في مدينة جرابلس شرق حلب بالعودة لزيارتها مع والدتهما.

فالشاب لم ينس بعد ما لاقاه من مضايقات على يد عناصر الحواجز التابعة للفصائل في آخر زيارة له، إذ مر بلحظات فقد فيها الأمل بالسماح له بالعبور.

ويقول قادمون من مناطق سورية أخرى إنهم تعرضوا على حواجز الفصائل الموالية لتركيا بريف حلب لمضايقات وتشديد في إجراءات العبور واتهامات بالانتماء لهذه الجهة أو تلك.

ويشمل ذلك حتى القادمين أو العابرين إلى مناطق سيطرة المعارضة في إدلب شمال غربي سوريا.

يقول الشاب إنه عانى بعض العراقيل لاجتياز حواجز فصائل مختلفة أثناء ذهابه إلى جرابلس، لكن ما تعرض له خلال العودة بعد أسبوعين جعل مسألة التنقل في هذه المناطق تبدو مجازفة مليئة بالمخاطر.

وإذا كانت سوريا بعد أكثر من عشرة أعوام من الحرب مقسمة إلى مناطق نفوذ مختلفة، فإن أكثرها تعقيداً يبدو في أرياف حلب الخاضعة لفصائل متعددة.

حواجز كثيرة

ويستذكر “الطويل” الحواجز المتوزعة على الطريق التي قطعها من جرابلس إلى منطقة دير بلوط أخر نقطة لسيطرة الفصائل، حيث يخضع بعدها ريف إدلب لسيطرة هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً).

وتنتشر حواجز فصائل أبرزها الفرقة التاسعة والفرقة 20 والشرطة العسكرية على مفارق الطرق المؤدية لمدينة جرابلس وداخلها، لتتبعها غرباً حواجز فصائل السلطان مراد والفرقة التاسعة وحواجز متنقلة للشرطة العسكرية على طريق مدينة الراعي.

 ويمر المسافر من جرابلس إلى إدلب بعدها بحواجز لفصائل الجبهة الشامية ولواء المعتصم وفرقة الحمزة في كل من مدينة مارع وقرى مدينة صوران شمال حلب حتى مدينة أعزاز التي تسيطر عليها الجبهة الشامية.

 كما تتوزع حواجز لفصيل الشرطة العسكرية في مدخل مدينة عفرين وأخرى لفصائل أحرار الشرقية والسلطان سليمان شاه وجيش الإسلام داخلها، إلى جانب حواجز متفرقة لفصيلي أحرار الشام وفيلق الشام في مدخل ناحية جنديرس.

يروي الشاب: “أوقفني حاجز لفصيل السلطان مراد في ريف جرابلس، ليتم إدخالي إلى خيمة قرب الحاجز بقصد التفتيش والتدقيق بشخصي”.

وزاد الأمر صعوبة، حين أبرز المسافر بطاقة شخصية رسمية (تصدر عن الحكومة)، وتفاقم حين اكتشف العناصر أن البطاقة مزورة.

أما “ياسر” الذي نزح مع أهله من حمص مذ كان في العاشرة من عمره عام 2012، فلا يرى الأمر غريباً، فغالبية من نزحوا أثناء القصف والقنال خرجوا دون وثائق شخصية.

كما أن الطفل الذي فر من الحرب في العاشرة من عمره كانت تكفيه حينها الوثيقة العائلية (دفتر العائلة) ولم يستطع العبور بعدها لمناطق سيطرة الحكومة لاستصدار “هوية شخصية”.

وكانت المجالس المحلية في مناطق سيطرة الفصائل الموالية لتركيا شمال حلب قد قامت بطباعة وثائق شخصية منذ العام 2019، لكن لا يتوفر أي اتفاق على اعتبارها هي الأخرى رسمية.

 ولم يتم حتى اللحظة إصدار أي وثائق مماثلة من قبل حكومة الإنقاذ الجناح المدنية لتنظيم هيئة تحرير الشام.

“تشبيح لا تدقيق”

ويصف الشاب ما لاقاه على الحواجز: “كانت عملية تحقيق ترقى إلى معاملة التشبيح لا التدقيق وتأمين المنطقة من المفخخات والعبوات، قاموا بترهيبي بالشبح والضرب وضغطوا علي للاعتراف بأني قادم من مناطق سيطرة النظام”.

ويضيف أنهم لم يعثروا على اسمه بين قوائم المطلوبين لديهم، وشاهدوا عبر وسائط في هاتفه الخليوي أنه كنت متواجداً في إدلب، لكنهم أبقوه “في حالة ذعر لمدة ساعة داخل الخيمة”.

لكن التواصل مع والده في إدلب خفف من حدة التعامل عناصر الفصيل معه، “إذ قام بإرسال صور للبطاقة العائلية وبعض صوره معي في منطقة إدلب حتى تم إخلاء سبيلي”.

وقال سمير الحسين (22 عاماً)، وهو اسم مستعار لنازح من ريف دمشق يعيش في إدلب، إن حاجزاً مشتركاً لفصيلي الفرقة 20 والشرطة العسكرية بمنطقة العمارنة بريف جرابلس أجبره على خلع ثيابه عن صدره.

“كنت عائداً من زيارة لأقارب لي في تجمع عطاء السكني بريف جرابلس، وعند العودة طلب عناصر الحاجز بداية بطاقة تعريفي، ثم قاموا بإنزالي من السيارة وإدخالي لغرفة قرب الحاجز”.

وأضاف “الحسن”: “اتهموني بتعاطي مخدرات وحبوب، بسبب وجود تقشر في بشرتي، أخبرتهم أن السبب عملي في الباتون، لكنهم بدؤوا يبحثون في هاتفي”.

وطالب عناصر الحاجز المسافر الشاب بالاعتراف بالعمل لصالح قوات سوريا الديمقراطية في منبج.

 وذكر أن عناصر الحاجز حاولوا خداع والده من خلال رسالة مفادها أنني جئت من منبج إلى جرابلس باتجاه إدلب، “لكن والدي رد برسالة صوتية قال فيها كيف منبج؟ إذا أنت موجود بجرابلس عند ابن عمك”.

لم تنتهي مشكلة “الحسين” عند حاجز العمارنة، بل استمرت مع كافة الحواجز اللاحقة في طريقه لما يقارب 12 ساعة أمضاها على الطرقات وفي غرف التحقيق والتفتيش العشوائي.

ويرى أحمد الزغبي، وهو نازح من ريف إدلب الجنوبي تنقل مرات عديدة بين ريفي إدلب وحلب، أن كل مجلس تابع للفصائل يعمل على هواه، من جهة إصدار بطاقات تعريفية والرسوم الخاصة بها ومدة استصدارها.

واستصدر “الزغبي” بطاقة تعريفية من مجلس أخترين للتنقل بين إدلب وريف حلب، وذلك “بعد توقيفي عدة مرات لحملي بطاقة شخصية من النظام السوري”.

وأضاف أن “آلاف العائلات لا تحمل وثائق رسمية فردية أو عائلية، وهو ما سيسبب لاحقاً ضياعاً حقيقياً ما لم يتم تدارك الأمر”.

إعداد: فاروق حمو- تحرير: حكيم أحمد