نازحون في إدلب يبحثون عن بدائل وقود التدفئة

إدلب- نورث برس

ينشغل نعيم الفياض (41 عاماً)، وهو نازح في مخيم العمر بالقرب من بلدة أطمة شمال إدلب، شمال غربي سوريا، هذه الأيام، بالبحث عن تأمين بدائل لتدفئة عائلته المكونة من زوجة وثلاثة أطفال.

يقول الرجل إنه عاجز عن  شراء أي من مادتي المازوت والحطب هذا العام للتدفئة شتاءً.

ويفكر في “الاعتماد على روث الحيوانات وقطع النايلون والبلاستيك التي جمعها خلال فصل الصيف ليستخدمها إلى جانب الفحم والمازوت المكرر للتدفئة”.

وتشهد أسعار وقود التدفئة من محروقات وحطب وغيرها في إدلب ،ارتفاعاً مع اقتراب الشتاء.

 ويعجز الكثير من السكان عن شراء تلك المواد، لا سيما النازحون الذين يقطنون المخيمات، إذ يضطر كثير منهم لاستخدام وسائل تدفئة بديلة على الرغم من مخاطر استخدامها.

أسعار مرتفعة

ووصل سعر برميل المازوت المكرر بدائياً إلى نحو 130 دولاراً (455 ألف ليرة سورية)، فيما سجّل سعر برميل المازوت الأوربي والذي تستورده شركة “وتد للبترول” التابعة لهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً)، 190 دولاراً (ما يعادل 665 ألف ليرة سورية).

والأسبوع الماضي، رفعت “وتد”  التي تحتكر استيراد المحروقات في إدلب، أسعار الوقود، وحددت  سعر اللتر الواحد  من المازوت “مستورد ثاني” بـ 6.42 ليرة (2100 ليرة سورية)، ولتر المازوت “مكرر أول” إلى 4.60 ليرة تركية (1800 ليرة سورية).

ويتراوح سعر الطن الواحد من حطب الزيتون الذي ينتشر بكثرة في مناطق شمال غربي سوريا، بين 115 دولاراً و150 دولاراً أميركياً (525 ألف ليرة سورية)، وبين 100 دولار إلى 140 دولاراً أميركياً  لأنواع أخرى كالسنديان واللوز.

وتحتاج العائلة في الأحوال الطبيعية خلال فصل الشتاء، بحسب “الفياض”، إلى نحو 400 ليتر من وقود المازوت بتكلفة تصل إلى نحو 350 دولاراً (مليون و20 ألف ليرة سورية).

 وفي حال الاعتماد على الحطب، فإن العائلةالمتوسطة تحتاج أيضاً إلى نحو طن ونصف بسعر 230 دولاراً على الأقل.

وتفوق هذه الأسعار القدرة الشرائية لغالبية عائلات النازحين في المخيمات، التي تعتمد أغلبها في معيشتها على السلة الشهرية في ظل نقص فرص العمل وتدني الأجور.

البحث عن بدائل

واضطر الكثير من النازحين للاعتماد على وسائل ومواد بديلة بأسعار أرخص لكنها ذات أضرار ومخاطر أكبر.

ويعتقد “الفياض” أن حالهم هذا الشتاء لن يكون مختلفاً عن سابقه، “وربما يكون أسوأ، لا سيما بعد رفع تضاعف أسعار المحروقات هذا العام”.

أما فاطمة الخلف (39 عاماً)، وهي أم لأربعة أطفال ونازحة منذ نحو عامين في المخيمات القريبة من بلدة قاح شمال إدلب، فتعتمد على الألبسة البالية والأحذية القديمة التي تقوم بشرائها من المحال التجارية بأسعار رخيصة مقارنةً بأسعار المحروقات والحطب.

وتقول”الخلف” إنها قامت هذا العام بشراء نحو 50 كيلوغراماً من الألبسة البالية من إحدى المحال التجارية، بسعر ليرة ونصف ليرة تركية (500 ليرة سورية) للكيلوغرام الواحد.

 وتشير إلى أن هذه الكمية تكفيها لنحو شهر تقريباً، كونها تستخدم معها قطعاً بلاستيكية وقطعاً من إطارات مستعملة.

وتقوم المرأة بتشغيل المدفأة في أوقات البرد الشديد فقط، أما في الأيام العادية التي يستطيعون تحمل بردها، فإنهم يكتفون بإغلاق باب الخيمة بإحكام وتغطية الأطفال، وذلك لتوفير وقود التدفئة.

مخاطر ومشاكل صحية

وتسبب المواد البديلة للتدفئة بمشكلات في المخيمات، نتيجة الروائح التي تنبعث حين إشعالها، بالإضافة لمخاطر تسببها باحتراق الخيم سريعة الاشتعال.

والشتاء الماضي، حدث حريق في مخيم القاح شمال إدلب، أدى لوفاة امرأة وطفليها، واحتراق عدة خيم، نتيجة استخدامهم لقطع بلاستيكية ومازوت مكرر سريع الاشتعال، بحسب نازحين.

وعلى الرغم من معرفة السكان بمخاطر الوسائل والمواد البديلة للتدفئة على صحة أطفالهم وحياتهم، لكنهم يقولون إنهم اضطروا لتحملها كونها “أفضل من البرد” الذي تشتهر به المناطق الحدودية.

والعام الفائت أيضاً، أُصيب أطفال “الفياض” الثلاثة بحالات ضيق تنفس، نتيجة الروائح الكريهة التي تنبعث عند استخدام الفحم الأسود وأكياس النايلون وقطع البلاستيك.

يقول: “حين نشعل ما نجمعه في المدفأة نشعر بضيق تنفس، لكننا مضطرون لتحمل الأمر، لأن البرد أسوأ بكثير، ولا خيار آخر لدينا”.

ويحذر صالح المحمود (46 عاماً)، وهو ناﺯﺡ من ريف سراقب يقيم في مخيماﺕ قاح شمال ﺇﺩلب، أطفاله باستمرار من مخاطر المدفأة أثناء إشعال إطارات السيارات القديمة ﻭﺍلنايلوﻥ وغيرها من المواد التي قاموا بجمعها.

ويقول إﻥ مخاطر إشعال هذه المواد لا تقتصر ﻋلى ﺍلجانب ﺍلصحي وحده، بل تتعدﺍﻩ إلى احتماﻝ ﺍشتعاﻝ حريق في الخيمه بأي لحظة.

لكن “المحمود” يقول إنه عديم الحيلة كغيره، “فنحن الكبار نستطيع تحمّل برد المخيمات، أما الصغار فلن تصمد أجسادهم الهزيلة”.

إعداد: براء الشامي- تحرير: حسن عبدالله