إدلب – نورث برس
ترك مصطفى الزيات (35 عاماً)، وهو اسم مستعار لنازح في مدينة إدلب، شمال غربي سوريا، مهنة التدريس مع بداية العام الدراسي الحالي واتجه إلى أعمال البناء، وذلك بعد أن عجز عن تأمين مستلزمات عائلته المؤلفة من خمسة أفراد.
واستبدل المدرس، الذي يتحدر من بلدة جرجناز جنوب إدلب ويعيش في مخيم قرب إدلب المدينة، أدوات مهنته السابقة من أقلام وكتب ودفاتر بأدوات جديدة كالمجرفة والعربة اليدوية والمنشار، والتي ما زال يواجه صعوبة في التأقلم معها.
وكان “الزيات” يتقاضى من مهنته كمعلم راتباً شهرياً يبلغ 100 دولار أميركي، لكنه “لم يكن يكفي” لشراء احتياجات منزله، على عكس عمله الجديد الذي يجني منه 50 ليرة تركية يومياً (ما يعادل نحو 150 دولاراً شهرياً).
ويترك معلمون في منطقة إدلب مهنتهم ويتوجهون لأعمال أخرى، بينما يفضل آخرون العمل الإضافي على ترك التعليم، وذلك بسبب تدني رواتبهم في ظل ارتفاع أسعار المحروقات والمواد الغذائية.
ويعمل معلمون في المحال التجارية والأسواق أو مهن كالبناء والحدادة والنجارة وغيرها لتأمين احتياجاتهم المنزلية التي لم تكن رواتبهم السابقة تؤمنها، على حد قولهم.
وتتراوح أجور المعلمين العاملين في مناطق شمال غربي سوريا بين 85 و150 دولاراً أميركياً، وبذلك بحسب المؤهلات والشهادات والخبرة التي يمتلكونها.
أعمال أخرى
ويبيع ناجي حلاق (32 عاماً)، وهو اسم مستعار لنازح من بلدة بليون جنوب إدلب يعيش مع عائلته في مخيم القصور على أطراف مدينة سرمدا، الخضراوات على عربة صغيرة كعمل إضافي إلى جانب عمله في التدريس.
ويقول إن راتبه الذي لا يتجاوز 85 دولاراً لا يكفيه سوى لعشرة أيام بسبب تدني الغلاء الكبير التي تشهده المنطقة نتيجة انهيار قيمة الليرة التركية.
وتشهد إدلب ارتفاعاً في أسعار المواد الغذائية والمحروقات، وخلال أقل من شهر رفعت شركة “وتد للبترول” سعر أسطوانة الغاز المنزلي من 98 ليرة تركية إلى 114 ليرة تركية ( نحو 45 ألف ليرة سورية).
والشهر الماضي، قال مارتن غريفيث مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، إن “أكثر من 90 في المائة من السكّان في سوريا يعيشون تحت خط الفقر”.
وأضاف، خلال جلسة دوريّة عقدها مجلس الأمن الدولي في مقر الأمم المتحدة بمدينة نيويورك، إن “الكثير منهم يضطر إلى اتخاذ خيارات صعبة جداً لتغطية نفقاتهم”.
ويجني “حلاق” من عمله في بيع الخضراوات 35 ليرة تركية يومياً وهو مبلغ يجده مقبولاً، “فمنذ أن بدأت العمل في بيع الخضراوات بت أؤمن مستلزمات عائلتي”.
ولا يخفي الرجل نيته في ترك التدريس في القطاع العام والاتجاه نحو المدارس الخاصة، إذ تبقى رواتبها “أفضل” من المدارس العامة.
وتتراوح رواتب المعلمين في المدارس الخاصة بين 150 و250 دولار شهرياً.
وتضم إدلب نحو 100 مدرسة خاصة لكافة المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية، وأكثر من 400 مدرسة عامة، بحسب المجمع التربوي في مدينة الدانا.
احتجاجات معيشية
ومنتصف الشهر الماضي، شارك عشرات السكان في مدينة إدلب في احتجاج على الغلاء ورفع أسعار المحروقات والمواد الغذائية بشكل غير مسبوق.
ورفع المتظاهرون شعارات تطالب “حكومة الإنقاذ بإيقاف سياسة التسلط ومقاسمتهم لقمة عيشهم”، وسط هتافات مناوئة لحكومة الإنقاذ وزعيم هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) أبو محمد الجولاني.
وبداية العام الجاري، ترك رشيد تناري (34 عاماً) وهو اسم مستعار لنازح في مخيمات دير حسان الحدودية مهنة التدريس واتجه للعمل في إحدى ورش صناعة المدافئ، وذلك بعد أن فشلت جميع محاولاته في إيجاد عمل خارج أوقات دوامه في المدرسة.
ويقول الرجل، الذي يتحدر من مدينة معرة النعمان، إن ديوناً بقيمة 500 دولار أميركي تراكمت عليه سابقاُ، لكنه استطاع تسديدها من عمله الجديد، بالإضافة لإعالة أسرته المؤلفة من ستة أشخاص.