موظفون سابقون في شركات للأجهزة الخليوية في دمشق يتهمونها بالاحتكار واستغلال الأزمات

دمشق- نورث برس

يرى موظفون سابقون ومطلعون على عمل شركات للأجهزة الذكية في العاصمة دمشق أن عملها جعل قطاعات اقتصادية وتجارية تحت سيطرة متنفذين مقربين من السلطة، دون أن يستفيد حتى العاملون فيهما من هذا الاحتكار.

وتعتقد مها رفعت (24 عاماً)، وهي خريجة حديثة من كلية الهندسة المعلوماتية في دمشق، أن كل ما درسته “لن يفيدها سوى خارج سوريا”.

وعللت اعتقادها هذا بتجربتها في البحث عن فرصة عمل مناسبة لاختصاصها، إذ عملت لمدة سنة في شركة البراق بعد دفع “هدية ثقيلة”، قبل أن يتم إغلاقها بالشمع الأحمر بداية العام الحالي.

“كما أن شركة سيريتل تتطلب واسطة مباشرة للعمل والخيار الوحيد هو برنامج التدريب في الشركة، والذي لا فائدة منه بالنسبة لي”.

ورغم أن مها تمتلك، بحسب قولها، خبرة جيدة في الشبكات والبرمجة، وحصلت على شهادات أونلاين من مواقع ومنصات عالمية باللغة الإنكليزية، إلا أنها لم تتمكن من تحقيق طموحها.

تقول إنها كانت تسعى للعمل في شركة ذات معايير عالمية، دون أن تحتاج للسفر.

لكنها استنتجت أن “المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية لا تمتلك أي عوامل لبناء شركة احترافية أو مستقبل لسوق عمل يحتوي الخريجين والعلوم الحديثة”.

وتضيف أن طموحاتها في الخبرة والترفع على السلم الوظيفي لا يمكن أن تتحقق مادام مديرو الشركات هم المساهمون الماليون أنفسهم، “والذين لا يمتون بصلة لأي خبرة في مجال المعلوماتية أو البرمجة”.

استغلال أزمات

وقال فارس طه (36 عاماً)، وهو خبير في إدارة الموارد البشرية يعمل مديراً لأحد برامج دعم وتأهيل الشباب في جمعية مدنية ، إن شركات تجارية في دمشق تستغل حاجة المتقدمين للعمل إما عبر طبيعة العمل أو لانخفاض الأجور.

وعلل ذلك بعدم وجود شركات على مستوى عالمي أو إقليمي في سوريا.

وعمل “طه”، الذي يعيش في حي عش الورور، في شركة للأجهزة الذكية سابقاً، بعد أن قدم سيرته الذاتية التي تحوي خبرة طويلة، “مع هدية طبعاً لأحد المديرين الذي قابلني في البداية”.

وأضاف أن الملاحظة المباشرة كان عدد الفتيات اللواتي يعملن مقارنة مع عدد الشباب الذكور، “وكان رد المدير على ملاحظتي هذه بقوله: مصائب قوم عند قوم فوائد”، في إشارة للحرب والخدمة العسكرية الإجبارية للذكور.

يقول الموظف: “لم أعلق بكلمة بعدها، لكن يبدو أن هذه الشركات لا تتأثر بالأزمات الاجتماعية الكبيرة كالتي تسببها الحرب والخدمة الإلزامية، وهذا أحد أهم الإشارات حول طبيعة هذه الشركات”.

ومع المزيد من تدهور قيمة الليرة السورية، تدنت القيمة الحقيقية لراتب “طه” (100 ألف ليرة سورية)،لكن رد الشركة كان “هذا الموجود عنا، وهناك مؤامرة كونية على سوريا وعقوبات قيصر، وإذا مو عاجبك الله معك!”، على حد ما نقله.

 وبالإضافة لأنه لم يتم تعويض الموظفين بشيء عند إيقاف عمل الشركة،  يقول الموظف السابق إن تجربة العمل معها كانت “فاشلة ومضيعة للوقت”.

ويشير إلى أنه لن يستفيد من فترة عمله معها حتى إن سافر خارج البلاد، “إذ لا يوجد دليل على كلامي، وتهمتها خطيرة  لقربها من متنفذي الحكومة”.

مقربون من أعلى السلطة

وقال رائف وهبة (42 عاماً)، وهو خبير وباحث اقتصادي يعيش في دمشق، لنورث برس، إن تلك الشركات هي لمتنفذين بارزين في السلطة، وقد تابعت عمل شركتي إيماتيل والبراق، بسبب الضجة الإعلامية التي حدثت عند افتتاحهما”.


وأضاف: “في البداية تابعت عمل شركة البراق، أفرعها والحملات التسويقية والإعلامية التي قامت بها، والعروض والجوائز الكثيرة التي قدمتها، ورأس مال الشركة الذي لم يوضح حتى هذه اللحظة وأسماء كافة أصحابها.”

ومن الأسماء المؤسسة في شركة البراق، محمد عروة محمد الصباغ الذي كان يملك 33% من أسهم الشركة، وله أسهم في قطاع شركات السياحة وقطاع استيراد البياضات وشريك مؤسس في شركة سوريا القابضة، بحسب “وهبة”.

وتم إغلاق المركز الرئيس لشركة البراق للاتصالات في حي الشعلان بدمشق بالشمع الأحمر، في العشرين من كانون الثاني/ يناير عام 2020.

وتزامن إغلاق الشركة مع إغلاق عدة فروع لشركات حوالات داخلية “بتهمة تحويلها أموالاً من الخارج دون ترخيص”.

ويعتقد “وهبة” أن هذه الحملة كانت بداية تطبيق سياسيات طويلة الأمد للسيطرة على قطاع الهواتف الذكية بما يحتويه من استيراد وجمركة وتعامل بالدولار من جانب أسماء الأخرس زوجة الرئيس السوري.

فالمرحلة التالية من تلك السياسات كان عنوانها شركة إيماتيل، “رأس مال ضخم غير مصرح عنه، مالكا الشركة هما خضر طاهر الملقب بأبو علي خضر الذي يملك 51% من الشركة، بينما 49% لـمحمد منير فحلو، والإدارة العامة لعدنان البش”.

وكانت شركة إيماتيل قد أثارت جدلاً من خلال ربط انطلاقتها بقرار حكومي قضى بتعليق منح تصاريح إدخال الأجهزة، كما أن أحد إصدارات جهاز آيفون بيع في سوريا قبل أن يباع في دول الخليج، بسعر تجاوز ثلاثة ملايين ليرة سورية، رغم وجود أزمة معيشة واقتصادية خانقة.

وبحسب الباحث، فإن “إيماتيل ووكالات الأجهزة الذكية بشكل عام هي قطاع حيوي ومؤثر جداً في كارتيل ضخم من تنظيمات تجارية ومؤسسات خاصة وعامة مثل شركات الاتصالات وقطاع الاستيراد”.

إعداد: حنين رزق- تحرير: حكيم أحمد