كتاب وحكاية.. من الإبادة والتهجير إلى ميثاق الأمم المتحدة

دمشق ـ نورث برس

قال عدنان محمد مصطفى قبرطاي، وهو عضو اتحاد الكُتَّاب العرب، في مقدمة كتابه “الإبادة والتهجير والتوطين في الدولة العثمانية”، في جزئه الأول، وطبعته الأولى الصادرة عن اتحاد كُتّاب العرب، 2020، إن الإبادة “ليست بالضرورة في غرف الغاز أو نووية أو كيميائية أو جرثومية أو بيولوجية”.

وأضاف: “فالاستعمار العثماني البغيض كان له السبْق منذ القِدم في مجالات شتى مثل الإبادة وتهجير وتوطين الشعوب المستضعفة والمقهورة، وإحلال العنصر الطوراني مكانها، وارتكاب المجازر بأسلوبهم الخاص والمميز والمبتكر ماضياً وحاضراً..”.

أهمية البحث

كما ورد في الكتاب، فإن أهمية الكتاب تكمن في “التعرّف إلى جانب أسود مظلم مهمل من تاريخ الإمبراطورية العثمانية غير المشرّفة في المنطقة العربية بشكل عام وفي بلاد الشام بشكل خاص”.

ويرى الباحث أن هذه السياسية في المنطقة العربية لم تُدرَّس كما يجب.

ويشير إلى أن اختياره جاء “مقروناً بأمثلة، كعيّنات حدثت فعلاً في الإمبراطورية العثمانية في كل مراحلها التاريخية الطويلة، وما بعد الدولة العثمانية على حدودها الجنوبية الحديثة التي كانت نتيجة لمعاهدتي سيفر ولوزان، وخاصة في منطقة ولاية حلب وولاية سوريا”.

وجاء ذلك “نظراً لارتباطها بما يحدث في هذه الأيام على حدود سوريا من عدوان تركي أردوغاني موصوف على حدودها الشمالية والشرقية والغربية بل في كل سوريا”.

وينطلق الباحث من “العقلية المتخلفة، لسياسييّ الإمبراطورية أولاً، ثم في عقلية وتفكير ورثتها في الجمهورية التركية… وحتى الآن زمنٌ من تقمّص تلك السياسات العثمانية والأتاتوركية المتناقضة.

وأشار إلى أن هذا الزمن هو “زمن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي يتخيّل نفسه تارة السلطان العثماني الجديد، وتارة أخرى أتاتورك، ويعمل على إعادة إنتاج سياسات الإمبراطورية العثمانية البالية والخرّبة، في المنطقة العربية عموماً،، وعلى حدودها الجنوبية، مع سوريا والعراق خصوصاً”.

ويقصد الباحث هنا، كما يقول: “إعادة سياستهم القديمة في التهجير والتوطين والإسكان بل الإبادة بعد ارتكابهم جرائم الحرب بكل أشكالها والتي باتت معروفة للقاصي والدّاني في هذه الأيام”.

أهداف عدة

يحاول المؤلف في هذا الكتاب تحقيق عدّة أهداف، منها، “العودة إلى مراحل من التاريخ العثماني القديم، والكشف عن السياسة الإسكانية والتوطينية والتهجيرية والإبادة، وبعض المجازر التي قامت بها منذ تأسيسها قبل أقل من ثمانمائة عام خلت، ووصولاً إلى هذه الأيام التي تحاول فيها تركيا أردوغان، أن تقيم منطقة آمنة لها في الشريط الحدودي من سوريا.

وأيضاً، “إيراد أمثال حيَّة موثَّقة كل التوثيق، عن سياساتهم التهجيرية والتوطينية والإبادة السكانية في مراحلها التاريخية المختلفة والمتباينة، منتقاة لأزمنة متفاوتة قديمة ثم حديثة، مورست ضد أممٍ وشعوبٍ مسلمة ومسيحية على حدٍّ سواء”.

ومن الأهداف أيضاً، بحسب الباحث، أن هذه المواضيع “تُعرِّفنا على بعض ما نجهله، وتزيل الضباب والتشويش الذي يلفّ ويكتنف بعض المعلومات الشفهية، المتوارثة عن العشائر والقبائل والشعوب التي هجّرتها الدولة العثمانية.. واستقدمتهم من خارج الحدود العثمانية وداخلها، وأسكنتهم في سوريا..”.

تضمن الكتاب بابين، ولكل باب فصوله ومباحث. تناولت جميعها سياسة الإبادة والتهجير والتوطين في الدولة العثمانية وحتى الفترة الحديثة. كما تحدثت الفصول عن مذابح الأتراك العثمانيين وخاصة ضد الشراكسة.

وفي نهاية الكتاب، ذكر الباحث ميثاق الأمم المتحدة حول الإبادة الجماعية، مستعرضاً ما تضمنتها نصوص الميثاق المتعلقة بالإبادة الجماعية.

وتعريفها كما ورد في الميثاق: “أي عمل من الأعمال التالية، يتم ارتكابها بنية الإبادة الكلّية، أو الجزئية للجماعات القومية، أو العرقية، أو الدينية. مثل قتل أعضاء الجماعة، أو التسبب بأذى جسدي، أو فرض ظروف حياتية على الجماعة، أو نقل أطفال الجماعات بالقوة إلى جماعة أخرى..”.

وكما ورد في صفحة الإهداء، فإن الكتاب موجّه إلى الشعوب المنكوبة جراء الإبادة والتهجير والتوطين من قبل العثمانيين أولاً ثم من قبل الجمهورية التركية..

الباحث في سطور

هو عدنان محمد مصطفى قبرطاي، مواليد حي القبرطاي في القنيطرة، من عام 1947. تخرج من كلية العلوم، قسم العلوم الطبيعية عام 1968. عضو اتحاد الكُتَّب العرب، وعضو في جمعية البحوث والدراسات.

وله بحوث وكتب عديدة عن فترة حكم سلاطين الشراكسة في الشرق الأوسط. وأيضاً، كتاب “صفحات مطوية من تاريخ القنيطرة والجولان، (6 أجزاء). و”قبسات ومفردات من التراث الثقافي الشركسي المادي والمعنوي” في 12 جزءاً.. وغيرها.

إعداد وتحرير: نور حسن