ظروف معيشية لنازحي سري كانيه في القامشلي تدفعهم لمزاولة أكثر من عمل

القامشلي – نورث برس

لم يلتق رامان درويش (28 عاماً)، المهجّر من مدينة سري كانيه (رأس العين) بوالده واخوته الذين يسكنون على بعد “أمتار” منه في مدينة القامشلي شمال شرقي سوريا منذ شهرين، بسبب اضطراره لمزولة عمل اضافي حتى يتمكن من تغطية مصروف عائلته.

ويعود الشاب إلى عائلته المكونة من زوجة وطفلتين منهكاً بعد 15 ساعة من العمل.

ويعيش “درويش” في منزل يستأجره بحي الغربية في القامشلي، منذ نزوحه إليها قبل عامين بعد أن أجبره الهجوم التركي على الخروج من منزله.

أجور لا تكفي

وتسبب الهجوم التركي في التاسع من تشرين الأول/أكتوبر 2019، على  المنطقة الممتدة بيني مدينتي سري كانيه وتل أبيض على الحدود السورية التركية بنزوح نحو 300 ألف مدني من منازلهم.

التجأ قسم منهم لمخيمات أُعدت على عجل، بينما توزع الباقون في مدن وبلدات شمال وشرقي سوريا.

ويعاني من نزح منهم  إلى المدن من غلاء المعيشة وصعوبة تأمين مساكن بأسعار مناسبة وانخفاض الرواتب مقارنة بارتفاع الأسعار، بينما تتناقص المساعدات الإغاثية في المخيمات.

ويضطر الكثير منهم، للعمل في وظيفتين أو العمل لساعات طويلة كي يتمكنوا من تأمين مستلزمات عائلاتهم.

يقول “درويش” إنه يشتاق لملاعبة طفلتيه ولقاء عائلته، منذ أن دفعته الظروف المعيشية للبحث عن عمل إضافي إلى جانب وظيفته في جامعة روجآفا في القامشلي.

“لا أكاد أرى طفلتيّ إلا وهما نائمتان، ففي الصباح الباكر أذهب إلى الدوام قبل استيقاظهما من النوم وفي الليل أعود بعد أن يكونا قد نامتا”.

ويقضي “درويش” سبع ساعات في عمله كموظف في جامعة روجآفا، ليتوجه بعدها إلى أحد متاجر المدينة حيث يعمل كمحاسب لثمان ساعات إضافية.

ويتقاضى من عمله الأول مبلغ 260 ألف ليرة سورية فيما يحصل على  250 ألف من عمله بدوام ليلي في متجر المواد الغذائية.

وبحسب “درويش ” فإن هذا المبلغ بالكاد يكفي لدفع آجار منزله وحليب طفلتيه ومستلزمات منزله.

تقاسم مصاريف

بنكين حسين عمو (29 عاماً )، هو أيضاً من نازحي سري كانيه، اضطر للعمل بدوام مسائي في صالون للحلاقة الرجالية مع أخيه بعد انتهاء دوامه في مؤسسة تابعة للإدارة الذاتية.

يقول إن راتبه وكل ما كان بحوزته من مال ادخره عندما كان في مدينته، صرفه خلال الأشهر الأولى من نزوحه.

ويسكن “عمو” مع عائلته وعائلة أخيه في منزل مشترك استأجروه في حي الأربوية، بهدف تقاسم المصاريف وأجرة المنزل التي تبلغ 150ألف ليرة سورية شهرياً.

ويزاول كل من الشقيقين مهنتين كي يتمكنا من تأمين مستلزمات عائلتيهما.

واستقطبت مدينة القامشلي منذ بداية الأحداث في سوريا في 2011، أعداداً كبيرة من النازحين من جميع المناطق السورية، بسبب حالة الأمان النسبية وتوافر فرص العمل، بالإضافة إلى عدم خضوعها الكامل لسيطرة الحكومة.

ويعمل خليل مسلم (32 عاماً )، وهو أب لثلاثة أطفال، في مجال تمديد الكهرباء كعمل إضافي بعد أن ينتهي دوامه في إحدى مؤسسات الإدارة الذاتية.

يقول إنه توجه الى القامشلي برفقة عائلته أثناء الهجوم التركي على مدينته، ومعه مبلغ قدروه 400 ألف ليرة سورية فقط.

“لم أكن أملك ما يكفي من المال لاستئجار منزل وتغطية احتياجات عائلتي، فقد تركنا كامل أغراضنا في المنزل تحت القصف قبل نزوحنا”.

وبعد البحث طويلاً عن منزل، استطاع “مسلم” تأمينه بمبلغ 150 ألف شهرياً، وبدأ بالبحث عن عمل يستطيع من خلاله تأمين المستلزمات الأساسية لعائلته وأطفاله.

“كنا نعاني الكثير من الصعوبات في البداية ونعيش على أمل العودة القريبة الى منازلنا، ولكن بعد أن أدركنا أن نزوحنا قد يطول لأمد غير معلوم، كان لابد من تأمين مصدر كسب  إضافي”.

 مساعدات غائبة

يؤكد “مسلم” ومهجرون آخرون من سري كانيه أنهم لم يتلقوا مساعدات إغاثية من أي مؤسسة تابعة للإدارة الذاتية.

“يقتصر تقديم المواد الإغاثية والغذائية على سكان المخيمات فقط”.

وقالت هندرين سينو، وهي الرئيسة المشتركة لهيئة الشؤون والعمل في إقليم الجزيرة، إن من أولوياتهم متابعة أمور النازحين واللاجئين في إقليم الجزيرة عن طريق مديرية النازحين واللاجئين.

واشارت إلى أنهم أبقوا النازحين ممن كان موظفاً قبل النزوح في مؤسسات الإدارة على رأس عملهم. 

كما أنهم يعطون الأولوية بالتوظيف في مؤسسات الإدارة للنازحين وأنهم ملزمون بتأمين فرص العمل لهم.

لكن النازحين يقولون إن الرواتب التي تقدمها الإدارة بالكاد تكفي لتغطية إيجارات المنازل التي يصل بعضها 100 دولار.

إعداد: جودي محمد –  تحرير: ريبر جزيري