سري كانيه وتل أبيض في تشرين الأول.. مقتل قادة للقاعدة وداعش واستمرار الانتهاكات

نورث برس

شهدت مدينتا سري كانيه (رأس العين) وتل أبيض شمالي سوريا، الخاضعتان لسيطرة القوات التركية وفصائل المعارضة المسلحة الموالية لها، خلال شهر تشرين الأول/ أكتوبر، استمراراً لعمليات الخطف والفلتان الأمني والاحتجاجات المناهضة.

إلا أن أبرز الأحداث التي تصدرت العناوين الرئيسة للوسائل الإعلامية في الأسبوع الأخير، هو مقتل قياديين بارزين في تنظيمي القاعدة وداعش في ضربات جوية لطائرات مسيرة للقوات الأميركية في المنطقتين الخاضعتين لسيطرة تركيا.

ومنذ أواخر عام 2019، تخضع مدينتا سري كانيه وتل أبيض لسيطرة القوات التركية وفصائل المعارضة، بعد هجوم تسبب في نزوح نحو 300 ألف شخص من ديارهم، وفق تقارير حقوقية.

قادة داعش والنصرة تحت الحماية التركية؟

وفي وقت تهدد فيه تركيا بشن عمليات عسكرية جديدة في مناطق شمال شرقي سوريا، أعلنت القوات الأمريكية عبر بيان نشرته في الثالث والعشرين من تشرين الأول/ أكتوبر عن ‘‘تصفية القيادي في تنظيم القاعدة عبدالحميد مطر’’ بضربة جوية.

وقبل ذلك، قال شهود لـنورث برس إنهم سمعوا دوي انفجار ‘‘قوي’’ من مفرق عربيد بريف بلدة سلوك 20 كم شرق تل أبيض.

وقالت القيادة الأميركية إن  “التخلص من هذا القيادي البارز في القاعدة سيقوض قدرة التنظيم الإرهابي على التخطيط للمزيد من الهجمات العالمية التي تهدد المواطنين الأميركيين وشركاءنا والمدنيين الأبرياء وتنفيذها’’.

وعقب ذلك بيومين، قال مصدر مطلع لـنورث برس إن طائرة بدون طيار، يعتقد أنها أميركية، استهدفت القيادي البارز في تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) المعروف بـ(صباحي الإبراهيم المصلح) والملقب بـ “أبو حمزة الشحيل”، في قرية العدوانية بريف سري كانيه.

وبحسب المصدر، فإن الضربة الجوية قتلت ‘‘الشحيل’’ الذي ينحدر من قرية الشحيل بريف دير الزور، برفقة اثنين من مرافقيه أثنان قيامه بمهام في المنطقة.

وبهذا الصدد، أوضح فرهاد شامي، مدير المكتب الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية في تغريدة على تويتر، أن ‘‘الشحيل’’ يعتبر أحد أعضاء مجلس الشورى في تنظيم “داعش”، وفر من دير الزور بعد سيطرة قوات سوريا الديمقراطية على المنطقة.

وتصدرت عملية قتل القياديين البارزين في مناطق سيطرة القوات التركية التي كان من المزمع أن تحولها لمناطق آمنة للنازحين السوريين على أراضيها قبل اجتياحها للمنطقة، رواد مواقع التواصل الاجتماعي الذين اتهموا تركيا بتأمين ‘‘الحاضنة للإرهابيين’’.

وسبق أن شهدت مدينة سري كانيه رفع أعلام تنظيم داعش أثناء احتجاج للسكان بموقف الرئاسة الفرنسية من رسوم كاريكاتيرية طالت النبي محمد، في تشرين الأول/أكتوبر من العام الفائت.

وأواخر العام الفائت، أثار نشر منصات إعلامية مقرّبة من فصائل المعارضة المسلّحة الموالية لتركيا صوراً قالت إنها “لعائلات عراقية”، جدلاً واسعاً في على مواقع التواصل الاجتماعي ووسط نازحين من رأس العين.

وقال الناشط الإعلامي أورهان كمال، الذي يتحدر من المدينة، لنورث برس حينها، إن أدلة تشير إلى صلة هذه العائلات بـ”داعش”، خاصةً بعد نشر صورٍ لرايات التنظيم في المدينة خلال تظاهرة قبل نحو شهرين.

بينما نفى الرائد يوسف حمود، الناطق باسم فصائل “الجيش الوطني”، في تصريحٍ لنورث برس، ارتباط أولئك بعائلات تنظيم “داعش”.

استمرار عمليات الخطف

وعلى غرار العامين الفائتين من سيطرة القوات التركية وفصائل المعارضة على هاتين المنطقتين، تستمر عمليات الخطف والاعتقالات التعسفية بحق السكان المحليين.

وفي الرابع من شهر الجاري، قالت مصادر محلية لـنورث برس إن فصائل مسلحة اختطفت ثلاثة مدنيين بينهم امرأتان في بلدة علي باجلية بريف مدينة تل أبيض، بعد عملية مداهمة لمنازلهم.

وأوضحت المصادر أن المختطفين الثلاثة هم فاطمة الكعود وتحسين علي من عشيرة جيس و زلخة الحسين من عشيرة الأحوس، وتم نقلهم إلى فرع مكافحة الإرهاب التابع للفصائل في المدينة.

ورفضت الفصائل الموالية لأنقرة وساطات وجهاء محليين للإفراج عن النساء، ما ولّد احتقاناً شعبياً نظراً لطبيعة المجتمع الذي يعتبر اعتقال النساء مخالف للعادات والتقاليد، وخاصة أن عملية الاعتقال جرت تحت تهديد السلاح.

وفي الـخامس والعشرين من تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، قال مصدر في بلدة سلوك بريف تل أبيض لـنورث برس إن الاستخبارات التركية اعتقلت رجلاً مسناً من عشيرة طي يدعى جاسم الشيخ (70 عاماً).

وبعد ذلك بيومين، قال مصدر في ريف مدينة تل أبيض، إن عناصر الاستخبارات التركية وفصائل المعارضة الموالية لتركيا اختطفت ثلاثة اشخاص من بلدات مختلفة في حملة مداهمات منفصلة على منازلهم فجراً.

وأضاف المصدر، لنورث برس، أن المختطفين هم كل من إبراهيم الكدور من مدينة تل أبيض، ومحمد ساير من بلدة سلوك، وعبد الفواز الحميدي من بلدة حمام التركمان.

وتتكرر عمليات الاختطاف بحق من تبقى من السكان الأصليين لمدينة تل أبيض وقراها الخاضعة لسيطرة تركية، وغالباً ما يكون الدافع وراء الاختطاف ابتزاز السكان وإجبارهم على دفع فدية أو مقابل مالي للإفراج عن المختطفين.

وتشهد المناطق التي تسيطر عليها فصائل موالية لأنقرة وتشرف عليها جهات أمنية وعسكرية تركية انتهاكات واسعة ومحاولات تتريك، بحسب تقارير محلية ودولية.

احتجاجات وفلتان أمني

وفي ظل التوترات الأمنية بين فصائل المعارضة التي غالباً ما تتحول إلى اشتباكات مسلحة، تستمر حالات الفلتان الأمني من قبل عناصر هذه الفصائل بحق السكان المحليين.

وذكر مصدر مطلع لـنورث برس أن ملاسنة ومشاجرة بالأيدي أمام أحد الأفران في مدينة تل أبيض مطلع الشهر الجاري، تحولت إلى استخدام السلاح من قبل عنصر يتبع للمعارضة المسلحة ضد المدنيين.

وأسفر إطلاق الأعيرة النارية بشكل عشوائي في إصابة ثلاثة أشخاص بينهم فتيان حالة أحدهم خطرة لإصابته في الرأس، وفق المصدر.

وهدد عشرات العناصر المسلحة بمنطقة تل أبيض، بترك نقاطهم العسكرية على خطوط التماس مع قوات سوريا الديمقراطية والحكومة السورية، لعدم صرف رواتبهم منذ أشهر معلنين عصيان أوامر قادتهم.

وقال مصدر خاص لـنورث برس إن مجموعة من عناصر الفرقة 20 التي تتخذ من بلدة سلوك مكاناً لمقراتها، نظموا في العاشر من هذا الشهر احتجاجاً أمام إحدى القواعد التركية في بلدة سلوك احتجاجاً على قطع رواتبهم.

إفراغ القرى بسبب القصف

وشهدت أرياف بلدة تل تمر شمال الحسكة وعين عيسى بريف الرقة، خلال الأسابيع الماضية، تصعيداً عسكرياً من قبل القوات التركية وفصائل المعارضة المسلحة، أسفرت عن خسائر كبيرة في الممتلكات وإصابة مدنيين بجروح.

وقال مصدر في مجلس تل تمر العسكري إن القوات التركية وفصائل المعارضة المسلحة، استهدفت بقذائف الهاون والمدفعية عدة قرى في ريف البلدة لنحو 20 مرة خلال الشهر الحالي.

وتسبب القصف بتدمير عشرات المنازل في قرية الدردارة وثلاث قرى مسيحية، كما أسفرت عن أضرار في مقابر للآشوريين في قريتي تل جمعة وتل شنان بالإضافة لأضرار كبيرة في خطوط الكهرباء والمنشآت الحيوية والتعليمية.

كما أسفر قصف تركي خلال الأسبوع الأخير من الشهر عن إفراغ ثلاث قرى آشورية على ضفاف نهر الخابور وهي ‘‘تل شنان وتل جمعة وتل كيفجي’’ من سكانها بشكل كلي.

وقال نبيل وردة، المتحدث باسم قوات حرس الخابور الآشوري، لـنورث برس، إن الهجمات التركية على ريف تل تمر، هدفها تهجير الشعب الآشوري من المنطقة في استكمال لمشروعها القديم عام 1915، في إشارة إلى مذابح ‘‘سيفو’’.

كما قالت مصادر عسكرية في قوات سوريا الديمقراطية، إن القوات التركية وفصائل المعارضة استهدفت منطقة عين عيسى أكثر من خمس مرات خلال الشهر الجاري.

وتسبب القصف التركي المتجدد بدمار في منازل مدنيين، وإصابة عادل مسلم (16 عاماً) عندما كان يرعى أغنامه بريف عين عيسى.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، قال آرام حنا، المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطي، في تصريح لـنورث برس،إن التصعيد العسكري التركي الأخير على شمال شرقي سوريا، سيتجه بالمنطقة نحو الأسوأ وسيفتح المجال أمام “الإرهاب” مجدداً.

إعداد: دلسوز يوسف- تحرير: حكيم أحمد