غلاء وفقدان أدوية يحرمان نازحين من عفرين من العلاج
ريف حلب الشمالي- نورث برس
فشلت كل محاولات أمينة محمد (63 عاماً)، وهي نازحة من عفرين شمال غربي سوريا وتعيش في مخيم سردم بريف حلب الشمالي، من إيجاد دوائها في الصيدليات، فاضطرت في نهاية الأمر لطلبه من مدينة حلب بمبلغ عشرة آلاف ليرة.
تقول النازحة التي تعاني من مرض القلب إنها بحاجة لتناول الدواء باستمرار بعد إجراء عمليتين جراحيتين، لكن عدم توفره في المنطقة يخيفها من تدهور وضعها الصحي.
“وفي حال انقطعت عن تناوله، أشعر بانقباض في صدري وآلام في يديّ وقدميّ وأفقد قواي”.
وتتفاقم معاناة مرضى نازحين من منطقة عفرين وسكان قرى وبلدات بريف حلب الشمالي نتيجة فقدان أصناف أدوية وغلاء أسعارها في حال توفرت في ظل استمرار حصار تفرصه حواجز القوات الحكومية.
ومنذ تشرين الثاني/ نوفمبر العام الماضي، تمنع الحواجز الحكومية بالقرب من مدينة منبج عبور كميات كافية من المحروقات والغاز والمواد استهلاكية والأدوية والطحين القادمة من مناطق الجزيرة والمتوجهة إلى ريف حلب الشمالي.
ويمنع حاجز الفرقة الرابعة الحكومي على مدخل قرية الأحداث بريف حلب الشمالي دخول الأدوية إلى المنطقة إلا عبر مندوبين لفرض إتاوات على المواد الداخلة.
وعقب الاجتياح التركي برفقة فصائل معارضة مسلحة موالية له لعفرين عام 2018، نزح نحو 300 ألف شخص من المنطقة وتوزع قسم منهم في خمسة مخيمات هي العودة وعفرين وبرخدان وسردم وشهبا، بينما توزع آخرون على 42 قرية وبلدة بريف حلب الشمالي.
وبحسب إحصائية لهيئة الشؤون الاجتماعية والعمل لإقليم عفرين والعاملة حالياً بريف حلب الشمالي، فإن 2000 عائلة نازحة من عفرين تتوزع في المخيمات الخمسة، وحوالي 140 ألف شخص يسكنون في قرى وبلدات محيطة.
احتكار وإتاوات
وأرجع أكرم عرب، وهو صيدلي في بلدة فافين بريف حلب الشمالي، سبب الارتفاع إلى احتكار مخازن ومعامل الأدوية في حلب، إذ يقوم أصحاب المعامل بتخزين الأدوية حالياً واحتكارها بانتظار تعديل آخر على نشرة الأسعار وهو ما يؤدي لفقدان أصناف عديدة.
إضافة إلى فرض المندوبين نسبة أرباح خاصة بهم على الأدوية والتي تتراوح بين 12 و15 بالمائة على كل علبة، “بحجة ترسيم يدفعونه للحواجز الحكومية”، وفقاً لما ذكره “عرب”.
وتدخل الأدوية من مدينة حلب إلى ريف حلب الشمالي عبر مندوبين، لذا لا يملك أصحاب الصيدليات خيار التفاوض على نسبة الربح، “فهم يتحكمون بإدخال الأدوية إلى المنطقة.”
ويعود السبب الآخر في ارتفاع أسعار الأدوية وبحسب الصيدلي إلى رفع وزارة الصحة في الحكومة السورية للأسعار بنسبة 50%، وعدم التزام أصحاب المعامل والمندوبين بنشرة الوزارة.
وفي حزيران/ يونيو الماضي، رفعت الوزارة سعر 12 ألف نوع دوائي بنسبة 50%، بعد تهديدات من أصحاب معامل أدوية بالتوقف عن العمل.
وحينها قال عماد معتوق نائب رئيس مجلس إدارة شركة العالمية للصناعات الدوائية، لوسائل إعلام حكومية، إنهم “يخسرون كل أسبوع 5% من الأصناف الدوائية لعدم القدرة على تجديد المواد الأولية المطلوبة لشرائها”.
وأضاف “معتوق” أن أكثر من 20% من الأصناف الدوائية فقدت منذ تم رفع سعر الدولار إلى 2550 ليرة، “وأن هذا يهدد بفقدان 60-70% من الأصناف الدوائية.”
وتجد “محمد” وغيرها من مرضى نازحين صعوبة في شراء أدويتهم، وخاصة أنهم تركوا كل ما كانوا يمتلكونه أثناء نزوحهم من المنطقة.
تقول النازحة التي لم تستطع منع نفسها من البكاء: “في عفرين كنت أؤمن احتياجات عائلتي وثمن أدويتي من بيع ماشية كنت أربيها، ماذا أفعل في المخيم؟ نمر بظروف مزرية.”
أسعار “حرة”
وبحسب صيادلة فإن أصحاب المعامل لا يلتزمون بنشرة أسعار الأدوية سواء المعدل سعرها أو التي لم تعدل، لذا يقومون ببيعها للصيدليات والمندوبين بسعر “حر”.
ويقول شيرو حسين، وهو صيدلي في بلدة فافين، إنه لا يستطيع تأمين كميات وفيرة من الأدوية بسبب ارتفاع أسعارها وشرائها بسعر “حر” من مندوبين.
ويشير إلى أن هناك العشرات من الأصناف التي باتت مفقودة في صيدليته مثل “ليفو توب و أزيترومايسين و فارما كور” التي تستخدم في الالتهابات الصدرية والفيتامينات والتي يزيد الطلب عليها في فصل شتاء ويتناولها مرضى كورونا لتقوية مناعتهم.
كما يشمل النقص الحاد أدوية الأمراض المزمنة كالقلب والضغط والسكري.
وتتهم الإدارة الذاتية حكومة دمشق بتسييس المساعدات الإغاثية والطبية الأممية، وتوزيعها وفقاً لأجندات تفرضها الأفرع الأمنية والجهات العسكرية.
وتعجز منظمة الهلال الأحمر الكردي عن تأمين أدوية لحوالي 2500 مريض يعانون من الأمراض المزمنة، بحسب الرئيس المشارك للمنظمة حسن نبو.
ويشير “نبو” إلى أن قلة الدعم المقدم للمنظمة والحصار الحكومي وعدم تقديم المنظمات الدولية الطبية المساعدات، يزيد من معاناة المرضى ويفاقم وضعهم الصحي.