قلق سكان من التصعيد جنوب إدلب يدفعهم للبحث عن مأوى في المخيمات
إدلب- نورث برس
يجهز رائد الموسى (35 عاماً)، وهو اسم مستعار لمقيم في مدينة أريحا جنوب إدلب شمال غربي سوريا، أثاثاً لمنزله البديل في مخيمات دير حسان الحدودية، وذلك استعداداً لرحلة نزوح بعد التصعيد العسكري الذي يعتقد أنه بوادر عملية عسكرية جديدة باتت تلوح بالأفق.
ولا يخفي “الموسى” قلقه المستمر من اضطراره للنزوح من أريحا، ما دفعه لإيجاد مأوى بديل في منطقة وصفها “بالآمنة نوعاً ما”، مقارنة بالمناطق الجنوبية والتي تشهد تصعيداً عسكرياً ” غير مسبوق” بين فصائل المعارضة وقوات حكومة دمشق.
ورغم عدم تركهم لمنازلهم حتى الآن، يسعى سكان في منطقة جبل الزاوية لتأمين مساكن بديلة في المخيمات شمالاً والتي تشهد تشييد غرف جديدة بدأ عازمون على النزوح تشييدها.
مشاق وأعباء
” إللي ما بيحسب ما بيسلم” يقول “الموسى” الذي عمل على بناء غرفة من الطوب مسقوفة بالنايلون، معتبراً أن مشقة النزوح الآن أقل منها شتاء حيث ستكون أعباؤه مضاعفة، على حد وصفه.
وتشهد مناطق إدلب شمال غربي سوريا، تصعيداً عسكرياً متبادلاً، بين القوات الحكومية وفصائل المعارضة.
والأسبوع الفائت، قُتل أكثر من عشرة أشخاص وأصيب نحو 40 آخرين في قصف للقوات الحكومية على مدينة أريحا.
وبالتزامن مع وصول تعزيزات عسكرية لقوات الحكومة السورية على محاور التماس، تستقدم فصائل المعارضة قوات إضافية، بينما يقول سكان إن عملية عسكرية أخرى باتت وشيكة.
وتهدف العملية المرتقبة للقوات الحكومية، بحسب مراقبين، لقضم مناطق جديدة من إدلب مقابل بعض الامتيازات للأتراك في مناطق أخرى.
كل هذه المعطيات دفعت السكان للتفكير في النزوح وإعداد مساكن لهم من خلال بناء غرف إسمنتية أو خيم من الأقمشة على الحدود السورية التركية تحسباً لأي عملية عسكرية قادمة.
خطوات احترازية
وعلى مقربة من مخيمات تل الكرامة في بلدة أطمة الحدودية، يعمل جميل الشواف (28 عاماً)، وهو اسم مستعار لناشط إعلامي من بلدة محمبل جنوب إدلب، على بناء غرفة إسمنتية من الطوب، في خطوة وصفها ب “الاحترازية” لأي عمل عسكري قد تشنه دمشق على ما تبقى من منطقة جبل الزاوية.
يقول إن ما تشهده المنطقة من مستجدات سياسية وعسكرية واستقدام تعزيزات ضخمة إلى محاور ريفي إدلب الجنوبي والشرقي، يرجح عملية عسكرية تسعى إليها قوات الحكومة السورية مدعومة بروسيا بموافقة تركية.
وبحسب الناشط فإن العملية تستهدف قضم ما تبقى من جنوب الطريق الدولي M4، بينما تسعى تركيا للحصول على ضوء أخضر لمزيد من التوغل في مناطق شمال شرقي سوريا.
وأضاف “الشواف” أن المناطق الشمالية وخاصة المخيمات تشهد تشييد مساكن جديدة، معظمها لأهال مازالوا متمسكين بأراضيهم في منطقة جبل الزاوية التي تشهد قصفاً شبه يومي.
لكن مخاوفهم دفعتهم لبناء مساكن “احتياطية” في حال طرأت أي مستجدات عسكرية على خرائط توزع السيطرة.
وأشار الناشط إلى أن سكان إدلب فقدوا ثقتهم بالضامن التركي وتعزيزاته العسكرية، إذ أنها “لم تقدم سوى التنازلات ومزيداً من الانكسارات والخسائر، ما دفعهم للبحث عن مناطق أكثر أمناً لعائلاتهم وأطفالهم “.
وبحسب “العثمان” فإن نقطة تركية تبعد عن منزله فقط مسافة 100 متر تتعرض للقصف شأنها شأن باقي الأماكن”فهي غير قادرة حتى على حماية نفسها لتحمينا من نيران القصف”.
تشييد مساكن
ولا يخفي حسان المحمد (32 عاماً)،وهو اسم مستعار لعنصر في الدفاع المدني (الخوذ البيضاء) حالة الهلع والخوف التي دفعت السكان للتفكير بالنزوح في ظل استمرار التصعيد والقصف العنيف الذي يستهدف كافة القرى والبلدات جنوب إدلب.
وأضاف أنهم وثقوا نزوح نحو 50 عائلة خلال العشرة أيام الماضية، معظمهم من مدينة أريحا والقرى المجاورة لها، والتي شهدت قصفاً لقوات الحكومة استهدف الأحياء السكنية بشكل مباشر، ما أدى لوقوع عشرات القتلى والجرحى معظمهم نساء وأطفال.
والأسبوع الفائت، انتقل مصطفى العثمان (46 عاماً)، وهو اسم مستعار لنازح من بلدة بليون جنوب إدلب إلى مسكنه الجديد في مخيمات بلدة قاح الحدودية، مع دخول فصل الشتاء والذي غالباً ما يترافق مع تصعيد عسكري يفضي لنزوح الآلاف.
“ما بتمر علينا الشتوية إلا ونحنا نازحين” يقول “العثمان” في إشارة إلى أنه اختار النزوح الآن قبل أن يُجبر عليه عند اشتداد الأمطار والسيول، حيث ستكون المشقات مضاعفة.
ورأى أن المنطقة الجنوبية لم تعد تصلح للعيش في ظل القصف اليومي المترافق مع تحليق مكثف لطائرات الاستطلاع الروسية والتي لا تكاد تفارق الأجواء لرصد أي حركة في المنطقة، حيث “أختار الفرار قبل فوات الأوان”.