لفقدانهم الأمل في التعويض.. أصحاب منازل مدمرة في درعا يستخرجون حديدها

درعا – نورث برس

اضطر سامر الصخر، وهو من سكان حي المنشية في بمدينة درعا جنوبي سوريا، لهدم ما تبقى من منزله الذي دُمر قسم منه نتيجة قصف القوات الحكومية لأحياء درعا البلد قبل سنوات، بهدف الحصول على الحديد لتعويض القليل من خسارته.

وكان جزء كبير من منزل “الصخر” المؤلف من طابقين قد تضرر نتيجة قصف القوات الحكومية على الحيّ أثناء المعارك التي جرت بين القوات وبين فصائل المعارضة، فيما لم يعد القسم الآخر صالحاً للسكن.

وتعاقد الرجل مع ورشة من العمال بدأوا قبل أيام بهدم ما تبقى من البناء  وتكسيره لسحب أسياخ الحديد من الركام.

غير قابلة للترميم

يبلغ عدد المنازل المتضررة نتيجة الحرب، وغير القابلة للترميم في مدينة درعا 250 منزلاً، معظمها في حي المنشية بدرعا البلد ومنطقة السوق في درعا المحطة، بحسب المهندس سعيد أحمد.

ووفقاً لـ”أحمد”، فإن تدمير المنازل في حي المنشية حصل خلال المعارك التي شهدها الحيّ في منتصف شهر شباط/ فبراير من عام 2017، أثناء قصف القوات الحكومية لأماكن تواجد فصائل المعارضة.

ويعمل الكثير من أصحاب هذه المنازل بالتزامن مع عودة الحياة تدريجياً إلى الأحياء، على تكسير ما تبقى منها للاستفادة من الحديد الذي بداخلها، بعد فقدانهم الأمل في الحصول على الدعم لإعادة إعمارها خلال وقت قريب.

وتقول دراسة نشرها مركز مالكوم كير-كارنغي، بعنوان مفارقة إعادة الإعمار في سوريا، إنه في مطلع العام 2019، تراوحت تقديرات تكلفة إعادة الإعمار في سوريا بين 250 و400 مليار دولار.

وهي أرقام تجعل الميزانية التي وضعتها الحكومة والبالغة 3.9 تريليون ليرة سورية، أو حوالي 8.9 مليارات دولار حينها، تبدو قليلة للغاية بكاملها.

ومن إجمالي هذه الميزانية، وصل المبلغ المخصّص لإعادة الإعمار إلى 50 مليار ليرة سورية فقط، أي أنه لا يتجاوز 115 مليون دولار، وبالتالي لا تتحمّل الحكومة السورية عملية إعادة الإعمار الهائلة هذه، وفقاً للمركز.

وبحسب الدراسة، يساهم الواقع الاقتصادي والوقائع الاجتماعية في شرح أسباب كون مهمة إعادة الإعمار تحدٍّ صعب، “فوضع الاقتصاد سيئ جداً، والبلاد تواجه تحديات إنسانية خطيرة”.

على نفقته الخاصة

ويقول “الصخر” إنه حين يشاهد العمال يقومون بتكسير منزله، تعود إلى ذاكرته عملية بنائه التي استغرقت سبع سنوات، اضطر خلالها للسفر والعمل كسائق شاحنة تبريد، ليعمل على إكمال بناءه على دفعات.

ويأمل “الصخر” بالحصول على بعض المال من بيع كميات الحديد المُستخرج لمساعدته في بناء غرفتين مكانه على نفقته، تأويه وعائلته بعد سنوات من التشرد في منازل يدفع مبالغ يصفها بـ”الكبيرة” كأجرة شهرية لأصحابها.

وتقوم ورشات خاصة بشراء الحديد المستخرج من ركام الأبنية من أصحاب المنازل، حيث تقوم بدورها بتعديل ما هو قابل لإعادة الاستعمال منها وبيعه بأسعار أقل من حديد البناء الجديد.

ويُباع طن حديد البناء المسحوب من ركام الأبنية بـ350 دولاراً أميركياً، فيما يبلغ سعر الجديد منه 750 دولاراً.

ويقول مالك نميري، وهو صاحب بناء تجاري من ستة طوابق في منطقة درعا المحطة، إنه يعمل في الوقت الحالي على تكسير البناء بعد تعرضه لأضرار في قواعده السفلية تجعل من عملية ترميمه أمراً مستحيلاً.

وكان الموقع الذي يتواجد فيه مبنى “النميري” لسنوات منطقة عسكرية يُمنع الاقتراب منها، حيث قامت القوات الحكومية بحفر أنفاق أسفل المبنى ما أدى لحدوث أضرار “كبيرة جداً” في أساساته.

وسلم “نميري” عملية تكسير الركام وترحيله لأحد المتعهدين مقابل إعطائه نصف كمية الحديد المستخرج عن طريق آليات ثقيلة.

ورغم أنه لا يملك المال الكافي لإعادة إعمار بناء مماثل في ذات الموقع، يفكر “النميري” بعد إزالة الركام بطرح قطعة الأرض مكانه للبيع والاستفادة من ثمنها في مشروع آخر يُأمّن من خلاله دخلاً شهرياً يساعده في إعالة عائلته.

أملٌ بالتعويض

يأمل السكان بتدخل منظمات أممية لمساعدتهم على إعادة إعمار منازلهم أو تقديم تعويضات مالية تساعدهم على ذلك.

لكن المهندس “الأحمد” أشار إلى أن المنظمات ليس لديها في الوقت الحالي خطة عمل على مساعدة أصحاب المنازل أو منح تعويضات مالية لهم حالياً.

وتشترط العديد من الدول المانحة البدء بعملية الانتقال السياسي لتساهم في دعم إعادة الإعمار، كما أن تدخل مسؤولي الحكومة السورية بمشاريع دعم المنظمات ومحاولتهم نقل تلك المشاريع إلى مناطق موالية لهم أعاق عمل تلك المنظمات، بحسب المهندس.

ووفقاً لسكان، فإن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي قام بإحصاء المنازل المتضررة في أحياء درعا البلد قبل أشهر، بهدف المساعدة في ترميم وإعادة إعمار 100 منزل من الحي، وفق ما قاله لهم أحد مسؤولي المنظمة، لكنهم لم يعودوا إلى الآن.

إعداد: مؤيد الأشقر – تحرير: ريبر  جزيري