مدارس تحت القصف وتلاميذ يستكملون تعليمهم على خطوط التماس شمال الحسكة
تل تمر – نورث برس
في منزل طيني متهالك بقرية باب الفرج (8 كم) شمالي بلدة تل تمر شمال الحسكة شمال شرقي سوريا، يقف المعلم عزالدين العليوي، أمام مجموعة من طلاب المرحلة الابتدائية يعلمهم حروف الهجاء، بعد انقطاعهم عن مقاعد الدراسة لمدة عامين، بسبب القصف التركي الذي هجرهم من منازلهم ودمّر مدارسهم.
وعلى وقع القصف التركي المستمر على ريف البلدة، خرجت العديد من المدارس التي طالتها القذائف في القرى المحاذية لخطوط التماس عن الخدمة.
وفي سعي منه لمواجهة انقطاع التلاميذ الطويل عن المدارس، حوّل المجمع التربوي في البلدة منازل مهجورة في تلك القرى إلى مدارس تُمكنهم من استكمال تعليمهم.
قصف المدارس
ويقول المعلم الخمسيني، ‘‘جراء قصف الاحتلال التركي خرجت مدرسة قريتنا عن الخدمة فقمنا بنقل التلاميذ بين عدة مدارس طالها القصف لاحقاً أيضاً’’.
ومؤخراً، تبرع صاحب منزل في قرية باب الفرج، بمنزله الواقع على أطراف القرية لطلاب المنطقة كي يتلقوا تعليمهم فيه، رغم وقوعه على خط التماس.
وكان مئات الطلاب من القرى المجاورة يدرسون في مدرسة قرية باب الخير، لكنها تعرضت للقصف التركي ودمرت، فقام المعلمون بنقل التلاميذ لمدرسة قرية باب الصغير القريبة، قبل أن يطالها القصف أيضاً، ليُحرم الأطفال من التعليم.
ويقول القائمون على السلك التدريسي في تل تمر، إن مئات الطلاب من سكان القرى المحاذية لخطوط التماس حُرموا من الدراسة منذ ثلاثة أعوام، بسبب ظروف الحرب التي تعاني منها المنطقة، “وبات الكثير منهم يواجهون الأمية”.
ويرتاد المدرسة التي افتُتحت منذ نحو أسبوع ( 67 طالباً وطالبة) في مرحلتي الابتدائية والإعدادية موزعين ضمن أربعة صفوف وفق دوامين صباحي ومسائي ولمدة ثلاث ساعات دوام يومياً لكل مرحلة.
ويفتقر المنزل الطيني الذي بالكاد تدخل أشعة الشمس، عبر نوافذ صغيرة مصنوعة من الخشب، غرفه المظلمة، إلى الإنارة الكهربائية.
كما تظهر الشقوق الكبيرة على جدرانه المتهالكة التي قد لا تصمد في الشتاء القادم، وسط نقص في المستلزمات المدرسية وانعدام وجود المرافق الصحية.
تعايش مع الأوضاع
وتحولت عشرات القرى في ريف بلدة تل تمر لخطوط تماس مع القوات التركية وفصائل المعارضة المسلحة الموالية لها، عقب وصولهم إلى مشارف البلدة بعد هجوم شنته الأخيرة في تشرين الأول / أكتوبر عام 2019، وسيطرت خلاله على مدينتي سري كانيه (رأس العين) وتل أبيض.
ورغم وجود اتفاقية وقف إطلاق نار بين تركيا والجانبين الروسي والأميركي في المنطقة، إلا أن دوي قصف مدفعي قريب للقوات التركية يتردد بين الحين والآخر إلى مسامع المعلمين والطلبة في مدرسة باب الفرج.
ويحاول السكان المحليون التعايش مع الأوضاع الراهنة التي تشهدها المنطقة على مدى العامين الماضيين.
وباتت عمليات القصف أمراً مألوفاً بالنسبة لهم، كما الحال بالنسبة للمعلم ‘‘العليوي’’ والكادر التدريسي الذي يصرّ على المضي في استكمال العملية التربوية على “خط النار”.
فمن عتبه باب المنزل الذي تحوّل إلى مدرسة في قرية باب الفرج، بالإمكان رؤية النقاط العسكرية لفصائل المعارضة المسلحة الموالية لتركيا بالعين المجردة، والتي لا تبعد سوى مسافة كيلومترين فقط.
ويشير ‘‘العليوي’’ بوجه شاحب، إلى أن ظروف التدريس تتم في المنطقة وفق متغيرات الوضع العسكري، ‘‘نتابع التطورات العسكرية بشكل يومي ونقوم بالانصراف في حال وجود قصف أو احتمالية لعمليات عسكرية”.
ويضيف أنهم يعملون جاهدين في سبيل ‘‘إنقاذ جيل من الأمية رغم كل الصعاب’’.
حلول إسعافيه
وتسبب القصف التركي المستمر منذ مطلع عام 2021، بتدمير مدرستين بشكل كامل بالإضافة إلى أضرار في ثلاث مدارس أخرى في ريف تل تمر، وفق مسؤولة في المجمع التربوي بتل تمر لنورث برس.
ويخشى القائمون على السلك التعليمي بأن يؤدي استمرار عمليات القصف على ريف البلدة، بحرمان ما تبقى من الطلبة من حق التعلم، في ظل استهداف القصف لقرى جديدة.
وتقول بهية معمو، الإدارية في المجمع التربوي بتل تمر، إن القطاع التعليمي كان له النصيب الأكبر من الضرر بسبب ظروف القصف الذي تشهده منطقة تل تمر منذ نحو عامين، بعد تدمير عدة مدارس وخروج أخرى عن الخدمة وتحول بعضها الآخر لمراكز إيواء للنازحين.
وتشير ‘‘معمو’’، إلى أنهم قاموا بتحويل ستة منازل في قرى على خطوط التماس إلى مدارس بعد تبرع أصحابها بها لخدمة طلاب المنطقة.
وأضافت: ‘‘هذه المنازل هي حلول إسعافيه نريد أن يتمكن الطلاب من تعلم أساسيات القراءة والكتابة على أقل تقدير، فنحن نمر بأزمة ونحاول قدر الإمكان ألا يبقى طالب واحد بدون تعليم”.