بعد أعوام من طرد “داعش”.. قصر البنات في الرقة بلا ترميم

الرقة – نورث برس

بعد مرور أربعة أعوام على طرد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) من مدينة الرقة، شمالي سوريا، لا تزال مشاهد الدمار والأضرار التي خلفتها الحرب واضحة على موقع “قصر البنات” الأثري، فالأجزاء السفلية والعلوية من جدران القصر متضررة ونافورته مدمرة بشكل كامل في مركز تصالب الإيوانات، بالإضافة إلى آثار التنقيب العشوائي والرطوبة التي أحدثت بعض التشوه فيها.

وخلال عامي 2012 و2017، لحقت بالمواقع والأوابد الأثرية في الرقة، من بينها “قصر البنات” تعديات وأضرار كبيرة بسبب الأعمال العسكرية التي شهدتها المدينة في تلك الفترة والتنقيبات العشوائية.

ويقع القصر في الجهة الجنوبية الشرقية من الرقة، ويُعرف باسم “قصر البنات” أو القصر العباسي، فيما يطلق عليه آخرون اسم “قصر العذارى”.

وليس لتسمية هذا البناء بـ”قصر البنات” أي مصدر تاريخي، إذ أن تسميته محلية، بحسب خبراء آثار في الرقة.

ويبعد القصر نحو 400 متر إلى الشمال من الموقع الأثري “باب بغداد” شرق المدينة، ويعد أحد أهم المواقع الأثرية في الرقة، وبني عام 772 ميلادي وهو تاريخ بناء المدينة وبُّني من مادة الجص واللبن والطين الجاف.

وتبلغ مساحة القصر ثلاثة آلاف متر، ونتيجة حادثة معمارية في الرقة في القرن الحادي عشر دُمر وأعيد بناؤه من جديد، حيث احتوى على مفصلات معمارية جديدة على عهد الحضارة الإسلامية.

تعديات وأضرار

وقال محمد العزو مدير متحف الرقة وباحث آثار، إن القصر تعرض لأضرار كثيرة أثناء سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية(داعش) على المدينة ومنها “عمليات تنقيب سرية كان يجريها التنظيم بالداخل بهدف التحصين والبحث عن معالم أثرية تحت أرض القصر”.

وكان قد عمل التنظيم على وضع عدة خزانات ومحروقات داخل القصر، بالإضافة إلى حفر أساسات وقواعد المبنى التي تضررت منها الجدران وآلت إلى السقوط، بحسب “العزو”.

وأشار مدير متحف الرقة إلى أنه نتيجة أصوات الانفجارات وضغط الهواء الحاصل منها تهدمت الجدران العلوية من القصر.

كما أن الرطوبة التي تصيب القصر بسبب الأمطار في فصل الشتاء كان لها دور في خلل بعض الجدران والتشويه التي بدأ يظهر على المبنى، بحسب ما ذكره “العزو” لنورث برس.

ويتألف “قصر البنات” من باحة مركزية تطل عليها أربعة أواوين ويفتح في الجنوب مدخل رئيسي يقابله في أقصى الشمال صالة خلفها حجرة وعلى جانبيها حجرتان، وتطل الصالة على باحة ورواقين، ويمتد القصر شرقاً وغرباً تحت الشوارع القائمة.

ويحوي القصر الذي كان وظيفته تدريسية طبية غرف اجتماعات ومخابر دراسية تعود للطلاب.

وفي عام 2014، سيطر التنظيم على مدينة الرقة، وتمكنت قوات سوريا الديمقراطية من طرد التنظيم من المدينة في السابع عشر من تشرين الأول/ أكتوبر 2017،  بعد معارك استمرت مئة وستة وستين يوماً.

وقام عناصر التنظيم أثناء سيطرته على الرقة بحفر بعض المواقع الأثرية بشكل عشوائي فيما تحول بعضها لنقاط عسكرية وأنفاق، بحسب لجنة الثقافة والآثار.

لا إمكانيات للترميم

وشهدت الرقة قبل 2012 حملات تنقيب أثرية وبعثات أجنبية ومحلية بقصد التنقيب عن أثارها ودراسة مواقعها وتاريخ الحضارات التي مرت عليها.

ولكن هذه الحملات والبعثات توقفت منذ بدء الحرب في سوريا، بحسب باحثي آثارٍ في الرقة.

وشدد “العزو” على ضرورة إعادة القصر إلى ما كان عليه سابقاً والعمل على ترميمه بشكل جيد قبل هطول الأمطار والتي “ستزيد من نسبة الرطوبة في الجدران”.

واقتصرت أعمال ترميم القصر سابقاً من قبل لجنة الآثار على  ردم الحفر السفلية التي خلفها عناصر التنظيم، وترميم إسعافي للجدران العلوية والزاوية الغربية، بحسب مدير متحف الرقة.

وبحسب لجنة الثقافة والآثار في مجلس الرقة المدني، فإن أكثر من مئة موقع أثري في الرقة في الوقت الحالي بحاجة لإعادة ترميم.

وأرجعت ختام العبد الله، الرئيسة المشاركة للجنة الثقافة والآثار التابع للمجلس المدني في الرقة سبب عدم ترميم الموقع إلى “قلة الإمكانيات وضعف الموازنة المالية المخصصة للجنة”.

لكن “العبد الله” قالت إن هناك خطة ودراسة مطروحة يجري العمل عليها في الوقت الحالي بشأن إعادة تأهيل القصر بشكل كامل، دون أن تحدد موعد تنفيذ المشروع.

إعداد: عمار حيدر- تحرير: عمر علوش