إطلاق سراح المعتقلين وبيان مصير المفقودين بند لم ينفذ بعد في درعا

درعا- نورث برس

تحاول سامية عدنان (58 عاماً) وهو اسم مستعار لسيدة من مدينة الحراك بريف درعا الشرقي، وسط سوريا، الوصول إلى أي شخص يساعدها في الكشف عن مصير ابنها المعتقل لدى القوات الحكومية منذ شهرين، ولكن “دون جدوى”.

وبداية أيلول/ سبتمبر الماضي، اعتقلت القوات الحكومية في ريف درعا الشرقي ابن “عدنان” وتم تحويله إلى فرع الأمن السياسي في مركز مدينة درعا.

وبعد مراجعة الفرع لأكثر من مرة، أنكر عناصر الفرع بحسب ما ترويه الوالدة لنورث برس وجود اسم ابنها لديهم، ولكن “بعد دفع رشوة لأحد الضباط هناك قال لي إن الشاب تم تحويله إلى أحد الفروع في العاصمة دمشق”.

وأشارت الوالدة إلى أن ابنها يحمل بطاقة تسوية منذ العام 2018 ولم ينضم لأي جهة عسكرية ويعمل عامل يومية ولديه ثلاثة أطفال تتولى هي وزوجته رعايتهم.

ولدى السيدة ابن آخر يؤدي الخدمة العسكرية الإلزامية ضمن صفوف القوات الحكومية، وأضافت أنه ليس لديها معيل سوى ابنها المعتقل “وفي كل مرة أسأل عنه يطلبون مبالغ مالية لا أستطيع تأمينها”.

ومع قرب انتهاء التسويات في محافظة درعا ومرور أكثر من شهر ونصف من تطبيق الاتفاق بين وجهاء المحافظة والقوات الحكومية برعاية روسيا، لم يبدأ بعد تنفيذ بند إطلاق سراح المعتقلين وبيان مصير المفقودين، والذي كان من المقرر البدء بتنفيذه بعد مضي خمسة أيام على تطبيق الاتفاق.

“لا جديد”

وبعد حصار دام ما يقارب 80 يوماً، عقد في الخامس من الشهر الماضي، اتفاق بين وجهاء محافظة درعا والقوات الحكومية برعاية روسيا من أجل فك الحصار عن درعا البلد وحي طريق السد والمخيمات وعمل تسوية لأوضاع المطلوبين.

وجاء هذا الاتفاق بعد فشل الاتفاق الذي عقد بين اللجنة المركزية في درعا البلد والقوات الحكومية وتعرضت درعا البلد وحي طريق السد والمخيمات لقصف عنيف من قبل الفصائل الموالية لإيران والتي كانت تحاصر المنطقة بشكل كامل.

وفي السادس من أيلول/ سبتمبر الماضي، بدأ تنفيذ الاتفاق في درعا البلد، تلتها مدن وبلدات أخرى، حيث أنشأت الأجهزة الأمنية التابعة للقوات الحكومية في المحافظة ثلاثة وعشرين مركزاً تم فيها تسوية أوضاع لمئات الأشخاص وتسليم عدد من الأسلحة وتحصيل مبالغ مالية كبيرة بدل الأسلحة المفقودة.

والاثنين الماضي، أنهت الأجهزة الأمنية التابعة للقوات الحكومية، تسوية أوضاع مئات المطلوبين لها في درعا وأريافها مستثنية مدينة بصرى الشام وبلدة معربة وبعض القرى المحيطة.

وقال مصدر في اللجنة المركزية في درعا البلد الذي فضل عدم نشر اسمه، إنه “لا جديد في ملف المعتقلين”.

وأضاف المصدر لنورث برس أن اللجنة الأمنية التابعة للقوات الحكومية على الرغم من تعهدها أمام الشرطة العسكرية الروسية بتبيان مصير المعتقلين والإفراج عنهم، “إلا أنها لا تزال تماطل في هذا الملف”.

ووصل عدد المعتقلين الذي عملوا في صفوف المعارضة سابقاً إلى 1059 شخصاً منذ صيف العام 2018 ومعظمهم يحملون بطاقات تسوية، بحسب تصريح سابق لعضو مكتب توثيق “الشهداء” في درعا، محمد الشرع.

وتسجل قاعدة بيانات المكتب أكثر من 6800 شخصاً من درعا بين معتقل ومفقود ومغيب قسراً، كما وثق المكتب مقتل 25 شخصاً تحت التعذيب في سجون القوات الحكومية خلال 2021.

لا التزام

ورغم أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين أطراف الصراع في درعا يتضمن عدم اعتقال أي شخص عمل على تسوية وضعه، إلا أن الأفرع الأمنية التابعة للقوات الحكومية اعتقلت منذ بدء تنفيذ الاتفاق، 67 شخصاً في المحافظة، وفقاً بما ذكره عضو مكتب “توثيق الشهداء”.

وأشار “الشرع” إلى أنه من أصل 67 شخصاً، أفرج عن 35 منهم في وقت لاحق، فيما لا يزال مصير الآخرين مجهولاً إلى الآن.

وفي السابع والعشرين من حزيران/ يونيو الماضي، تم إصدار عفوٍ جماعي بحق مئة معتقل من سكان درعا، فيما بلغ العدد الكلي للمفرج عنهم 192 شخصاً منذ صيف العام 2018، بحسب المكتب.

وبحسب مصادر محلية فإن الأجهزة الأمنية الحكومية اعتقلت عدداً من سكان قرية حوش حماد أقصى شرق منطقة اللجاة بريف درعا الشرقي على الرغم من إجرائهم للتسوية في شهر حزيران/ يونيو عام 2018 بعد الاتفاق الذي رعته روسيا آنذاك.

وبحسب ذات المصادر فإن الأجهزة الأمنية لم تلتزم باتفاق التسوية الذي جرى في 2018، حيث تم اعتقال سكان من محافظة درعا أطلق سراح بعضهم بعد دفع مبالغ مالية كبيرة لضباط في القوات الحكومية وصل بعضها لأكثر من 30 ألف دولار.

وفي أيلول/ سبتمبر العام 2019، اعتقل فيصل الصبيح (39عاماً) وهو من ريف درعا الشرقي على الأوتوستراد الدولي دمشق- عمان غرب مدينة أزرع بريف درعا الشرقي.

وبحسب أحد أقربائه، فإن “الأجهزة الأمنية الحكومية اعتقلت “الصبيح وأخبرونا بعد الاستفسار عنه أنه تم نقله إلى دمشق”.

وعمل “الصبيح” وفقاً لما أفاد به أحد أقربائه، قيادياً في فصائل المعارضة السورية قبل سيطرة القوات الحكومية على الجنوب السوري وانضم لاتفاق التسوية.

 وأضاف: “لم نعرف مصيره إلى الآن على الرغم من حمله بطاقة تسوية”.

إعداد: إحسان محمد – تحرير: سوزدار محمد