مزارعون في الرقة يشتكون من عدم حصولهم على مستحقاتهم للزراعة
نورث برس
يحاول المزارع خليل الحسين (33عاماً) من الريف الجنوبي لمدينة الرقة شمالي سوريا، تأمين بذار القمح والسماد بأسعار معقولة لزراعة أرضه، بالرغم من أن جميع الخيارات المطروحة لا تناسبه، ولاسيما بعد ضآلة إنتاج محصوله من القطن الموسم الماضي.
وشهدت مناطق شمال شرقي سوريا انخفاضاً في كمية إنتاج المحاصيل الزراعية العام الماضي، بسبب الجفاف الذي لحق بالمحاصيل البعلية كالقمح والشعير، إضافة لآفات أتلفت مزروعات كالقطن والذرة الصفراء من المحاصيل المروية.
وبحسب مزارعين، فإن محصول القطن كان غير متوقع حيث أنه شابه في قلته محصولي القمح والشعير من حيث ضآلة غلة الإنتاج.
صعوبات وتكاليف
ويعتزم “الحسين” زراعة خمسة هكتارات مروية من أرضه بالقمح، حيث تحتاج تلك المساحة إلى ما يقارب 2500 كيلو غرام من البذار والذي وصل سعر مبيعه لدى التجار إلى 1700 ليرة سورية للكيلو غرام الواحد.
ويعود سبب ارتفاع أسعار البذار لموجة الجفاف التي ضربت مناطق الإدارة الذاتية في شمال شرقي سوريا للموسم السابق.
وأدى الجفاف إلى نقص حاد في كمية إنتاج الزراعات المروية والبعلية، إذ وصل في معظم المناطق إلى مستويات شبه معدومة، بحسب تجار حبوب في سوق الماكف في الطرف الشرقي من المدينة.
وتحتاج أرض “الحسين” إلى 125 كيلو غرام من السماد الذي بلغ سعر الطن الواحد 650 دولاراً أميركياً، ناهيك عن ارتفاع الأسعار من التجار أثناء الموسم.
ويضاف إلى ذلك تكلفة سقاية المحصول باستخدام محركات الديزل، لعدم مرور قنوات الري من بعض الأراضي الزراعية، إذ يحتاج الهكتار الواحد المروي إلى 20 ليتراً من المازوت، بحسب مزارعين في المنطقة.
ويزرع القمح في المناطق الجافة، ويعد من المحاصيل غير المروية، لكن ريه يزيد من إنتاجه ووزنه، ثم يليه الشعير الذي يتحمل مناخاً أقسى من القمح من حيث جودة التربة وكمية المياه.
وبلغ سعر اليتر الواحد من المازوت 800 ليرة سورية في السوق السوداء ناهيك عن أجور العمال وتكاليف إصلاح محركات الري، بحسب “الحسين”.
أما تأمين البذار والسماد فقد اشتراها “الحسين” من تجار الحبوب في سوق الماكف، لعدم استلامه البذار المحسن والمعقم من شركة التطوير الزراعي في الرقة.
وتقدر تكاليف الحراثة بـ 500 ألف ليرة سورية لكل هكتار وما يخشاه “الحسين” هو ارتفاع أسعارها أكثر بعد غلاء أسعار المازوت الذي لم يتلقاه كدعم لأرضه المستبعدة عن الري.
ويبيع معظم المزارعين قسماً من محاصيلهم ويخزنون القسم الآخر لاستخدامه كبذار في زراعتها في كل عام على التوالي.
لكن ذلك ما لم يفعله “الحسين” وبقية مزارعي المنطقة بسبب القحط، ما اضطرهم للجوء إلى شرائه من السوق السوداء بأسعار عالية، أو من شركة تطوير المجتمع الزراعي.
دعم محدود
ويمتلك ثائر المصطفى (32عاماً) من كسرة عفنان 7 كم جنوب مدينة الرقة، عشرة هكتارات مزروعة بالقطن والذرة الصفراء والخضار الصيفية، لكن دون دعم من بذار وسماد من شركة تطوير المجتمع الزراعي في الرقة.
واقتصر دعم “المصطفى” من الشركة على 150 ليتراً من المازوت كل شهر لجراره الزراعي الذي يقول إنها “لا تكفيه لحراثة أرضه”.
وقال إن “هذه الكمية غير كافية والجرار يحتاج إلى 80 ليتراً لحراثة هكتارين ونصف كل يوم”.
وتحتاج الأرض من ثلاث إلى أربع مراحل من الحراثة لتصبح جاهزة لاستقبال البذار في كل موسم، وتتطلب حراثة هكتارين ونصف من 240 إلى 320 ليتراً من المازوت تقريباً.
واضطرار “المصطفى” إلى شراء باقي الكمية من المازوت للحراثة من السوق السوداء.
رداءة وتقصير
وقال حجي شهاب، وهو الرئيس المشارك لمجلس الشعب في الكسرات جنوبي الرقة، إن الريف الجنوبي لمدينة الرقة لم يتلق دعماً بالنسبة للزراعة عامة والمحاصيل الاستراتيجية كالقمح والقطن والذرة الصفراء خاصة.
وأعاد الشهاب ضعف إنتاج المحاصيل الزراعية في الريف الجنوبي إلى عدم توفر أنواع من البذور المحسنة والمعقمة.
والتقصير في تقديم المخصصات اللازمة للمحصول من أسمدة من قبل المزارعين، هو لارتفاع أسعارها في السوق السوداء وعدم تقديم المبيدات من هيئة الوقاية، بحسب “الشهاب”.
وفرة وتطور
وقال أحمد العلي، وهو الرئيس المشارك في شركة تطوير المجتمع الزراعي في الرقة، إن كل مزارع يملك رخصة زراعية منظمة في جميع القطاعات الزراعية في مدينة الرقة، يدعم بالمواد المتوفرة عن طريق لجنة تطوير المجتمع الزراعي.
وتقوم لجنة الزراعة والري بتوزيع البذور والأسمدة بأسعار مخفضة للمزارعين، بحسب “العلي”.
وأضاف لنورث برس، أن سبب عدم حصول مزارعي الريف الجنوبي في الرقة على الدعم هو عدم ترخيص أراضيهم الزراعية في لجنة التطوير الزراعي.
وأشار “العلي” إلى أن كمية البذار المخصصة لهذا العام لمدينة الرقة سبعة آلاف طن، وهناك كميات مخصصة لإقليم الجزيرة ستستقطب إن لزم الأمر.
وذكر أن كمية البذار الموجود حالياً تم تفعيلها عن طريق مكتب إكثار البذار في الجزيرة والرقة، بعد توزيعه الموسم الماضي على بعض المزارعين بالتعاقد معهم “والذي كان من صنف هجين وطورناه وعقمناه وأصبح من الأصناف الممتازة الآن”.
وبذار القمح الذي سيوزع على المزارعين هو بذار معقم ومغربل ومكيس، ذو تكلفة وصلة الى أكثر من 1700 ليرة سورية وسيباع بـ 1200 ليرة سورية للمرخصين لدى الجنة.
وسيتم توزيع كمية البذار بحسب الرخص المقدمة، بحسب شركة تطوير المجتمع الزراعي.
وأشار “العلي” إلى أن السبب في نقص الكمية الإنتاجية للمحاصيل الاستراتيجية كالقح والقطن في الخط الجنوبي “يرجع إلى اقبال المزارعين على زراعة الأشجار المثمرة، بحيث وصلت إلى 70 بالمئة من إجمالي المساحة المزروعة”.
وقال الرئيس المشارك للجنة الزراعة، إن هناك خطة لاستيراد صنف جيد من بذار القمح وسيتم توزيعه الأسبوع القادم وسنحاول دعم المزارعين الحقيقين للحفاظ على عدم الإتجار في هذه المادة.