الوجهة أوروبا واللاجئون هم أفراد عصابات تتبع للأمن الحكومي في السويداء

السويداء- نورث برس

يقول ضباط متقاعدون وأفراد مجموعات مسلحة في محافظة السويداء، جنوبي سوريا، إن أعداداً من عناصر تلك المجموعات سافروا مؤخراً إلى لبنان استعداداً للخروج إلى أوروبا، وذلك خشية وقوع بعضهم بيد فصائل مناوئة للحكومة والحصول على اعترافات وشهادات تفضح مشغليهم وخاصة بعد الاشتباكات الأخيرة التي شهدتها المحافظة.

ووفقاً لهؤلاء فإن معبر القصير الحدودي مع لبنان والذي يقع إلى الغرب من حمص هو المنفذ الذي دخل عبره أفراد المجموعات إلى لبنان.

ومؤخراَ, شهدت المحافظة توترات أمنية كبيرة جراء اشتباكات مسلحة بين فصائل محلية ومجموعات “محسوبة على الحكومة”.

ومنتصف الشهر الماضي، اندلعت في بلدة عتيل، في الريف الشمالي للمحافظة، اشتباكات بين عناصر مساندة لـ”رجال الكرامة” ومجموعات “فلحوط” المسلحة استخدمت فيها الأسلحة الخفيفة والمتوسطة.

ويقول مصطفى البحري (50عاماً) وهو اسم مستعار لمجند برتبة صف ضابط متقاعد لدى الأمن الحكومي، إن ما يقارب 60  فرداً من المجموعات المسلحة خرجت من السويداء حسب تأكيدات حصل عليها من أصدقاء وزملاء عمل سابقين له في الأمن العسكري في السويداء.

وبحسب الضابط المتقاعد  فإن “هروب” العناصر بدأ منذ شهرين وبتوجيه وتنسيق بين ضباط أمن حكوميين وفصائل حزب الله وذلك عبر معابر حدودية يشرف عليها الأخيرة.

ويشير “البحري”، الذي فضل عدم نشر اسمه لأسباب أمنية، إلى أن نسبة خروج العناصر إلى لبنان  بلغت إلى الآن وعبر معلومات أمنية مسربة من مقار أمنية حكومية، ٢٠ ٪  “وهي نسبة عالية خلال مدة زمنية قدرها شهرين”.

“مجموعات مسلحة خطيرة”

وبحسب معلومات حصل عليها الضابط المتقاعد، فإن المدعو “حيان فلحوط” وعدداً من رفاقه في مجموعة مسلحة تتبع إلى متزعمها وابن عمه “راجي فلحوط” خرجت الشهر الفائت من السويداء مع مجموعات حزب الله إلى لبنان عبر منفذي القصير والخط العسكري الحكومي في منطقة المصنع الحدودية بين سوريا ولبنان .

ويعتقد “البحري” أن هناك ثلاث مجموعات مسلحة خطيرة تعمل تحت رعاية وحماية الأمن العسكري بالسويداء وهي “مجموعة مزهر” وتضم ما يقارب الـ٨٠ مسلحاً وتتمركز في مدينة السويداء القديمة ولها مريدين وتابعين من مختلف مناطق السويداء وبأسماء حركية مختلفة.

بالإضافة إلى مجموعة “سليم حميد” التي تعمل أيضاً بتوجيه من الأمن العسكري ومقرها بلدة قنوات بريف السويداء الجنوبي الشرقي وتضم ما يقارب الـ١٥٠ مسلحاً يتحدرون من البلدة وخارجها.

ومجموعة “راجي فلحوط”، ومقرها بلدة عتيل بريف السويداء الجنوبي تضم ما يقارب الـ١٥٠ مسلحاً.

ويتهم سكان، المجموعات المسلحة في السويداء “بعمليات خطف وقتل وسلب تشهدها المحافظة وبأن الأجهزة الأمنية الحكومية على ارتباط وتواطؤ معها”.

ومنذ أسبوعين، علم محمود هزيمي (30عاماً) وهو اسم مستعار لأحد أفراد مجموعة مسلحة، أن أحد معاوني قائد المجموعة التي ينتمي إليها هاجر إلى دولة أوروبية عبر لبنان ثم تركيا.

ويقول “هزيمي” إن “عدداً من المقربين من قائد المجموعة اختفوا تماماً، لم نعد نراهم بيننا، علمنا في ما بعد أنهم هاجروا خارج البلاد”.

ومنذ نحو عامين، التحق “هزيمي” وثلاثة من أصدقائه بإحدى المجموعات “بهدف إيجاد فرصة عمل لنا والخروج من حالة البطالة التي كنا نعيشها”.

ويشير إلى أن قائد المجموعة أعطاهم راتباً شهرياً بقيمة ١٥٠ ألف ليرة سورية مقابل الخروج في مهمات ليلية ونصب “حواجز طيارة” عند استدعائهم من قبله.

ويتجاوز أفراد المجموعة التي ينتمي إليها “هزيمي” ووفقاً لما ذكره لنورث برس،  الـ ١٥٠ فرداً غالبيتهم من الشباب ومنهم دون العشرين عاماً.

أسباب أمنية

ومنذ أسبوع، قرر رستم هزار (35عاماً) وهو اسم مستعار لأحد أفراد مجموعة تعمل في ريف السويداء الشمالي الشرقي وبتشجيع من قائده السفر خارج البلاد “لأسباب تتعلق بأمننا الخاص”.

ويقول “هزار” إنه ترك مجموعته وسيتوجه إلى لبنان عبر منافذ عسكرية تتبع إلى الأمن الحكومي، “لأننا نملك بطاقات أمنية تساعدنا على التحرك والتنقل بسهولة”.

ويشير في حديث لنورث برس إلى أن عشرة من أفراد المجموعة التي ينتمي إليها غادروا السويداء إلى خارج البلاد، منهم اثنين بحقهم دعاوى جنائية وقضائية “ولكن لديهم في الوقت ذاته بطاقات أمنية منحت لهم من قبل الأمن العسكري”، على حد قوله.

ويرى رستم الزين (59عاماً) وهو اسم مستعار لأحد وجهاء السويداء أن مهمة تلك العصابات المسلحة هي إحداث شرخ مجتمعي وترويع السكان وجني أموال من عمليات الخطف وتسليمهم فدى مالية كانت تدفع لهم من عائلات المخطوفين بهدف إطلاق سراحهم.

وتشهد المحافظة وأوتوستراد دمشق-السويداء حوادث خطف واعتداءات من عصابات مسلحة تطالب بمبالغ مالية مقابل إطلاق من اختطفتهم، ولا يحد من ذلك انتشار مفارز ونقاط أمنية حكومية على طول الطريق، بحسب سكان وسائقين.

ونهاية الشهر الماضي، اختطفت مجموعة مسلحة أحد سكان مدينة السويداء والذي يتحدر من عائلة ميسورة الحال، حيث دفعت عائلته  ١٥٠ ألف دولار أميركي مقابل إطلاق سراحه، وفقاً لما ذكره “الزين”.

وكما سابقه، يشير “الزين”، اعتماداً على  معلومات حصل عليها من مصار لم يحددها، إلى أن خروج عناصر المجموعات من السويداء جاء بتوجيه من الأمن الحكومي “وتحت ضغط ومحاصرة المجتمع المحلي والأهلي لهم”.

إعداد: سامي العلي – تحرير: سوزدار محمد